آخر الأخبار

نحو فهم آخر : أزمة القراءة الفقهية ..

 



 

علي الأصولي

 

 

إن مشكلة الفهم الفقهي المعاصر بعد كبرى التحولات السياسة في العالم والمنطقة يشكل قطيعة تبعا للموروث الفقهي ، ومن هنا دأب الفقه التقليدي ومعالجة هذه الإشكالية بتبني أراء لا تخرج عن كونها عناوين ثانوية وهي بالتالي أحكام استثنائية تقدر بقدرها ووجودها مشروط بوجود مسبباتها ،

 

بيد حاول الفقهاء الحركيون، حاولوا القفز على المشكلة بعد أن تبنوا الخطابات السياسة ومواجهة المتغيرات، غير أن هذا القفز لم يقدم علاجا واقعيا حقيقيا لأصل المشكلة ولذا انسجم هذا الفريق مع خطاب الفريق التقليدي وتفعيل العناوين الثانوية لغرض تمشيت الحال، بل يجد المتتبع أن الخطابات التقليدية أهون حالا في الجملة من خطابات غيرهم لا أقل من الناحية النظرية ،

 

السياق التاريخي لتشكيل الدول الحديثة ومبادئها في العالم الإسلامي شكل قلقا جديا في الأوساط الشيعية والسنية معا كون هذه الأوساط تعايشت مع النظام العثماني ردحا طويلا من الزمن سواء كان هذا النظام له شرعية بالنظر الفقهي السني أو معدوم الشرعية في عصر الغيبة كما هو إجماع فقهاء الإمامية في عصر الغيبة الكبرى إلا من حاول تصحيح المسار وإعطاء الغطاء الشرعي كما في عصر الكركي إنذاك ،

 

بالتالي الأوساط تعايشت وهذا النظام بصرف النظر عن طبيعة الأنظار ،

 

وبعد معايشة طويلة جاءت كبرى الدول بحملات استعمارية وأزاحت الخلافة العثمانية وحصرت نفوذها في اسطنبول وضواحيها - الى حدود دولة تركيا اليوم - فارتبك الموقف الفقهي - لا أقل في العراق - بين من يرى النهضة والمواجهة كما هو شأن مرجعيات الشيعة أو الانتظار والمهادنة في الجملة كما هو الموقف الفقهي السني ، وبالتالي خرج الشيعة بقضهم وقضيضهم من الساحة السياسة وبقي الأكثر على هامش الدولة الحديثة لتاريخ ما بعد سقوط - الصنم –

 

بحث الفقه الشيعي عن شكل الدولة المتصورة وطبيعتها ووظائفها وكيفية ملائمة الواقع مع الفقه والتراث الإسلامي فكان ناتج هذا الانشغال والتفكير ظهور التفكير السياسي الفقهي الإمامي ، وتأثر هذا التفكير بتجارب سياسية إسلامية من خارج المذهب كتجربة - حزب التحرير - وتجربة - إخوان حسن البنا - وصولا لتبني مشروع ولاية الفقيه العامة بعد نحت الأدلة والاستظهارات من نصوص الأخبار والروايات ،

 

بينما اكتفى المشهور الإمامي ، والبقاء في إطار القدر المتقين من الأدلة مع معالجات فقهية مرحلية من قبيل جواز قبول ولاية الظالم مع الضرورة وقبول بالتالي هداياه وتعطيل جملة من الفرائض ، آلى ان يرث الله الأرض ومن عليها بعد أمد غير معلوم ، مع ملاحظة الصراعات في مجالس الدرس بين الفريق الحركي والفريق التقليدي حول تفسير الدين وتمثيله وطبيعة الخطاب والتواصل مع الجماهير وغيرها من الاثارات التي بقيت لليوم آثارها وهو ما أنتج مصطلح - الحوزة الساكتة في قبال الحوزة الناطقة - والأفق ببابك ،

 

وفي ظل الوضع الجديد وضغط الواقع أجاز الفريق التقليدي والمشاركة الفاعلة بالقرار والحياة السياسة ، بينما كان للفريق الآخر قدم السبق في هذا المضمار تبعا لأدبياته التي تبناها في رتبة سابقة ،

 

وبالمحصلة: في ظل الواقع الضاغط والتشابك والتقاطع بين المبادئ والمصالح لم يقدم اي فريق حلا لجماهيره بل غاية ما نجد هو ترحيل المشاكل على أن ترحيلها لا يعني حلها بقدر ما هو تأجيل الصدام ولو بعد حين وكل ذلك ناتج من أزمة القراءة الفقهية والعرف ببابك ولا مزيد ..

 

إرسال تعليق

0 تعليقات