محمود جابر
المجموعة القصصية لروبير الفارس بمدخلها – الإهداء- تأخذك خفة روبير الفارس
حينما يصف نفسه بشهر فبراير ..... القصير المضطهد، وهو مدخل مشجع لحبى له ...... (
أقصد الشهر)... وروبير أيضا ...
القصة الأولى فى الراعي والنساء تكثف لحظة اجتماعية فى عالم الرأسمالية
وتسليع كل شىء وكل شىء بثمنه من خلال الأبيض والأسود( يوسف شعبان/ فرج) فى ذقاق
المدق، وحتى لو تحول فرج فى عالم الرأسمالية إلى مندوب مبيعات أدوية فى شركة
مرموقة وذات سمعة، لكن رشاقة حرف – روبير-
يجعل من فضح الرأسمالية حتى لو شركة – محترمة- ولكنها تبيع الأجساد من اجل الحصول على نسبة من ربح اللذة
.... إنها ليست قصة فى سطور بل فضح لسياسات بهوى روائي محترف يفضح فيها تلك
الممارسات وكأنني اقرأ ( الحرام) ليوسف إدريس ولكن بتكنيك وحرف مختلف لا تقل روعة وأدبية عن العظيم (إدريس) .
ومن إدريس إلى حمار الحكيم، ولكن الحمار لا يذهب الى دكان الحلاق، بل الى
الحانة يستمتع بما يقص عليه المستغل بحروفه وحروف النهود الفائرة لمجرد انه أصبح
كبير الحمير فى عالم الورق المحبرة فى التسبيح بحمد الجالس فوق الكرسى المشار إليه،
فكلما كان (المستغل) يمدح فلا احد يبصر كل نزواته واتجاره فى الأجساد لمجرد ان يتيح
لهن فرصة فى ملىء المساحات البيضاء بأقلام الشفاه، وهى قصة يتكرر رفسها فى محلات
متعددة وأزمان مختلفة غير ان الرصد الروائى لـ " روبير" كان إبداعيا على
أروع ما يكون، فى تماهى الزمن مع الحدث فى الانتقال الرائع والمشوق والذى يجعل
القارىء يتخيل شخوص متعددة فى هذه الرواية .
فالحواس المرذولة يمكن أن تتذوق خمسة أطباق من الأرز باللبن أثناء
الاستمتاع بتصفية معارض للنظام بيد سوداء إرهابية، برضي وترحيب من النظام لصناعة
فزاعة لأقرانه من المعارضين وإشاعة جو من الخوف فى صفوف المواطنين هكذا تأتى حكاية
روبير لفضح بعض الممارسات الأمنية – الطائشة – التى يدفع الوطن ثمنها، وهى رواية على غير مثال وعلى غير توقع...
ومن خلال ما مر استطيع أن أقول إن عالم روبير الذى يخلط فيه الواقع بالخيال، ومن خلال السرد وصفا
وحوارا وصراعا بين الشخصيات وما ينطوي عليه ذلك من تأزم وجدل وتغذية الأحداث، فى
عالم روبير الروائى له طعم خاص، طعم فبرايرى قصير ومتردد وعميق وغير ممل.
كما ان شخصيات الرواية سواء الدكتور يونان أو الصيدلي مندوب
المبيعات لشركة الأدوية، أو الحوار مع الحمار شخصيات تجذب القارئ وهى شخصيات ذات أبعاد ثلاثية مثل باقي شخصيات الحياة: أشخاص
لهم مخاوف وآمال، أشخاص لهم نقاط ضعف ونقاط قوة، أشخاص لهم هدف أو أكثر في الحياة،
ورغم قصر الحكاية إلا أن كل شخصياته تقنية وسرد هى شخصيات محورية، وتتميز بكل
مميزات التحدي للخصم أو للشر، سواء كان
شرا بسيطا كالدكتور الذى طلب متعة، او شخصيات مركبة كالضابط الذى صعق لمعرفته
الحقيقة بعد البحث، وحكايات روبير وأبطاله يخضون صراعا سلوكيا غير تقليدى.
الحبكة والزمن الموضوع التفاصيل تعدد الشخصيات أنماطهم السلوكية،
وظائفهم فى الحياة، هى موضوعات متنوعة تدل على تنوع شخصية روبير وروايته وتجعلها
وجبة رواية شهية وممتعة وعميقة رغم أنها تأتى فى أسلوب سهل بسيط جذاب وقصر كما
روبير ..........
(الراعى والنساء) رواية تحتاج لمزيد من الكتابة ولكنها تمثل قمة
المتعة الروائية .
0 تعليقات