آخر الأخبار

خارج الفقه : مبنى القميين وقبول الرواية ( المحور الأول)

 




 


 

 

علي الأصولي

 

المحور الأول:

 

النموذج الأول: إبراهيم بن هاشم الكوفي ..

 

إبراهيم بن هاشم الكوفي يعتبر أول من نشر حديث الكوفيين في قم.

 

 والرجل لم ينص على وثاقته احد من القدماء جل ما في الأمر ذكروا انه انتقل من الكوفة لقم ونشر الحديث في ربوع قم.

 

الخوئي أنموذجا:  أستدل على وثاقة إبراهيم بن هاشم بلحاظ اعتماد القميين على مروياته وحسب تعبير المحقق الخوئي - وفيهم - اي في أهل قم - المستصعب في أمر الحديث فلو كان فيه شائبة الغمز لم يتسالم على أخذ الرواية عنه وقبول قوله - معجم رجال الحديث ج١ .

- وما أفاده الخوئي قريب ما ذكره السيد محمد صادق الروحاني في - فقه الإمام الصادق(عليه السلام) ج٢ - بدعوى ان القميين اشد الناس تشددا في مسألة عدالة الراوي حتى اخرجوا من قم من يروي عن الضعفاء -

 

وهذه الآراء في شأن إبراهيم نص عليها صاحب - الجواهر - أيضا ج٤ - وكذا صاحب - الحدائق الناظرة ج٣ -

وهؤلاء وتقوا الرجل بناءا على قبول روايته من قبل أصحاب الحديث في قم. ومخرجات قبول القميين توثيق الفقهاء له بالتالي كما عرفت.

 

ومع تشدد أصحاب الحديث في قم حول الروايات ورواتها إلا أن إبراهيم بن هاشم كانت رواياته متماشية ومبناهم في قبول الحديث. والدليل لم يضعفوه ولم يعترضوا عليه ولم يقك احد منهم بشن الهجوم والنقد على شخصه أو روايته كما هي عادتهم مع جملة من رواة الحديث.

 

النموذج الثاني: إبراهيم بن محمد الثقفي.

 

الذي صنف كتاب المعرفة في الكوفة وهو كتاب مناقب ومثالب استعظمه الكوفيون - مع ما لم من مساحة قبول في مثل هذه التصنيفات الروائية - ونصحوه بعدم إذاعته .. فقال لهم أي البلاد ابعد من الشيعة؟

 

فقالوا له أصفهان: فحلف أن لا يروي الكتاب إلا بها ففعل ذلك بعد ان انتقل إليها.

 

وبعد الانتقال جاءه وفد من القميين لالتماس منه ان ينتقل لقم وان يترك ما بيده من مرويات فرفض العرض.

 

الشيخ الوحيد الخرساني بناءا على طلب التماس القميين من إبراهيم الثقفي بالنزول عندهم والاستقرار احتمل إلى وثاقة إبراهيم الثقفي - كما في تعليقته.

 

الشيخ النجاشي ذكر في - رجاله - عن إبراهيم بن محمد الثقفي قول - له كتاب يرويه القميون - انتهى: وعلى ضوء نص النجاشي قال للمازندراني في - منتهى المقال - ان رواية القميين لكتابه مع ما عرف من سلوكهم مع الرواة دلالة تامة على جلالته..

 

إذن: بناءا على وجود الاتجاه المتشدد والمسيطر في الجو القمي ورفضهم وبشدة للروايات ذات المضامين العالية الذي سلكه احمد بن محمد بن عيسى القمي ومحمد بن الحسن بن الوليد وتلميذه الصدوق. كانت تقييمات الرجاليين المتأخرين ومتأخري المتأخرين بتوثيق هذا وتضعيف ذاك .. وهذا يعني ان عقيدة القميين أصبحت ميزانا التوثيقات والتضعيفات ..

 

أشار الوحيد البهبهاني بما حاصله: اعلم ان الظاهر ان كثيرا من القدماء - ولا سيما القميين منهم ابن الغضائري - كانوا يعتقدون للائمة (عليهم السلام). منزلة خاصة من الرفعة والجلالة ومرتبة معينة من العصمة والكمال بحسب اجتهاداتهم ورأيهم وما كانوا يجوزون التعدي عنها. وكانوا يعدون التعدي عنها ارتفاعا وغلوا حسب معتقدهم ..

 

نعم: ولهذا قام أهل قم بعمليات تهجير وتسفير لبعض الرواة بل وتهديد ونحو ذلك .. ووصفوا الرواة بألفاظ مغال مرتفع طيارة فاسد المذهب راو للمناكير ونحوها. ومن هنا وجدنا المفيد ذكرهم بقول - وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصرون تقصيرا ظاهرا في الدين وينزلون الأئمة (عليهم السلام). عن مراتبهم ويزعمون انهم كانوا لا يعرفون كثيرا من الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم.

 

ورأينا من يقول أنهم كانوا يلتجاؤن في حكم الشريعة الى الرأي والظنون ويدعون مع ذلك أنهم من العلماء وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه - تصحيح اعتقادات الإمامية –

 

هناك دراسة قيمة في المقام يمكن مراجعتها تحت عنوان - تقييم الرواة في علم الرجال دراسة في الأسس المنهجية بين مدرستي الكوفة وقم - للدكتور علي جعفر محمد - وهناك أيضا كتاب جيد اسمه - رواة المعارف بين الغلاة والمقصرة - للشيخ محمد السند ..

فهم الجو التاريخي كفيل بتصحيح من ضعفوه .. البطائني أنموذجا ..

 

المحور الثاني:

 

علي بن أبي حمزة البطائني .. أشكل المحقق الخوئي بالرواية عنه لكونه شيخ الواقفة وعمادها ..

 

والواقفة فرقة أو جماعة توقفوا على إمامة الكاظم (عليه السلام). ولا يؤمنون بإمامة الرضا (عليه السلام).

 

وقد تشكلت هذه الجماعة من كبار فقهاء وعلماء الشيعة أمثال البطائني وعثمان بن عيسى وسماعة بن مهران وزياد القندي.

 

وقد نقل ان البطائني كان عنده ثلاثون ألف درهم لم يسلمها للإمام الرضا (عليه السلام). بالتالي المشهور إماميا ان البطائني خان الأمانة وقد وردت فيه روايات ذامة ..

 

الشيخ الطوسي: نص بشكل صريح على وثاقة البطائني كما في كتابه - العدة ج١ - بما نصه: وأما إذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحية والواقفة والناووسية وغيرهم نظر في ما يروي. فإن كان هناك قرينة تعضده او خبر اخر من جهة الموثوقين بهم وجب العمل به. وان كان خبر اخر يخالفه من طريق الموثوقين وجب إطراح ما اختصوا بروايته والعمل بما رواه الثقة. وان كان ما رووه ليس ما يخالفه ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه وجب العمل به إذا كان متحرزا في روايته موثوقا في أمانته. - وإن كان مخطئا في أصل الاعتقاد - ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره. وأخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران وعلي بن حمزة وعثمان بن عيسى ..

 

علي هذا عاش مع الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام). ثلاثين سنة تقريبا. ولم يبدر منه سوء يذكر وكان حسن السيرة، ولذا كانت معظم رواياته في زمن استقامته. ولم يقف على الإمام الرضا (عليه السلام). إلا سنين قليلة.

 

وقد وقع في إسناد - كامل الزيارات - وهو من التوثيقات العامة. بل وروى له الشيخ الطوسي أصلا . رواه عن صفوان وابن ابي عمير وهؤلاء من مشايخ الثقات. وكثرت الروية عنهم لابد له من مبرر وروى عنه الثقات كالحسن بن محبوب - بعضهم اعتبره من أصحاب الإجماع - وفضالة وعلي بن أسباط جعفر بن بشير البجلي وهؤلاء من كبار الثقات رووا عن البطائني.

 

وأما قصة وقفه أما ان يكون مرجعها لشبهة حصلت في ذهنه أو لتمويه سياسي امني وإبعاد مشكلة عن الإمام الرضا (عليه السلام). كما احتمله بعض الآجلة. أو لأجل الأموال ثلاثون ألفا من الدنانير وكل دينار آنذاك يعادل عشر دراهم والدراهم بقيمة نعجة ..

 

وإلا كيف توجيه رواية الإمام الكاظم (عليه السلام). ونصها يا علي أنت وأصحابك أشباه الحمير؟ مع ان الرجل مؤمن بإمامة نفس الكاظم والأشكال عنده على الرضا (عليه السلام). ؟!

 

والمفروض ان الرواية تصدر من الرضا (عليه السلام). لا من الكاظم (عليه السلام). ولو صدرت من الرضا (عليه السلام).

 

لعلي ان ينقل رواية يذم بها نفسه لأنه هو راويها - نعم إقرار العقلاء على أنفسهم جائز - لكن هو راويها بالتالي: ويمكن ان يقال ان هذه الرواية تصب بصالح توثيق علي بن أبي حمزة البطائني. وتوثيقه لانه نقل ما يوهم به السلطات وفك الارتباط بينه وبين الرضا فتكون القصة كالآتي: أساء لنفسه لأجل أبعاد الشبهة عن إمامه الرضا (عليه السلام).

 

فإن أبيت هذا التوجيه فهو لا اقل محتمل وإذا دخل الاحتمال بطل الاستدلال.

 

بعبارة أخرى: الكشي أورد بسنده كما في - غيبة الطوسي أيضا، عن علي بن أبي حمزة - نفسه هو الرواى - قال: قال لي أبو الحسن - الكاظم - يا علي أنت وأصحابك أشبه - أشباه - الحمير - كيف يروي ما يضر بشخصه وهو عالم كبير وحاذق فطن، وهذا أول الكلام في مقولة انه مذموم. ولو سلمنا بصحة الخبر فهو لا يدل على أكثر من وصف علي وأشباه بالغباء والبلادة بلحاظ عدم فهم الحقائق المذهبية لا بعدم الوثاقة. وهذا الطعن على فرض صحته فهو نظير طعن المعصوم وقدحه بزرارة ومحمد بن مسلم. دفاعا منه وحماية لهم.

 

يتبع ..

 

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات