هادي جلو مرعي
تمر الذكرى المائة على إعلان فيصل الأول
ملكا على العراق، ومن بعده ولده غازي الذي أغتيل عام 1939 ليخلفه عبدالإله وصيا
على العرش حتى 2 مايو 1953 اليوم الذي توج فيه فيصل الثاني ملكا حيث لم يمهله
القتلة سوى بضع سنين، وأردوه صريعا هو وأسرته التي تتكون من النساء والأطفال في
حديقة القصر الملكي، سالكا درب أجداده الهاشميين الذين قتلوا ظلما وعدوانا.
في سبات عميق يغط الإعلام العراقي عن ذكرى
23 آب أغسطس 1921 يوم تتويج أول ملك هاشمي
على العراق بعد ثورة العشرين الخالدة على المحتل البريطاني الغاشم الذي عرف معدن
العراقيين وتمردهم على الطغاة والمحتلين، ورفضهم الخنوع.
في مثل هذا اليوم تم
تنصيب الملك فيصل بن الحسين الذي كان والده شريف مكة وسيدها كما هو عهد الهاشميين
الذين تليق بهم السيادة التي إختلطت بتواضع جم، ووقار وسكينة، حيث بدأت معالم دولة
تتجه الى العصرية والتمدن والعمران، وبعض التطور الذي صاحبه شكل سياسي وإعلامي
وتمثيل برلماني، مع مارافق تلك المرحلة من وجود الإقطاع، وغياب المثالية في الحكم.
مر العراق بتجربة رائدة من بين بلدان الشرق
الاوسط والبلدان العربية التي كانت مستعمرات بدائية، غير إن تطورات الأحداث أرغمت
البريطانيين على الخضوع للإرادة الشعبية، ومحاكاة الوجدان الوطني العراقي، والقيام
بإصلاحات جوهرية أدت الى قيام حكم وطني متوازن وضع أسس الدولة الحديثة التي صمدت
حتى العام 1958 بإنقلاب تموز الإجرامي الذي فكك الدولة العراقية، وجعلها نهبا
للعسكر والقتلة والأحزاب والنزعات الفكرية المختلة والآيدلوجيات الوافدة، ودفع
العراقيون ثمن ذلك من خلال تعرض دولتهم الى التفكك والإنهيار، وسيطرة المرتزقة
والموتورين وأصحاب السوابق والسجلات السوداء الذين رهنوا العراق الى الحروب
والمجاعات والتبعية والإصطفاف.
ماالذي يمكن للعراقيين أن يفرحو به بعد كل
هذه السنين التي مرت على تأسيس اول نظام ملكي دستوري مدعم بديمقراطية ليست مثالية،
لكنها لبت طموح فئات إجتماعية تبحث عن نهضة الأمة وعلوها، فالإنقلاب على النظام
الملكي من مجموعة من الضباط مثل مرحلة تفكيك الدولة، وضياعها، وتحولها الى دولة
إجتهادات وإملاءات وزعامات تفكر فقط في كيفية البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة،
دون الإهتمام بالشعب، ولعل كل مانتج من مشاريع ومحاولات تحديث وإعمار كان في العهد
الملكي، وليس نتاج الحقب السياسية الفاسدة التي أعقبت الإنقلاب على ذلك النظام،
والتي تمارس هواية تدمير العراق حتى اليوم وربما الى مراحل قاسية مقبلة.
0 تعليقات