آخر الأخبار

دفاعا عن القرآن : بين القرآن الكريم و المداريش العبرية .. {كمثل الحمار يحمل أسفارا} أنموذجا ..

 


 

علي الأصولي

 

ذكر في الموسوعة التاريخية - Britannica - أن تاريخ اللغة العبرية ينقسم إلى أربع فترات رئيسية:

 

1- ما يسمى بالعبرية التوراتية: وهي العبرية التي كُتبت بها التوراة - المحرف، و مصادر الكلمات المستعارة التي ظهرت لأول مرة خلال تلك الفترة في العبرية التوراتية تشمل اللغات الكنعانية ، وكذلك الأكادية. كما تحتوي اللغة العبرية التوراتية أيضًا على عدد صغير من الكلمات السومرية المستعارة من مصدر أكدي.

 

2-العبرية المشنائية أو الحاخامية : هذه اللغة راج استعمالها حوالي القرن الثالث قبل الميلاد ، حيث كُتبت بها المشناة و المداريش اليهودية، حوالي (200) بعد الميلاد. وقد انقرضت اللغة العبرية المشنائة كلغة منطوقة بحلول القرن الخامس الميلادي ، أي قبل البعثة النبوية بأكثر من قرن وظلت كلغة طقسية إلى جانب اللغة العبرية التوراتية لليهودية.

 

3 - العبرية في العصور الوسطى: منذ حوالي القرن السادس ميلادي إلى القرن الثالث عشر الميلادي ، تم استعمال هذا الشكل من اللغة العبرية و تم استعارة العديد من الكلمات من اليونانية والإسبانية والعربية ولغات أخرى.

 

4- العبرية الحديثة: لغة الكيان الصهيوني في العصر الحديث. انتهى: بتصريف.

 

وقد تنبه بعض الباحثين على أن اللغة المستعملة في تأليف المشناه و المدراشات و الكتب الدينية اليهودية هي العبرية المشنائية والتي قد طمست لغويا عند - البعثة النبوية - ومنه يعرف ان إمكانية إثبات كون النبي(ص) كان يتقن العبرية المشنائية والآرامية - دونه خرط القتاد - بل وحتى القول بأنه كان يتلقى تلك الأسفار مشافهة صار أمرا مستبعدا.

 

وهذا مما زاد تقليص إشكالية توظيف الألفاظ والقصص القرآنية بعد صياغتها من اللغة المنشائية إلى العربية،

 

نعم " ذكرت بعض الدراسات والأبحاث الأكاديمية المتعلقة بالقرآن الكريم توصلت الى نتيجة حتمية مفدها ان القرٱن في الكثير من المواضع يقوم بتعقب بعض المدراشات اليهودية بالتفصيل و يرد عليها، مع ان ان العبرية كانت منعدمة في ذلك الزمان.

ففي بحث بعنوان

 

“Like a donkey carrying books” – a Qur’anic response to a Rabbinic motif

 

يذكر الباحث أنه ورد في القرآن تشبيه لبعض اليهود المعارضين للنبي محمد بالحمير وهو قوله تعالى:

 

{مثل الذين حُمّلوا التورة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات اللهِ وللهُ لا يهدي القوم الظالمين}- سورة الجمعة.

 

ويرتفع استغراب التشبيه. التشبيه بالتحديد. تحديد ذكر الحمار المحمّل بالأسفار لم يكن من باب المصادفة.

 

ففي سفر (Sifrei Debarim)

وهو مدراش يهودي كتب بين القرنين الثالث والخامس ميلادي ، نجد تشبيهًا حاخاميا غريبًا لليهود والأمم، وهو قولهم:

( משל לאחד ששילח את חמורו וכלבו לגורן והטעינו לחמור לתך שלש סאימ .היה החמור מהלך והכלב מלחית. פרק ממנו סאה ונתנו על החמור וכן שני וכן שלישי כך ישראל קבלו את התורה בפירושיה ובדקד וקיה. אף אותם שבע מצות שלא יכלו בני נח לעמוד בהם ופרקום באו ישראל וקבלומ)

 

ومعناه:

 

أرسل رجل حماره وكلبه إلى مخزن الحبوب ، حيث تم تحميل خمسة عشر كيسا على الحمار وثلاثة على الكلب. مشى الحمار والكلب يجهد نفسه لكي يتنفس ولسانه يتدلى. ثم وضع الكلب كيسا واحدًا فوق الحمار ثم فعل الشيء نفسه مع الثاني ثم الثالث. هكذا قبلت بنو إسرائيل التوراة وتعليقاتها وتفاصيلها. حتى تلك الوصايا السبع التي لم يستطع نوح الالتزام بها والتخلص منها ، جاء إسرائيل وقبلها". انتهى:

 

والملاحظ هنا: ان استخدم الحاخامات استعارة "حمار يحمل اسفارا" بطريقة تبدو محايدة ، وأثنوا على اليهود لأنهم أخذوا على عاتقهم جميع الوصايا. وأما غير اليهود، أي بقية الأمم، فقد مثلهم الحاخامات بالكلب، لأنهم لم يستطيعوا الالتزام بتلك الوصايا.

 

ونلاحظ هنا أن القرآن أخذ هذه الاستعارة الحاخامية نفسها وقلبها بالكامل، فغيرها من مدح لليهود إلى نقد لمن أعطوا التوراة ثم لم يحملوها و لم يلتزموا بها، فوقع تشبيه كل فرد منهم بالحمار - وهي نفس الكلمة التي وردت في النص الحاخامي.

 

ويذكر الباحث أنه يوجد أمثلة متعددة لهذا النوع من "الانعكاس الجدلي" للمصطلحات والأفكار الحاخامية وغيرها في القرآن والتي تدل بوضوح بان القرٱن ليس كتابا بشريا، لان المداريش المكتوبة بالعبرية الحاخامية لم يكن من المتيسر قراءتها زمن البعثة النبوية، ولا يوجد من يحفظها عن ظهر قلب فهي في عداد اللغات المندثرة.

ومن أراد التفصيل فليراجع مدونة (التاريخ والسير والعقائد).

 

إرسال تعليق

0 تعليقات