أبو احمد المهندس
لكي نعرف حقيقة موقف الفلاسفة الثلاثة القدماء ( أفلاطون وأرسطو والفارابي
) من الديمقراطية ، ولماذا وصفها أفلاطون بأنها نظام متخلف ، يتقدم فقط على النظام
الاستبدادي ، وكانت توضع في الفلسفة القديمه الى جانب (الاوليغارشيه والتمارشيه
والتيرانيه ) وغيرها من أنظمة الحكم الفاسدة ، وأما الفآرابي كان يسميها ، المدينة
الجماعية أو مدينة الأحرار وقسم المدن الى أربعة مدن ، احدهما المدينة الجاهلية ، وأدرج
تحت أنواعها المدينة الجماعية (الديمقراطية) !!
أولا ، علينا أن نعرف كيف يعرفها هؤلاء ؟!! .
يقولون هؤلاء أن الديمقراطية هو نظام سياسي يكون فيه الفرد حرا في
فعل أي شيء ومساويا للآخر ، فالحرية والمساواة هما الركنان الأساسيان للنظم
السياسية الديمقراطية.
إذن لماذا رفض هؤلاء هذا النوع من الحكومات ؟؟!! نقول ؛ السعادة
كانت هي الهدف الاسمي والنهائي للإنسان في الفلسفة القديمة ، والسعادة كانت امرأ
متعاليا ، لها موازين ومقاييس عامة وثابتة ، وعقل الإنسان فقط باعتباره أيضا جوهرا
متعاليا وساميا قادر على إدراك هذه المفاهيم . والسعادة الإنسانية الحقيقية ، تكمن
في التقرب من المطلق ، والمطلق أو الكمال المطلق يمكن الوصول إليه عن طريق
الاستدلال العقلي .
أي أن السعادة في نظر هؤلاء يعد أمرا (مابعد طبيعي) ، والعقل الذي
يشخص هذه السعادة ، ويدركها أيضا أمرا (مابعد طبيعي) ووجود ( متعالي )!!!
وبذلك يكون طريق نيل هذه السعادة ، طريقا واحدا أسموه الفلاسفة
القدماء (الفضيلة)، و (الفضيلة) أيضا لها أصول ومقاييس يدركها العقل فقط ، وقد حدد
(أفلاطون وأرسطو) أنواع أربعة للفضيلة ، هي: الحكمة والعفة والشجاعة والعدالة ، والإنسان
في نظر هؤلاء ينال السعادة بتحصيل هذه الفضائل الأربعة .
فالحياة السعيدة كما يعتقد هؤلاء ، هي تلك التي تتطابق ومدركات
العقل الإنساني ، والسعادة تتحقق إذا كانت القوى الإنسانية في خدمة العقل.
ومع أن الحرية ( احد أركان تعريفهم للديمقراطية) التي تعني ان يفعل
الإنسان كل مايريد ، إلا إن الحياة السعيدة عند الفلاسفة القدماء كانت تعني
الائتمار بما يقتضيه العقل فقط ، وهكذا فالحرية المطلقة أمر غير مرغوب فيه في تلك
الفلسفة. وكذلك الديمقراطية لكون الحرية احد أركانها الأساسية !! …..
وأخيرا ؛ أحببت ان انوه ان فلاسفة مابعد الحداثة ، أمثال هايدغر
ونيتشه وهوبير لاجارديل وتشارلز موراس وكارل شميت وأوسفالد شبينغلر وإليعازر مناحم
شاخ وغيرهم ، يرفضون أيضا مفهوم الديمقراطية كنظام صالح للحكم ، لكن لأسباب تختلف
عن الأسباب التي رفض بموجبها الفلاسفة القدماء الديمقراطية !!!
0 تعليقات