آخر الأخبار

نحو فقه آخر : حاكمية الرواية على القرآن .. فقه النظر لعورة الكافر أنموذجا ..

 



 

 علي الأصولي 


بعض الفتاوى الفقهية التي يلتزمها الفقهاء في مقام العمل سببت لنا إحراجا كبيرا في عدة مواضع، منها الرد على الخصوم،

 

وسبب الالتزام بهذه الافتاءات هو بحسب مخرجات سيطرة الفقه الروائي الحاكم على الفقه القرآني، فمثلا :

 

 نص المحقق الخوئي كما في - التنقيح ج٣ ص ٣٨٥ - وهو أستاذ الفقهاء المعاصرين - على أن حرمة النظر إلى عورة الكافر فيه نظر وخلاف، وقد ورد جوازه - أي هذآ النظر - في روايتين - وإن احتمال المحقق الخوئي كونها رواية واحدة بالأصل بالتالي يعني اتحادهما - إحدى تلك الروايات هي حسنة ابن أبي عمير عن غير واحد - طبعا عدم ذكر من هم هؤلاء وإن كان بحسب الصنعة يعني مجهوليتهم وبالتالي كون السند مرسل ومعلوم أن الإرسال لا يمكن الاستفادة منه بالفتوى خاصة عند السيد الخوئي، لكن بما انه توجد قاعدة تصحيح مراسيل ابن أبي عمير - وبحسب افاداتهم مراسيل ابن أبي عمير كمسانيده - بالتالي الرواية وفقا للصناعة معتبرة ولذا وصفت بالحسنة،

 

المهم: حسنة ابن أبي عمير عن غير واحد عن الصادق(ع) قال" النظر الى عورة من ليس بمسلم مثل النظر الى عورة الحمار" انتهى: ومعلوم فقهيا الجواز النظر الى عورة عموم الحيوانات بلا نكير بينهم،

 

والرواية الثانية فهي مرسلة الصدوق عن الصادق(ع) أنه قال: إنما اكره النظر الى عورة المسلم، فاما النظر الى عورة من ليس بمسلم مثل النظر الى عورة الحمار" انتهى:

 

فإن كنا نحن وهذين النصين فالجواز مما لا شك فيه سواء قلنا بتعدد النصين أو اتحادهما، ولذا قال المحقق الخوئي معللا الوجه فيه، بدعوى أن عورة غير المسلم كعورة الحمار بلحاظ نزول غير المسلم عن الإنسانية، وساقط عن الاحترام فحالهم بالتالي حال الحيوان لأنهم كالأنعام وأضل سبيلا - وان كان غير المسلم مسالما أو تربط به علاقات تجارية أو ثقافية أو سياسية - على رأي الخوئي وتلامذته ممن سار بهذا المنحى، وإن كان مسالما ونحو ذلك من المذكورات!

 

هذه الفتاوى ليس من شأنها ونقض غزل العلاقات بين المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية البعيدة جغرافيا فحسب بل شأن هذه الفتاوى انهيار العلاقات داخل المجتمع الواحد ذات الأديان المتعددة، وكل هذا لأجل رواية التزم جوازها صاحب - الوسائل - وصاحب - الحدائق - بل الصدوق على ما فهم الخوئي، ولذا نجد المحقق الخوئي التزم مضمونها وإن احتاط بالتالي، على أن هذا الاحتياط بحسب الصنعة والرواية لا محصل له نعم: احتاط بالعنوان الثانوي فحسب،

 

وبالجملة: لو أغمضنا النظر عن إعراض الأصحاب وهذه الرواية، فلا يمكن القفز على إطلاق مفاد { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} الدالة بإطلاقها على وجوب غض البصر عن كل عورة بصرف النظر عن الدين والمذهب والشكل والعرق ونحو ذلك،

 

وان حاول المحقق الخوئي رد دعوى الإطلاق بدعوى أن الآية ناظرة إلى الجامعة الإسلامية وتكفلت ببيان وظيفة بعضهم بالإضافة إلى البعض الآخر ،

 

فيرد عليه: أن المجتمع الإسلامي لا يخلو من نصارى ويهود وصابئة وغير ذلك، بالتالي الآية ناظرة للمجموع بما هو مجموع ولطول الزمان وتحديده لتكليف فئة دون فئات تحتاج إلى دليل وهو مفقود كما ترى،

 

ولا يقال: يمكن تقييد الآية برواية حريز وما عن حنان بن سدير وأخبار المؤمن أخ المؤمن والمسلم أخ المسلم ، بالتالي كل من كان خارج مفهوم الإخوة الإيمانية والإسلامية فهو ليس منهم، فيمكن الاحتجاج بنص الخلق صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق" وإن لم يدل هذا النص على الإخوة الدينية فهو صريح في الإخوة الخلقية، بالتالي ليس من المروة سحق مبادئ الإخوة والنظر للعورة بدعوى كون المنظور إليه حاله كحال الحمار !

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات