عزالدين البغدادي
من المعروف عند الشيعة أن السمك أذا لم تكن له قشور (فًلَس) فإن
أكله محرم، ومن أهم أنواع السمك الأملس هو سمك الجري..
ومعروف أن الشيعة لا
يأكلون هذا النوع من السمك، لكن ليس بسبب القصة الشائعة التي تقول بأنها كدرت
الماء على الإمام علي ع وهو يتوضأ، وأن غضب بسبب ذلك وقال لها: لعنك الله ولعن
الله من أكلك، فهذا القصة لا أصل لها.
ومع ذلك فإن تحريم الجري ليس أجماعيا كما قد تعتقد، فهناك طائفتان
من الروايات:
الأولى نصت على التحريم، وهو ما ذهب إليه المشهور، ومن تلك الروايات ما
ورد عن الإمام علي (ع): : "أنهاكم عن الجري والزمير والمارماهي والطافي
والطحال".
وفي خبر عن الإمام الصادق (ع): ما لم يكن له قشر من السمك فلا
تقربه.
الثاني: دلت على الحلية، وفيها أحاديث كثيرة صحيحة السند منها صحيحة محمد
بن مسلم عن أبي جعفر(ع) أنه سئل عن سباع الطير والوحش حتى ذكر له القنافذ والوطواط
والحمير والبغال والخيل، فقال: ليس الحرام إلا ما حرم الله في كتابه.
ومنها: صحيح محمد بن مسلم قال عن الإمام الصادق (ع) بنفس المعنى.
ومنها: صحيح زرارة قال: سألت أبا عبد الله(ع) عن الجرّيث؟ فقال:
وما الجرّيث؟ فنعته له، فقال:- ( قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً على طاعم يطعمه)
إلى آخر الآية، ثم قال: لم يحرّم الله شيئاً من الحيوان في القرآن، إلا الخنـزير
بعينه، ويكره كل شيء من البحر ليس له قشر مثل الورق، وليس بحرام، إنما هو مكروه.
وهذا ما ذهب إليه الشيخ الطوسي في أحد كتبه وابن البراج، حيث ذهبا
الى الكراهة جمعا بين روايات النهي وروايات التحريم، وهو رأي السيد فضل الله (رحمه
الله)، وهو الصحيح.
أما بيض السمك، فهو تابع له في الحلية والحرمة. وهنا إشكال يتعلق
بالكافيار وهو بيض سمك يعرف بسمك الحفش يكثر في بحر قزوين، وتشتهر به إيران، وله
خصائص غذائية هامة، ويباع بأسعار غالية جدا جدا، مما يجعله يمثل قيمة اقتصادية
هامة.
واذكر أني كنت أقرأ أن المعارضة الدينية الإيرانية أيام الشاه
بهلوي كانوا ينكرون عليه فتح معامل لإنتاج الكافيار رغم حرمته.. لكن بعد سقوط
الشاه استمر إنتاج وبيع الكافيار، وقد راجعت فتاوى العلماء في ذلك، فمنهم كالشيخ
جواد التبريزي والسيد الشيرازي والسيد المدرسي ذهبوا إلى حرمته، ومنهم من اخذوا
موقفا محيرا وغير دقيق حيث قالوا: بان السمك إن كان ذا فلس فيجوز أكل بيضه وإن كان
بغير فلس، فيحرم أكله.
والأكثر غرابة ما قاله بعض الفقهاء من أن الكافيار له فلس لكنه
دقيق جدا، ولا يكاد يرى إلا بالدقة المتناهية‼ رغم أنه أملس فعلا.. وكان بإمكان
الفقيه أن يأخذ بروايات الإباحة لصحة سندها وموافقتها للنص القرآني ولاصالة
الاباحة.
(ملاحطة الصورة المرفقة لسمك الحفش وتلاحظ أنها ملساء بلا قشور أو
فلس كما يعبر عنه)
والله المستعان
0 تعليقات