رأفت السويركى
في ساحات الصراع الدولية المعاصرة حين يجلس "دهاقنة السياسة"
في الغرف المغلقة لخوض نمط "حروب التفاوض"؛ فإنهم يجيدون استخدام تكتيك
"المسح على ظهر القط الشرس" بنعومة لكي لا يُشْهِر بالتحفز مخالبه خوفاً
وفزعاَ؛ لذلك فلا بأس من إستراتيجية دفع الخصم للظن بأنه فاز لكي يحصل على بعض
وليس كل ما يريد؛ ويقدم مقابلاً لذلك بما تقتضيه إستراتيجية الأخذ مقابل العطاء
وبما يرضي خصمك الذي تنازل للتفاوض معك!
هكذا هي اللعبة "الأميركو/طالبانية" الراهنة في
أفغانستان؛ والجاري التغافل المتعمد للتعمية على حقائقها وحساباتها الاستراتيجوية
وسيناريوهاتها؛ عبر تكثيف الترويج الهائل لما أطلقوا عليه تسمية "هزيمة القرن
الأميركية"؛ خاصة وقد أشهرها بنفسه ـ لترسيخ التوجه ـ واعترف بها الرئيس
الأميركي "جوبايدن" بما مثَّلَ ذروة الإثارة السينمائوية بأن
"أفغانستان مقبرة الإمبراطوريات"؛ قاصداً الانسحابات اضطراراً التي أُجْبِرَت
عليها "الإمبراطورية البريطانية العظمى 1842م"؛ ثم "الإمبراطورية
السوفياتية 1988م"؛ وأخيراً "الإمبراطورية الأميركية 2021م".
*****
وإذا كانت مقولة بايدن تكرس في الظاهر مفهوم إعلان هزيمة الولايات
المتحدة بطريقة مباشرة؛ فذلك يبطن حقيقة السيناريو المتبع الجديد كمنتج تطورات
"علوم إدارة الصراعات المعاصرة"؛ والمتحولة بتوظيف الوكلاء للقيام
بالأدوار الموضوعة في تنفيذ الأهداف الاستراتيجوية الأميركية بأقل التكاليف التي
تتكبدها في أرواح جندها بأرض المواجهات والمعارك؛ بعد أن ناءت بأرقام من الضحايا
العائدين جثثاً من أطراف العالم وليس أفغانستان فقط في صناديق وكانوا ثمن أطماع
طور الرأسمالية الأميركية في الهيمنة بالمغازي على مقدرات الشعوب.
إن هذا الطور من الإستراتيجية الاحتوائية الجديدة يستخدم نهج ما
ترسخه "علوم فكر الإدارة السياسوية" لأوزان القوة العسكريتارية؛ والتي
تطبيق مفهوم "أبقِ صديقك قريباً وعدوّك أقرب"؛ لتعرف نقاط ضعفه وقوته
ونهجه في التفكير فتستعد له وفق إدراكك لنمط عدوانيته؛ وبقدر ما تُشْعِره بالأمان
تصيبه في الوقت ذاته بالخوف الدفين من ردود أفعالك!
هذا هو المنهج الأقرب للتصور عند قراءة مسلكية رئاسة الدولة
الاميركية في المرحلة الراهنة؛ تجاه المسألة الأفغانية والحالة الطالبانية التي
حورتها المفاوضات المشتركة بالدوحة؛ لتقبل تلك الحركة بخضوعها الناعم للهيمنة
عليها. وهو ما يعني تطبيق القاعدة المتعارف عليها بقبول الدول المتفاوضة حدوث
التوازن الذي تميل فيه الكفة باتجاه مصلحتها!!
*****
لذلك فإن تفكيك خطاب "جو بايدن" الأخير يكشف في منطوقه
كل المضمرات المختبئة؛ والتي تمثل منهج إدارة المشكلة السياسوية لنظام متعولم؛
بقصد مواصلة الهيمنة الاقتصادوسياسوية على كل الأقاليم في العالم. فكيف نقرأ
"المسكوت عنه" في خطاب ما يروج له بتعبير "هزيمة القرن"
الأميركية:
- يحدد "جو بايدن" بوضوح أن: " الولايات المتحدة لم
تكن لتستقر في أفغانستان للأبد؛ والقوات الأميركية خرجت من أفغانستان في التوقيت
المناسب، وأن مهمة الولايات المتحدة في أفغانستان لم تكن بناء دولة أو خلق
ديمقراطية مركزية"!
وهذا التعبير المباشر يكشف طبيعة نمط الأطماع والمحركات لكل الفعل
الأميركي العولموي المرتبط بالدافعية والتوقيت المحكوم بفوائد الربح والخسارة.
الأمر الذي يثبت اقتصادات "تجاراتها الشعاراتية"؛ والتي لا تكترس
لمعرفتها نخبة المقاهي العربية الفاسدة؛ حين تلوك شعارات الحرية والديمقراطية وفق
النمط الأميركي.
- يواصل بايدن الكشف: "إنه اتخذ قرار الانسحاب شخصياً ولن
يتراجع عنه"؛ والسؤال: أين إذن دولة المؤسسات الأميركية ـ يا نخبتنا العربية
ـ التي لا تقيد فردانيته السياسوية تلك؟ لذلك سارع بذكر أن "الإدارة الحالية
لم تملك غير خيار تنفيذ اتفاق ترامب الذي بدأ الحوار مع طالبان أو التصعيد
ضدها"! ما يعني ـ يا نخبتنا العربية ـ أن كافة الأمور تخضع للعبة
السيناريوهات الثابتة وأطوارها المتجددة. وأن القرارات الموصوفة بالهزيمة أمام
طالبان هي تمويه لوظيفة جديدة جرى الاتفاق عليها.
- وينتقل بايدن للتلاعب بالمشاعر؛ كنوع من التغطية على مخفيات
السيناريوهات الجديدة بالقول: "عدم سحب القوات من أفغانستان كان سيعني
تصعيداً للنزاع؛ وسيتطلب آلافاً من العسكريين الإضافيين... وأنا لن أسمح بإزهاق
أرواح المزيد من الأميركيين".
والسؤال: لماذا لم تظهر هذه الشفقة الأميركية طيلة عشرين عاماً منذ
بدء الحرب ضد طالبان في العام 2001م، بسقوط حسب المصادر أكثر من 2.300 قتيل وإصابة
نحو 20.660 جندياً بجراح؛ وهي أرقام متضائلة أمام مقتل أكثر من 45 ألف قتيل
(إحصاءات 2019) بين قوات الأمن الأفغانية والمدنيين!!
- ويكشف بايدن ما
دفع للتعجيل بعملية الانسحاب أمام طالبان المتحورة في قوله:" واشنطن لن تواصل
القتال بالنيابة عن القوات الأفغانية؛ فانهيار الحكومة الأفغانية وسيطرة طالبان
حدثت أسرع من التوقعات؛ واللوم يقع على القادة السياسيين والجيش والأفغاني"!
وهذه اللغة الأميركية المناورة بالتبرير المثير للسخرية تستدعي
تساؤلات من نوعية: هل كانت أجهزة الاستخبارات الحربية الأميركية في الميادين
الأفغانية وخارجها تغط في النوم العميق؛ ولم تقدم الدراسات العسكريتارية وتحليل
العمليات في الأرض برقابتها عبر الأقمار الاصطناعية والطائرات
و"البصاصين"؛ إلخ. المؤكد أنها جزء من "ترتيبات السيناريو
المقبل" وتوظيف طور طالبان المتحور لأداء وظائف أميركية جديدة؛ مقابل تمكينها
وغض البصر المقصود عن تحركاتها في عموم الأرض الأفغانية... هكذا هي اللعبة!!
- ويوالي بايدن الكشف عن مضمر عملية الانسحاب بقوله المدهش: "
الولايات المتحدة ذهبت إلى أفغانستان منذ ما يقرب من 20 عاما للحصول على مهاجمي 11
سبتمبر
وهذه التبريرات تشير إلى نوعية السيناريو الجديد الذي يندرج فيه
الطور المتحور من طالبان بمنع العمليات الإرهابية ضد الولايات المتحدة؛ والتي لن
تحدث باعتبار القاعدة نمطا منقرضاً في أفغانستان؛ ولكن ما لا يُسْفر بايدن عنه هو
"الدور الجديد لطالبان" في المحيط الحاف بها (باكستان وبقايا الاتحاد السوفيتي
والصين والهند وإيران)!!
- ولعل ما أورده
بايدن يكفي لإثبات هذه التصورات بقوله: " روسيا والصين تريدان من الولايات
المتحدة التي أنفقت أكثر من تريليون دولار طيلة عشرين عاماً أن تنفق مزيداً من
الأموال في تلك الحرب. وواشنطن قدمت كل شيء للجيش الأفغاني إلا أن الأخير لا يرغب
بالقتال والقيادة الأفغانية لم تكن موحدة".
-
لذلك فالمسكوت عنه في خطاب الانسحاب يكشف ضغوط الإنهاك للاقتصاد
الأميركي المعتمد على القروض والديون؛ ويمثل منسرباً لإضعاف القوة الأميركية في
الأسواق مقابل هيمنة الاقتصادين المنافسين للصين وروسيا. ولذلك قد يجري توظيف
"الطور المتحور من طالبان" لمحاولة إجهاد هذا الاقتصاد الحاف المنافس
بعمليات نوعوية جديدة وغير مسبوقة وفق السيناريوهات الخفية.
- ويواصل بايدن تعميق التصور الذي يريده بالقول: " الرئيس
الأفغاني أشرف غني رفض التفاوض مع طالبان للتوصل إلى تسوية. وهناك إثباتات تدل على
أن أحدث الجيوش لن تستطيع خلق أفغانستان مستقرة وآمنة... والتهديد الإرهابي تخطى
أفغانستان ليشمل دولاً أخرى؛ لذلك ستستمر واشنطن في دعم الشعب الأفغاني وتشجيع
الدبلوماسية الإقليمية ودعم حقوق الإنسان ورفع الصوت للدفاع عن النساء الأفغانيات
تحت حكم حركة طالبان."!!
إن هذه التصريحات من بايدن تحدد ملامح المشروع المستقبلي لسيناريو
تمكين طالبان أميركياً؛ بكل (عرقيتها البشتونية؛ وجمودها العقدوي/السنِّي الحنفي
المتشدد؛ وحركويتها الأصولية /المتأخونة سياسوياُ)؛ وبها يوجه "رسالة
ملغومة" للخصوم في الدول الحافة بمحيط أفغانستان عبر التلويح بالتهديد الإرهابوي
المنتظر!!
*****
وبعد أن اصطنع النظام الأميركي المهيمن السيناريو الطالباني
المتحور الجديد؛ والإيهام بالخروج الأميركي من "المستنقع الأفغاني"
لغاية محددة؛ ينبغي قياس ردود الأفعال تجاه ذلك التطور. وما إذا كان ذلك يأتي بضغط
الضرورة أم في إطار السيناريوهات الجديدة لمواصلة الهيمنة الأميركية.
وهنا ينبغي العودة بالذاكرة إلى ما قاله جو بايدن في مؤتمره
الصحافي الأول عقب تسلمه مقاليد البيت الأبيض مشيراً بشكلٍ محدد إلى الصين وروسيا
بـ : "إنّ هناك معركة بين الديمقراطيات في القرن الحادي والعشرين والأنظمة
الاستبدادية". إذن فلعبة "محاربة الإرهاب" التي استصنعته زمانيا في
مواجهة الخصم الشيوعوي قد تجاوزتها الإمبريالية الأميركية في إطار انقضاء
فعالياتها المرحلية راهناً لدى دول المركز العولموية. وبالتالي من الضرورة تغيير
السيناريوهات بالجديد:
** من المنظور الروسي أكد الرئيس فلاديمير بوتين: "أن روسيا
تراقب عن كثب الوضع في أفغانستان؛ وبالطبع، لا يحتاج الأمر إلى القول إننا لن
نتدخل في الشؤون الداخلية لأفغانستان، ناهيك عن إشراك قواتنا المسلحة في صراع...
فروسيا تعلمت من التجربة السوفيتية في أفغانستان الدروس اللازمة"!
ولكن روسيا على لسان وزير خارجيتها "سيرغي لافروف" تقرأ
المتطورات:" إن موسكو تُعارض فكرة نشر قوات أميركية في دول آسيا الوسطى
المتاخمة لروسيا وأفغانستان، وتعارض انتقال اللاجئين الأفغان إلى هذه الدول قبل
إرسالهم إلى الولايات المتحدة".
وهذا يعني أن روسيا لا تنسى الدور الذي لعبته "طالبان
القديمة" لدى الاعتراف باستقلال الشيشان التي (كانت ولا تزال جزءاً من
"الاتحاد الروسي" ثم فتحت سفارة شيشانية في كابول أيام تمكنها الأول؛
فضلاً عن إرسالها قوات للقتال في الشيشان. ومن دون شك فإن مكاتب التفكير الروسية
تُدرج دلالات الدور المنتظر لـ "متحور طالبان" الذي يطلقه الفعل
الأميركي!
** ومن منظور الصين التي تُعتبر الصديق القديم/ الخصم الجديد
للولايات المتحدة الأميركية؛ فإن الطور المتحور من "الدولة الأفغانية
الجديدة" ستكون له حساباته الاستراتيجوية بإعطال "إحياء طريق الحرير
القديم". ولذلك فإن الصين بما يروج حولها عن "احتجاز نحو مليون شخص من
أقلية الإيغور المسلمة في "مراكز مكافحة التطرف"؛ لن تنسى المغريات
المقدمة للإيغور باللجوء إلى حُكم "طالبان"، حيث استقرّت مجموعات منهم
في كابول. وجرى إدراجهم في "كتيبة الأجانب التي تقاتل الأعداء الداخليين لـ
طالبان".
فهل تغض الصين الطرف مع المسألة الطالبانية المتحورة عن أقوالها بـ
"أن مسلحين من الإيغور يقودون حملة عنف ويخططون للقيام بعمليات تفجير وتخريب
وعصيان مدني من أجل إعلان دولة مستقلة لهم في الصين". وما تقوم به من
"إدماج الأطفال الإيغوريين بمعزل عن أسرهم في مدارس داخلية بهدف تنشئة جيل من
الإيغور منقطع تماماً عن الثقافة والعادات والتقاليد والديانة واللغة الأصلية لهذه
الأقلية"؟
** ومن المنظور الإيراني فإن للطور الطالباني المتحور حساباته
العقدوية والاقتصادوية وجانبها الأمنوي. أولها " دعم طالبان للجماعات المتطرفة
والانفصالية التي تعمل في المناطق الحدودية بين إيران وأفغانستان، وثانيها
"القلق الإيراني من نمو تنظيم الدولة/ داعش في المنطقة نتيجة ضعف الحكومة
الأفغانية المركزية؛ وثالثها" اعتبار أفغانستان مركزاً لإنتاج المخدرات في
العالم، وهو ما يشكل ضغوطاً على إيران باعتبارها إحدى طرق مرور المخدرات عبرها إلى
أوروبا".
ورابعها "المسألة المذهبوية وأعراقها الدينوية بوجود
"قرابة ثلاثة ملايين شيعي من غرب العراق ومقاطعة باميان ممن فرّوا من
أفغانستان خلال حكم طالبان التي تعتبر شيعة باميان كفرة مع احتمال توجّه عدد أكبر
إلى إيران".
وخامسها قد "يمثل غاية إيرانية بالسعي لنقل ميليشيا فاطميون
الأفغانية المتواجدة في سوريا راهناً إلى أفغانستان لأدوار محددة"!
** من المنظور الباكستاني الذي بارك مفتيها دخول طالبان كابول
واصفاً إياه بمماثلة دخول الرسول محمد بن عبد الله مكة المكرمة؛ فلعله يحقق
المتمنى الباكستاني بضمان أن تكون أفغانستان الطالبانية المتحورة عمقا استراتيجويا
لبلاده في إطار التناحر الهندو/باكستانوي القديم في ضوء وقوف أفغانستان السابقة مع
الهند ضد استقلال باكستان العام
** ومن المنظور الأغواتي العثمانللي التركي يبدو أنه قد يستجيب
للمغريات الأميركية المتفق عليها بأن تلعب القوات التركية الراهنة في أفغانستان
دورها المستأجر للبقاء في الداخل الأفغاني بحجة" دعم استقرار الأوضاع بها على
الأقل "لإدارة مطار كابول" بشرط حدده وزير الدفاع التركي "خلوصي
أكار" : "بتوفير دعم سياسي ولوجيستي ومالي وتغطية نفقات إدارة المطار
وتقديم القوات الأميركية بعد انسحابها بعض معدّاتها للقوات التركية".
*****
إن المحرك الفاعل والحقيقي لقضية الاجتياح المسرحي للطور المتحور
من طالبان؛ والانسحاب المتسارع/المرتعب للولايات المتحدة عسكريتارياً من أفغانستان
يُخفي السيناريوهات الجديدة لإدارة الأزمة الأفغانية؛ وهي قضية تدخل في إطار
الصراع العولموي حول الثروات. فلم تعد الحروب تشتعل بسبب انتصار النظريات ولكن
بسبب استنزاف القدرات المختزنة من البترول والغاز والمعادن الثمينة.
وهذا هو ما قد يكشف التوجه الأميركي في مسرحية السماح بتمكين
طالبان من أفغانستان؛ بكل مخزوناتها الثرواتية المعدنية المخيفة والتي تتحدد
بإيجاز في:
- هيئة المسح الجيولوجي الأميركية تقدر القيمة الحقيقية للثروات
المعدنية بما يقارب 3000 مليار دولار.
- تقدر ثروة النحاس الأفغانستانية التي تمثل ثاني أكبر احتياطي
عالمي بـ 88 مليار دولار.
- تحظى أفغانستان بوجود أكبر احتياطي هائل من "الليثيوم"
الفضي الضروري لانتاج بطاريات الطاقة المتجددة والسيارات الكهربية.
- تمتلك أفغانستان نحو 2.2 مليار طن من خام الحديد.
- تمتلك أفغانستان 1.4 مليون طن من العناصر الأرضية النادرة.
- تصل احتياطيات أفغانستان من البريليوم إلى تقديرات قيمتها 88
مليار دولار.
- لدى أفغانستان مجموعة مهمة من مناجم الذهب.
- تتميز ثروات أفغانستان بـ 400 نوع من الرخام.
- تحقق أفغانستان قرابة الـ 160 مليون دولار من بيع الأحجار
الكريمة سنوياً.
- والمعروف أن اقتصادات "الطور الأول من طالبان" كانت
تتشكل في جزء كبير منها من أموال المخدرات القذرة؛ حيث تدير زراعة الأفيون في
المناطق الخاضعة لسيطرتها؛ وبلغت حسب تقارير الأمم المتحدة 2020 إلى أكثر من 400
مليون دولار بنسبة 10 في المئة كضرائب مفروضة على كل مراحل استصناع وتجارة الأفيون
فقط؛ حيث إذ أن أفغانستان شكلت قرابة الـ 84 بالمئة من إجمالي إنتاج الأفيون
العالمي، خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وهنا لابد للولايات المتحدة الأميركية من أن ترتب سيناريوهات
اللعبة الاقتصادوية العولموية الجديدة لأفغانستان "من المعادن إلى
الأفيون"؛ وتهيمن عليها عبر هيمنة "الطور الطالباني المتحور" الذي
كان عدواً لها؛ ولا بأس من أن يكون صديقاً إذا ضمنت له الحماية والرعاية؛ ومكنته
من الفوز بمخزون هائل من السلاح الأميركي الذي وضعته في حوزة الجيش الأفغاني الهش
المستصنع الذي فرَّ أمام ميليشيات طالبان.
*****
إن هذه القراءة التفكيكوية حاولت "قراءة المسكوت عنه" في
خطاب ما سُمي اكتساح طالبان لأفغانستان؛ فما كانت مسارعة بايدن لسحب قوات الجيش
الأميركي من هناك إلاَّ تنفيذاً لتكتيك " اجعله يظن أنه انتصر وخذ منه ما
تريد... وهذه هي حقيقة (ما أسموها هزيمة القرن الأميركية أنموذجاً) وهو ما ستكشفها
سيناريوهات المستقبل!!
0 تعليقات