علي الأصولي
ذهب الطبري على أن أجساد شهداء كربلاء تم دفنها في اليوم الحادي
عشر من المحرم، تبعا لرواية ابي مخنف إذ نص: ودفن الحسين وأصحابه أهل الغاضرية من
بني أسد بعد ما قتلوا بيوم - انتهى" وعلى هذا القول ذهب المسعودي والبلاذري
وابن الأثير وابن كثير ، واغلب هؤلاء تابعون للطبري في نهاية المطاف، بيد أنه لم
يصدر من مؤرخي الشيعة اي موقف على الرأي السني الرسمي الأول، فبينما سكت الشيخ
المفيد في - الإرشاد - نوه ابن طاووس في - اللهوف - عن قبوله بعرض سردي سريع وهذا
الشأن، غير أن ابن شهر اشوب في - المناقب - صرح بنفس تصريح الطبري بل هي عبارة
الطبري، بالتالي هذه المسألة تاريخية صرفة لا يتوقف على تبيانها أو إخفائها أثر
شرعي بالنتيجة،
ما يعنينا أن رأي من تأخر لا يعول عليه خاصة إذا عرفنا بأنه بلا
مستند ومن الغريب وفي سبيل تصحيح الرأي المتأخر بناء على شهرته على ألسنة شعراء
الطف!
ما يهمنا هو حضور الإمام السجاد(ع) او عدم حضوره لدفن الأجساد في
كربلاء، ويبدو لي بأن مستند هذا الرأي هو - المعصوم لا يليه إلا المعصوم - ومحاججة
الإمام الرضا(ع) مع الواقفة حول الطريق الاعجازي الذي من خلاله حضر الإمام بعد أن
كان مقيدا وتحت الحراسة في الكوفة،
غير أن قاعدة - المعصوم لا يليه إلا المعصوم - اعم من المدعى، مدعى
الحضور للدفن، إذ ربما - كاحتمال - إذا سلمنا بالقاعدة - أن يكون معنى يليه -
يغسله - او معنى يتولى شؤونه بعد موته، وكنا ترى إذا دخل الاحتمال بطل الاستدلال.
المهم أن هذا المعنى - معنى التولي - حصل بطبيعة الحال في وقت استشهاد الإمام
الحسين(ع) حيث تسلم زين العابدين(ع) المسؤولية بعد رحيل أبيه، وبالتالي على فرض
ضرورة معنى - يليه - يعني يغسله - فمعلوم أن الحسين بن علي(ع) شهيد وقد دفن مضرجا
بدمه كما هو المرتكز في ذهن المتشرعة، وهنا يمكن طرح السؤال وهذا السياق، هل
الإمام بعد مقتله يجب ان يغسل او يعتبر شهيد ولا يغسل، مع ملاحظة شروط الشهادة
الفقهية وننتظر الإجابة من قبلهم على اي حال؟
قلت في مقالات سابقة أن من قام بالدفن، دفن الشهداء هم جماعة من
قبيلة بني أسد التي كانت مضاربهم قريبة على المعركة، ومن خلال جغرافية المدافن
الحالية فإن الإمام الحسين(ع) دفن على حده، ثم ضريح علي بن الحسين الملقب بعلي
الأكبر مما يلي رجلي الإمام الحسين(ع) من جهة الشرق، ثم ضريح شهداء بني هاشم والأنصار
- بصرف النظر عن كونهم مجتمعين او بني هاشم بحفرة والأنصار بأخرى - المهم القبر او
القبور جماعي او جماعية، ولنا أن نسأل وعلى فرضية وجود زين العابدين(ع) وإشرافه
على الدفن، دفن - الهاشميين وغيرهم - في مدفن واحد، أو كل جماعة بمدفن، إلا يعتبر
هذآ الدفن من المكروهات فقهيا حيث نصت الفتوى على - كراهية وضع ميتين في لحد او قبر
واحد - فما بالك بالجميع في مدفن واحد أو مدافن جماعة مع وجود المندوحة؟!
لا يقال بأن الإمام كان على عجالة وهذا الدفن فهذا أمر لا دليل
عليه، بالتالي أما أن تلتزم رأي أن المعصوم عمل بالكراهة او أن بني أسد استعجلوا
بدفن بني هاشم والأنصار خوفا من عيون العسس، وأنت بالخيار!
أن قلت: أن دفنهم جميعا مما لا دليل عليه وكونهم بقبر واحد،
فالمعصوم لا يقع في مثل هذا المحذور الكرهاتي، بل ولن نعقل بأن بني أسد على فرض
كونهم هم من قام بعملية الدفن وحدهم لا نعقل بأنهم يجهلون أبجدية واجبات ومستحبات
ومكروهات الدفن، بالتالي يمكن القول بأن بني هاشم والأنصار كلهم دفنوا كل على حده،
وهذا الرأي محترم ووجيه على اي حال، ولكن يلزم منه أن قبور بني
هاشم والأنصار ممتدة إلى الرواق من الصحن الحسيني شرقا، يعني يمكن حسابها لكل قبر
متر واحد مما يلي رجلي الإمام الحسين(ع) بعد احتساب أن بني هاشم ثمانية عشر فردا
وسبعين نفر من الأنصار ولك أن تحتسب المسافة، وهذا يعني ان قبور الشهداء أوسع مما
عليه الآن بل تمتد إلى قريب سور الصحن الحسيني وهذا الفرض،
وهذا ما نبه عليه المظفر الشيخ عبد الواحد في كتاب - بطل العلقمي -
والكلام يطول والى الله تصير الأمور .
0 تعليقات