آخر الأخبار

أسير

 


 

 

هادي جلو مرعي

 

    ليسوا سجناء، فالسجين هو من يقع تحت طائلة القانون العام للدولة، ويحاسب ويعاقب ويحكم عليه بالسجن، وسواه من الأحكام، لكننا في ظل سلطة الإحتلال لانخضع لقانون لم يوضع لنا، وقانون الحرب هو الذي تعاملنا به تلك السلطة، ونحن نواجهها كمحاربين، وحين نقع أسرى فنحن بالفعل أسرى، وليس شيئا آخر، وليس من حق للمحتل أن يطلق تسمية السجين على أسير الحرب الذي تحميه القوانين الدولية، وهناك مواثيق وأعراف وإتفاقيات تحفظ للأسير وضعا خاصا لايجوز مخالفته، وإنتهاكه مطلقا.

 

     حين وقع الأمير أبو فراس أسيرا بيد الروم في حرب الدولة الحمدانية معهم كان يناغي حمامة حطت على شباك الحجرة التي وضع فيها، وكان يكلمها.

 

أقول وقد ناحت بقربي حمامة

 

أجارة هل تعلمين بحالي

 

معاذ الهوى ماعرفت طارقة النوى

 

ولامرت منك الهموم ببال

 

وقد وقع الشهيد عمر المختار حين كان يجاهد ضد سلطة الاحتلال الإيطالي أسيرا بيد المحتلين الذين نصبوا له محكمة عسكرية حكمت عليه بالموت، وقد واجه ذلك بصلابة وقوة وعنفوان لامثيل لها.

 

     الفلسطينيون لم يستسلموا للسجان، ولم يغازلوا حمامة، بل قالوا لأنفسهم، إنها معركة طويلة، ومستمرة سنكافح فيها الى النهاية، سيقتل منا الكثير، وسيجرح الكثير، وسيهجر الكثير، وسنخسر الكثير، وسنكون عنوانا دائما للتضحية، وعنفوانا متجددا للثورة وللكبرياء الذي لاينكسر، وسيحار فينا عدونا، وستدوخ دباباته ومزنجراته، وستغوص في رمالنا، وتتهشم وهم تصطدم بصخورنا الصلبة كصلابة أرواحنا التي تعودت البقاء مثل عجائز الطبيعة، كالرياح، كالمطر، كالبحر، كالغيوم، كالسماء، كالنجوم، كالليل، كالنهار، كهموم البشر، ولن تغيب شمسنا، وسنعلم العالم كيف يصمد ويصبر.

 

     سنسجن، ولكننا سنحفر في الأعماق طريقا الى الحرية، سنسمع أصوات الخائفين والمستسلمين في هدأة الليل، وسنعذرهم لأنهم لايرون الغد، فقد ران على قلوبهم ماكانوا يفعلون، فهم يغازلون الهزيمة، ولايعرفون الإنتصار، وتعودوا توبيخ الأسياد، وسياط الجلاد، وليس لهم أن يكونوا شجعانا فهم بلاقضية، ولاهوية، ولاروية، ولافكر، ولاطباع، ولاسجية، ولاروح، بل ماتت فيهم نخوتهم، وهمتهم، وطباع الشجعان، وخصال الفرسان. أما نحن فلنا القضية. ومن كانت له قضية فروحه على الهزيمة عصية. وكفانا فخرا بفلسطين الأبية.

إرسال تعليق

0 تعليقات