علي الأصولي
المحور الثاني: ( ب ).
لا زال الكلام في المحور الثاني الذي عقدناه حول البطائني. وقد
عرفت قسما منه في البحث السابق.
وقد قلنا: ان علي بن أبي حمزة البطائني من كبار رجال الواقفة. وهذا
أمر لا ريب فيه عند الجميع وعلى ضوء الوقف وبعض الروايات الذامة سقطت روايته عن الاعتبار.
ومع انه كان فقيها حسن السيرة والسلوك في مدة الإمامين الصادق
والكاظم (عليهما السلام). إلا انه توقف في شأن إمامة الإمام الرضا (عليه السلام).
في سنينه الأخيرة وهذا أمر معروف في التاريخ الشيعي الإمامي.
وقد قلنا هناك ان البطائني وقع في إسناد - كامل الزيارات - بالتالي
من كان مبناه توثيق مشايخ صاحب - كامل الزيارات - فلا مناص وتوثيق البطائني أيضا.
نعم: من لا يرى توثيق كل من جاء في إسناد ابن قولويه في - كامله -
فهو في حل من توثيق البطائني.
بالتالي: لا مناص والوقوف على أهم المحطات في ما نقل في حق
البطائني.
أولا: ما ورد عن علي بن فضال - وهو كبير الفطحية - قول - علي بن
حمزة كذاب متهم - رجال الكشي –
قد يقال: ان دلالة كذاب ومتهم دليل على عدم وثاقته.
ولكن: يمكن ان يقال: لا دلالة على كذب البطائني على الإطلاق وفي كل
مروياته ورواياته غاية قول إنه كذاب اي بدعواه التي ادعاها بشأن حياة الإمام
الكاظم (عليه السلام). وكونه هو القائم. هذا ما افهمه في المقام من خلال مناسبات
الحكم والموضوع فتأمل.
بعبارة أخرى: ان هذه الشهادة - يعني انه كذاب - تدل على أن
البطائني متهم في مذهبه بالكذب. والكذب هو لأجل قول البطائني بحياة الإمام الكاظم
(عليه السلام). يعني هو كذاب في اعتقاده هذا دون غيره.
أضف الى ان نص ابن فضال بعينه ورد في شأن الحسن بن علي بن أبي حمزة
البطائني. وهو كما ترى يورث الشك في النسبة. هل التهمة للأب أم للابن. إذن: عندنا
هنا علم إجمالي في المقام.
ثانيا: قال ابن مسعود: سمعت علي بن الحسن: ابن ابي حمزة كذاب
ملعون. قد رويت عنه أحاديث كثيرة وكتبت عنه تفسير القرآن كله من أوله لآخره. إلا
اني لا استحل ان اروي عنه حديثا واحدا - الكشي –
وفيه: يمكن ان يقال: ان هذه الشهادة من باب التعصب على مذهب
البطائني لا أكثر ولا اقل. وإلا فإن القائل تلميذ البطائني وكان مكثر عنه
بالرواية. أضف الى ان هذا الطعن هل هو على الأب أم الابن - وان قيل يرجع الطعن
للابن كون ابن فضال لم يدرك الأب –
ثالثا: ما روي عن الرضا مسندا - وفيه ابو علي الفارسي المجهول - عن
محمد بن عسيى عن يونس بن عبد الرحمن قال دخلت على الرضا فقال لي مات علي بن أبي
حمزة؟ قلت نعم: قال: قد دخل النار قال ففزعت من ذلك. قال: أما انه سئل عن الإمام
بعد موسى ابي فقال: ىا اعرف إماما بعده فقيل: لا؟ فضرب في قبره ضربة اشتعل قبره
نارا - الكشي –
ومرسلا " انه قال بعد موت ابن أبي حمزة: انه اقعد في قبره
فسئل عن الأئمة ع فاخبر بأسمائهم حتى انتهى الي فسئل فوقف فضرب على رأسه ضربة
امتلاء قبره نارا - الكشي –
وفيه: بصرف النظر عن الضعف بالإرسال .. فيقال: اختيار الوقف أما
كان نتيجة اشتباه بإمامة الكاظم (عليه السلام). كونه هو المهدي أو عن تقصير في كسب
الاعتقاد الصحيح وأما عن عناد.
فإن كان اشتباه فهو مستضعف وعذاب المستضعف قبيح في مذهب العدل.
ويرد عليه: الاستضعاف مرفوع بعد بيان وإقامة الحجة عليه من قبل
الإمام الرضا (عليه السلام). وأصحاب الإمام الرضا (عليه السلام). بالتالي: قصة
اشتباهه بعيدة.
فإن كان عن تقصير أو عناد فالعذاب يستحقه بلا كلام. ولكن ظاهر
الرواية هو لو ذكر البطائني اسم الإمام الرضا (عليه السلام).
لتجنب العذاب. ولنا ان
نسأل لم لم يحاول أن يذكر الإمام لخلاص نفسه ودفع الضرر فطرة. إلا اللهم ان يقال
انعقد لسانه هناك في ذلك الموقف. وان لم تنص الرواية على ذلك ولكن حال الرواية من
الوضوح بمكان.
وعلى فرض تمامية الرواية سندا ومتنا إذا كان اللعن ثابتا بلا معارض
واستحقاق النار للبطائني عدلا فلا يصح ان ترد مروياته ما لم تقم الحجة على كذبها
وعلى حد تعبير الشيخ الطوسي في - الغيبة - والمفروض أن الإيمان والعدالة لا
يعتبران في الراوي فلو كان معتبرا في نفسه ولا يتعمد الكذب في خبره لكفى في اعتبار
روايته.
رابعا: في بعض المرويات ان سبب وقفه هو الطمع بالمال الذي كان بين
يديه وكان مقداره ثلاثون ألف دينار واستعمال جماعة لصالحه بالمال.
وفيه: ان هذه الروايات ذكروا أنها ضعيفة السند فلا تكون ذا قيمة في
ما نحن فيه.
وكيف كان: ان رد البطائني فلا مناص ورد صديقه أيضا زياد بن مروان
القندي فهو أيضا ابتلي بروايات شبيهه يرويات القدح في حق البطائني. وكان عنده من
الاموال سبعون الف دينار وقال الحسن بن محبوب انه مات زنديقا.
والغريب انهم لم يضعفوا رواياته بخلاف صديقه البطائني!
نعم: حاول بعضهم ان يستدل على رجوع البطائني عن الوقف بعد استشهاده
بروايات عن البطائني صريحة بكون الأئمة (عليهم السلام). اثنى عشر عشر إمام. كما في
- اكمال الدين - للصدوق.
وكتاب - عيون اخبار الرضا - غير ان ضعف هذا الإستدلال هو بكونه هذه
الروايات هل هي قبل الوقف ام بعده فلا نعرف تاريخ هذه الروايات. فإن كان قبل الوقف
لم تكن دالة على المدعى وان كانت بعد الوقف فهي دالة بشرط إحراز كونها بعد الوقف.
والدليل على اي الاحتمالين مفقود.
هناك كلمة لابن الغضائري تستحق التأمل ونصها: ابو محمد واقف بن
واقف ضعيف في نفسه وأبوه أوثق منه.
فبغض النظر عن حقيقة نسبة كتاب - الضعفاء - الى الغضائري احمد بن
الحسين بن عبيد الله. الذي اعتبر ان دعوى النسبة - نسبة الكتاب إليه - إجحاف في
حقه وظلم لكثرة من ضعف من إجلاء الأصحاب. أقول: بغض النظر عن هذه المسألة فقول أبوه
أوثق منه دلالة على توثيق الحسن الابن وعلي الأب. بدلالة أوثق ..
وبالجملة: حتى لو فرضنا ما ذهب إليه المشهور فما قيل فيه لا يلازم
عدم وثاقته في نفسه. غاية الآمر فاسد المذهب فلاحظ ..
ولذا نجد ان المحقق الخوئي خالف المشهور في قبول خبر من انتحل
الإسلام كالمجسمة والخوارج والغلاة بشرط الوثاقة في نقله محترزا من الكذب. إذا كان
معتقدا بحرمة الكذب فقد قال في حق الحسن بن علي بن أبي عثمان المعلون على لسان
الإمام السجاد (عليه السلام). كما نص - الكشي - علق الخوئي على ذلك بما حاصله:
الرجل وان وثقه علي بن إبراهيم لوقوعه في إسناد تفسيره إلا انه مع ذلك لا يمكن
الاعتماد عليه لشهادة النجاشي بأن الأصحاب ضعفوه وكذلك ابن الغضائري. نعم: لو لم
يكن في البين تضعيف لامكننا الحكم بوثاقته مع فساد عقيدته. بل بكفره أيضا ..
وكما ترى سبب توقف المحقق الخوئي لا بسبب فساد عقيدة بل لم يبالي
بكفره بل لأن ضعف من قبل المتقدمين فقط ..
هناك كتاب عنوانه - تحقيق حقيق في شأن الاعتبار الروائي لابي الحسن
علي بن أبي حمزة - للميرزا غلام رضا عرفانيان اليزدي الخرساني –
بالتالي: اختفاء حركة الواقفة عن الساحة ملفت للنظر مع مكانة أعمدتها
والشخصيات الكبيرة التي انخرطت فيها وهذا أمر يحتاج الى تأمل.
نعم: إثبات عدم جدوائية خبر الثقة إلا بشرط كونه محفوفا بالقرآئن
ضرورة كون الأخبار التي تصلنا من الثقة هي دين من فقه وعقيدة وسيرة ومسيرة .. بل
ويمكن الاستفادة من الخبر الموثوق لمعرفة ما تصلنا من اخبارات حتى العادية مثل
فقاهة هذا الفقيه وكراماته وشجاعته وحكمته ونحو ذلك من الأخبار التي رواها - ثقة -
ولا نعرف مصدر معلوماته بالضبط والتي خلفت لنا جوا مثاليا للرموز بقضهم وقضيضهم
وهذا خلاف الوجدان ولا مزيد ..
0 تعليقات