علي الأصولي
قال الفراهيدي: تصيح الخشب ونحوه إذا تصدع - أي تشقق - والصيحة ..
العذاب .. الصياح الصوت الشديد، صاح صيحة وصياحا.
قال الراغب الاصفهاني: الصيحة رفع الصوت. واصله من تشقق الصوت.
وقال أبو هلال العسكري - من أعلام القرن الرابع - في مصنفه -
الفروق اللغوية - الفرق بين الصياح والنداء. ان الصياح رفع الصوت بما لا معنى له.
وربما قيل للنداء صياح. فأما الصياح فلا يقال له نداء إلا إذا كان له معنى.
قرآنيا: ورد لفظ الصيحة في سورة قاف. قوله تعالى(يوم يسمعون الصيحة
بالحق ذلك يوم الخروج)
مع ورود لفظ الصيحة في ثلاثة عشر موردا كلها اخبارات بكيفية إهلاك
من حق عليه القول.
وروائيا: جاء لفظ الصيحة من ضمن علامات ظهور الإمام (ع) المحتومة.
وقد نصت المرويات الإمامية بل وغير الإمامية على ان الصيحة عبارة عن نداء من
السماء باسم المهدي(ع) عند ظهوره. ليكون علامة عليه.
على أن هناك صيحتان أحدهما: لجبرائيل وثانيهما: لإبليس.
فقد ورد عن الإمام الصادق(ع) قوله: يناد مناد باسم القائم. قلت:
خاص ام عام؟ قال: عام يسمع كل قوم بلسانهم. قلت: فمن يخالف القائم(ع) وقد نودي باسمه؟
قال: لا يدعهم إبليس حتى ينادي في آخر الليل ويخادع الناس.
إذن: المعنى الاستعمالي القراني للفظ الصيحة إقترن بأمر عظيم. وحدث
جسيم. وبالتالي: دلالة الصيحة اما كونها علامة دالة على قرب الظهور او دالة على
نفس الإمام(ع). وكيف كان: هي حجة على من سمع بها وعنها. بالتالي: الصيحة لا تنظر
لذاتها بل لمآلاتها.
وقد تحدثت بعض الروايات على زمانها في شهر رمضآن
هذا مختصر جاء في شأن وموضوعة الصيحة بمعزل عن الدخول في التفاصيل
والمطولات.
ما اريد بيانه: إن الفهم الكلاسيكي توقف على مفهوم ومعنى الصيحة
وكونها اعجازية من السماء بصوت نفس جبرائيل(ع)
بينما هذا الفهم يواجه عدة إشكالات أقلها: لازم الصيحة إيمان الناس
وهو غير حاصل كما في المرويات.
ولذا افترض غير واحد ومنهم الشهيد الصدر ان الصيحة - على ما اذكر -
صحيح سماوية ولكن بمعية الأقمار الصناعية - الفضائيات - وهذا فهم مع صحته في
الجملة الا ان هناك تبقى فيه بعض الفجوات. منها طبيعة الصيحة،
وفي عقيدتي وحسب حدود فهمي: إن الصيحة عبارة عن دعوة تحذيرية
تبشرية وهي ترجع بالأصل لقراءة دينية منطقها الكتاب ومحكماته وبيانات العترة(ع)
تصديقا لمفهوم صوت جبرائيل(ع) ودخول جبرائيل(ع) في النص الروائي قيد توضيحي كون
هذه القراءة ليست بشرية كأي قراءة من فقيه او متكلم او فيلسوف او عارف ونحو ذلك.
على أن هذه القراءة لها مبرراتها لا أقل حصولها في زخم قراءات
دينية كثيرة - كثرة الرايات - وتشابهها - فتكون بالتالي هي الفصيل بين صوت المعصوم
وقناته وبين غير المعصوم. ومعلوم أن وظيفة القراءة في مثل الأجواء التي تسود فيها
الضبابية تكون محل ريب وشك عند المتلقي النوعي لكثرة القراءات بل والدعوات
المهدوية واليمانية.
وعلى كل حال: هذه القراءة - الصيحة - النداء - اقيستها معها على ما
يعبرون منطقيا وفلسفيا. فلا تحتاج الى مؤونة الا الرجوع للقرآن والتدبر في محكماته
وبيانات أهل القرآن(ع).
وبما أن هذه القراءة تكون في عرض كل القراءات على الساحة الإسلامية
والشيعية والإمامية. تكون في بدايتها غير متكترث لها بل عندما يشتد عودها وتينع
ثمارها ويخاف أجناد إبليس سطوتها. يتدخل نفس إبليس - لا بمعناه اللا مرئي -
والتحذير من هذه القراءة وضرورة مواجهتها. ولما كان إبليس هذا محل ثقة ونفوذ
وتقدير واسع اجتماعيا وسياسيا بل ودينيا. فالنتيجة هي الشك بالقراءة ومن يدعو لها
فردا كان أو جماعة.
هذا ما يمكن بيانه: كأطروحة ارجحها بيني بين الله في حدود فهمي
واطلاعي على مجمل القضية المهدوية وعلاماتها التي كتبت فيها أكثر من مقال والى
الله تصير الأمور ..
0 تعليقات