علي الأصولي
أولا: المراد بالقراءة القرآنية - هو النطق بحروف نفس القرآن
الكريم الذي نطق به النبي(صلى الله عليه وآله). بدليل - فإنما يسرناه بلسانك -
مريم 97/ وهي صريحة بكون نزل القرآن بلسان قريش - بلهجتها - ولذا نقل عن عثمان بن
عفان وهو يوصي لجنته في توحيد المصحف إذا اختلفتم في شيء من القراءات فاكتبوه
بلسان قريش فإنما نزل القرآن بلسانهم. وهو مراد قول أهل البيت (عليه السلام) إن
القرآن واحد .. بالتالي القراءة التي سمعنا عنها فهي اجتهادية وغير متواترة وبعضها
يغير المعنى من أصل.
ولهذا أفتى الإمامية بجواز القراءات السبعة كما وسع بعض الفقهاء
لغير السبعة منها بشرط ما تعارف عنها في زمن النص. لهذا أفتى الخوئي بما نصه: يجوز
القراءة في الصلاة بكل قراءة كانت متعارفة في زمان أهل البيت (عليه السلام)والواجب
هو قراءة القرآن بخصوصه. لا ما تصدق عليه العربية الصحيحة.
نعم: الظاهر جواز الاكتفاء بكل قراءة متعارفة عند الناس ولو كانت
من غير السبع: ومستند الخوئي هو قوله (عليه السلام) أقروا كما يقرأ الناس –
ومن النتائج: عدم حجية القراءات السبع وغيرها في الاستنباط فلا
يستدل بها على حكم شرعي. لفقدان هذه القراءات الحجية. لمورد التعدي والإسراء من
جواز القراءة للاستنباط.
وبالتالي: ينبغي عدم إغفال الأصل الذي ذكرناه سابقا وهو إن القراءة
غير القرآن. فتواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات '
بالنتيجة: بما أن القرآن الكريم قد نزل على حرف واحد إلا أن
القراءات هذه مجازة شرعا. والإذن حصل من قبل المعصوم بقراءة ما عليه الناس. هذا ما
فهمه غير واحد منهم الشيخ الطوسي ومنهم المحقق الخوئي. بل مشهور الإمامية أطبق على
هذا الرأي.
فالمشهور رأى بطلان القراءات الغير معصومية ثبوتا. وزاد بالبطلان
السيد محمد الحسيني الشيرازي إثباتا.
يعني السيد الشيرازي وافق المشهور بالبطلان الثبوتي وزاد على
المشهور بالبطلان الاثباتي. بالتالي ذهب الى عدم إجزاء هذه القراءات ظاهرا أيضا.
وهو خلاف مسلك الطائفة في الإجازة الظاهرية من المعصوم (عليه الصلاة والسلام).
فقد ذهب الى قول ان الأئمة ع لم يجوزوا هذه القراءات حتى ظاهرا. بل
القراءة وفق قراءاتهم محرمة.
مناقشة أدلة المشهور على تعدد القراءات الظاهرية ..
والمناقشة في الإثبات لا في الثبوت. فالثبوت موضع وفاق وكون
القراءة واحدة. (الإثبات نظير الأحكام الظاهرية).
دليل المشهور: تداول القراءة في زمن المعصومين (ع). ولم نشهد ردعها
منهم (عليهم الصلاة والسلام) ولو كان لبان وعدم الرد دليل الإمضاء.
وفيه: على المشهور برتبة سابقة إحراز كون هذه القراءات هي ثابتة في
زمنهم (عليهم السلام) من جهة وكونها رسمية عند العامة من جهة أخرى.
الدليل الآخر عند المشهور هو: نص حديث - أقروا كما يقرأ الناس -
وفيه: كيف فهم المشهور من هذا النص هو القراءة الإجتهادية التي
كانت في زمن المعصومين (عليهم الصلاة والسلام). إذ يحتمل ان المراد من النص -
أقروا كما يقرأ الناس - هو اقرءا كما هو موجود في القرآن الموجود بين أيديكم. وليس
ما يقرأه الناس هو القراءات الموجودة في الحواشي. بالتالي لا دليل على ان الإمام
أعطى شرعية للقراءات الأخرى. بل الإمام (عليه السلام) إمضى ما هو مشهور من القراءة
التي عليها الناس وعليها المعول سابقا ولاحقا وهي واحدة فتأمل.
ويمكن أن يقال: القراءات مشهورة في زمن المعصوم (عليه السلام) وهذا
كاف بإحراز المعاصرة. ولو لم تكن هناك مشكلة بلحاظ وجود قراءة وقراءات غير معصومية
للزم على الإمام (عليه السلام) بيان وإرشاد الناس إليها. وهذا ما عرفناه من جملة
من الأخبار سابقا.
نعم: يحتمل ان الإمام (عليه السلام) وجه وارشد واوجب القراءة
المعهودة لا قراءات القراء والتي فيها ما فيها من هنات. وهذا الاحتمال بوحدة كاف بإبطال
الاستدلال وما فهمه المشهور ودعوى إجازة المعصوم (عليه الصلاة والسلام) لقراءة
قراء عصره او غيرهم.
يعني قول (أقرا كما يقرأ الناس) بصرف لحاظ قوانين القراء وقراءاتهم
المسودة. ويمكن ترجيح هذا الاحتمال بدعوى عدم تصور كون المعصوم (عليه السلام) وإغراء
شيعته بالجهل وبالتالي الدخول بحيص بيص وترجبج قراءة فلان وترك قراءة علان.
بالنتيجة عدم صحة القراءات ثبوتا وإثباتا. لا فقط ثبوتا كما ذهب المشهور.
حجية الظهور أو ظواهر القرآن الكريم ..
الأصل في كل كلام حجية ظواهره. وعليه عقدة السيرة القطعية في باب
الاحتجاج والإلزام والأخذ بظهور كلام المتكلم.
ولم يكن القرآن الكريم خلاف هذه السيرة في بيانات متنه بحسب
ظهوراته. لغايات البيان والتبين.
نعم: ضرورة ووجوب إخراج ما تشابه من القرآن الكريم ومجملات آياته
عن هذا الأصل الكلي وكبرى القاعدة وإرجاع المتشابه لأهل القرآن الكريم وهم أهل
العصمة (عليه الصلاة والسلام).
وقد ذكروا أدلة على حجية الظواهر منها: إطلاق وجوب التمسك بالكتاب
والعترة. والآمر بالتمسك المتني للقرآن الكريم فرع حجيته.
ولا يقال: التمسك هو في خصوص المحكم من القرآن دون المتشابه.
فيقال: أولا: ان جل آياته محكمات. ثانيا: على قول التمسك بالمحكم
دون سواه هذا يلزم منه تخصيص الأكثر.
ومن الأدلة الأخبار الآمرة بالعرض - عرض الحديث على الكتاب - فقد
بحث عن المنهج في قبول الآثار بلحاظ عندنا تراث هائل: إما ان نأخذه كله أو نتركه
كله. أو نقبل بعضه دون الآخر .. ولا رابع .. والثالث هو المتعين في المقام ..
الضابط في القبول والرد: أما منهج السند أو منهج المتن أو هما معا
أو الأصل في المتن والسند قرينة.. قبول الخبر يقع ضمن ضابطة المحكم القرآني والسنة
القطعية صدورا ودلالة. على تفصيل ليس هنا محله.
بالتالي: لو لم يكن القرآن حجة في ظاهره لزم التضاد بين القرآن
الكريم وبيانات أهل البيت (عليهم السلام) مثلا : ورد في صحيحة عبد الله بن سنان عن
ابي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: من اشترط شرطا مخالفا لكتاب الله فلا
يجوز له. ولا يجوز الذي اشترط عليه. والمسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب الله عز
وجل - الوسائل ب ٦ من أبواب الخيارات - وهو كما ترى بطلان الشرط المخالف للكتاب.
وهذا فرع حجية ظاهر الكتاب. وغيرها من الأدلة التي ذكروها في هذا المقام.
فقد كافح الاتجاه الإخباري في سلخ ظهور القرآن عن قانون الحجية.
وحجتهم في الجملة : هو النهي القرآني من إتباع المتشابهات.
والمتشابه يشمل حتى الظواهر .بلحاظ كون المحكم نصا واحدا في معناه
وخلافه المتشابه. وهو ما كان له عدة معاني يشبه بعضها بعضا.
ويرد عليه: الكلام تام في الجملة. وهو ان الظاهر حصة من المتشابه
إلا ان استدلال الإخباري بأية(هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام
الكتاب وأخر متشابهات .. الخ .. ) هذا الاستدلال غير تام. لأن دلالة الآية ما فهم
منها الإخباري ظهورية لا نص فيه صريح. وعليه فلا إمكان بردع الاية بحجية الظهور
على الكتاب لانه الآية أيضا تردع نفسها بنفس الملاك وهو كونها ظاهرة لا صريحة.
بالتالي فالاستدلال بالآية محال. كون لو كانت الاية في مقام ردع لرعت عن حجية
نفسها وبهذا للزم من حجيتها عدم حجيتها. والكلام يطول وهو يبحث في فن الأصول - راجع
المباحث الأصولية القسم الثاني الجزء الثاني - للسيد الحائري –
0 تعليقات