حسن مطر
إن كتب الطوسي في الفقه المقارن والفقه التفريعي مثل: الخلاف
والمبسوط، زادت من نوع التفاعل بين السنّة والشيعة، وكان الفقه المقارن بين
الإمامية والزيدية قد شهد نشاطاً على يد السيد المرتضى، لقد سار الطوسي في كتبه
متفاعلا مع المشهد السني بدرجة معينة، لكّنه لم يكن متأثرًا به بشكل طاغ، لقد كان
يريد من كتاب المبسوط ـ كما شرح في المقدمة ـ أن يثبت أن الشيعة لديهم فقه، مقابل
التهمة التي كانت موّجهة إليهم من أنهم لا فقه لهم .
وقد استعان الطوسي بتجربة الفقه التفريعي السني فيما يبدو، ليعطي مواقف
في الفروض والصور التي يطرحها الفقه السني، وربما عبر هذا الطريق دخلت الأفكار
والمقولات والفروض والخلافات السنّية إلى الداخل الشيعي، وهكذا شعر الفكر الشيعي
أنه بات مطالبا بمتابعة الخلافات والفكر السني في جزئياته ومناهجه بصورة أكبر من
خلال متابعته كتابي: المبسوط والخلاف، الذين فتحا لمرحلة جديدة، الأمر الذي أثار
فيما بعد حفيظة بعض الفقهاء كابن إدريس الحلي.
إلاّ أن مجيء العلامة الحلي (726هـ) غيّر الأوضاع قاطعاً الطريق
على منتقدي تجربة الشيخ الطوسي رغم مظاهرها المحافظة، حيث خاض العلامة إطار الفكر
السنّي على نطاق واسع، وتعّلم بشكل متمّيز العلوم الدينية عند السّنة حتى تلمّذ
على بعض علمائهم.
......
وتدلنا بعض النصوص والوثائق التي جاءت في سياق المعركة الإخبارّية
الأصولية أن كتب أصول الفقه السني كان يروج تدريسها في الحوزات والمعاهد الدينية
الشيعية أو كان يروج دراسة الشيعة في معاهد أهل السنة، ومن الطبيعي أن تترك ظاهرة
كهذه أثراً في التفاعل المعرفي بين السنّة والشيعة، ومن ثم استقاء الشيعة بعض
المنهاجيات والمقولات من الطرف السّني،كما أن العكس غير بعيد.
......
هذا الفضاء ربما يكون ساعد على ظهور مواقف مقاصدية واضحة نسبياً
تمثلت في اول ظهور جاد لها مع الشهيد الأول في القرن الثامن الهجري.
- حيدر حب الله، الاجتهاد المقاصدي والمناطي.. المسارات، والأصول،
والعوائق، والتأثيرات (اجتهاد المعنى في أصول الفقه الإسلامي)، طبعة٢٠٢٠، ج ١، ص
٢١٦-٢١٨.
0 تعليقات