علي
الأصولي
عن
محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام). - يا محمد ما جاءك في رواية من
بر أو فاجر يوافق القرآن فخذ به. وما جاءك في رواية من بر أو فاجر يخالف القرآن لا
تأخذ به - تفسير العياشي أبو النظر محمد بن مسعود بن عياش السمرقندي ج ١ –
وكما تلاحظ أن ملاك القبول والرفض حسب بيانات المعصوم هو الموافقة
والمخالفة لكتاب الله سبحانه. بصرف النظر عن ناقل الخبر برا كان او فاجرا. على ما
سوف تعرف في قابل البحث.
بالتالي: إثبات النص المعصومي يحتاج إلى ثلاث مقدمات:
١). كون النص صادر من المعصوم.
٢). كون النص صادر للبيان ولا وجه للتقية فيه.
٣).ثبوت دلالة النص على المدعى.
وهذا الثبوت يتوقف على تعيين أوضاع ألفاظ النص وتعيين مراده.
وأما المقدمة الثانية فلأصالة عدم الصدور بغير داعي البيان.
والمقدمة الأولى. فيرجع بحثها في الأصول وحجية خبر الآحاد. وهل تثبت السنة بخبر الآحاد
أم لا يثبت إلا بالتواتر.
بالتالي: عندنا أصل موضوعي مسلم وهو وجوب العمل والأخذ بالنصوص
والبيانات المعصومية. المدونة في الكتب المعروفة.
والكلام وقع في مقامين: أحدهما: في كون هذه النصوص مقطوعة الصدور
منهم (عليهم السلام) ام لا؟ خلافا لشرذمة من الإخباريين الذين اعدوا قطعية صدور كل
الروايات.
وثانيهما: مع عدم قطعية صدور هذه النصوص معتبرة بالخصوص ام لا؟
وهنا وقع الكلام في مسألة حجية الأخذ بالعلم دون الظن. حيث اعتبروا الخبر الواحد
ليس من مقولة العلم بينما نحن مأمورون بالعلم - فرائد الأصول للشيخ الأنصاري ج ١
بتصريف –
بالنتيجة: قبول الخبر مشروط بالموافقة وعدم المخالفة لا بالوثاقة
والعدالة. حسب ظاهر هذه الرواية وغيرها من المرويات.
إن قلت لكن هذا يخالف ما نص عليه القرآن الكريم وقوله (إن جاءكم
فاسق بنبأ فتبينوا ).
قلنا: وان أكثر الفقهاء وعلماء الأصول في الحديث عن هذه الآية.
لكن كانت كلماتهم ناظرة إلى الاستدلال على حجية خير الواحد.
وكيف كان: الآية أمرت
بالتثبت عند أخبار الفاسق وقد اجتمع فيه وصفان على ما أفاد الأنصاري - ذاتي وهو
كونه خبر واحد وعرضي وهو كونه خبر فاسق - ومقتضى التثبت هو الثاني للمناسبة
والاقتران. فإن الفسق يناسب عدم القبول.
ذكرت ما هو لازم عارض. ولازم الآية المخبر الواحد إن الآية نزلت في
الموضوعات وهو خبر الوليد في ارتداد قبيلة بني المصطلق. ومن هنا تعجب الشيخ مكارم
الشيرازي كما في - القواعد الفقهية ج ٢ - ما عن جماعة من الأصوليين حيث استدلوا
بها على حجية خبر العدل في الأحكام أخذا بإطلاق الآية. ولم يستدلوا بها على حجيته
في الموضوعات الذي هو موردها.
إذن: شرط قبول وصحة الحديث الموافقة القرآنية وعدم المخالفة. بدون
ضمينة وثاقة الراوي.
وهذا ابن ابي يعفور يسأل الإمام الصادق(عليه السلام) عن صحة المنهج
السندي الذي كان منتشرا في عهده إذ سأله عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم
من لا نثق به؟
فقال (عليه السلام). إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب
الله او من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله). وإلا فالذي جاءكم به أولى به -
الكافي ج ١ - فلاحظ إعراض الإمام من المنهج السندي الى التأكيد على المنهج العرضي.
وهذا ما تنبه اليه صاحب - الحدائق الناظرة ج ١ -
ومنه تعرف دعوى الشيخ حيدر حب الله التي نص فيها ان مدح أهل البيت
(عليهم السلام) لجماعة دليل اهتمامهم (عليهم السلام) بالشأن السندي.
فعندما نجد المعصوم (عليه السلام) ينص على كون العمري ثقتي او انه
الثقة المأمون. أو ينص على العمري وابنه ثقتان مأمونان.
وغيرها من الروايات وما
يجري مجراها كما في - الوسائل ج ٢٧ - فلا دلالة فيها على ما أراد المدعي وكونها
كاشفة عن اهتمامات أهل العصمة (عليهم الصلاة والسلام) بالشأن السندي. هذا الفهم
وهذا الاستظهار في غاية الضعف.
لأن توثيق المعصوم (عليه السلام) مأمون من الخطأ والاشتباه ونحو
ذلك. يعني توثيق المعصوم (عليه السلام) مصيب الواقع تماما. بخلاف التوثيقات
الرجالية التي علاوة عن كونها اجتهادية فهي لا تخلو من ميول عقائدية. وإلا قد
عرفنا جملة من الرواة اتهموا بالغلو من قبل قدامى الرجاليين وأصبحت اليوم مروياتهم
اليوم محل قبول. وذلك الاتهام أما كان تابعا لمبنى نفس الرجالي او كان هناك تقاطع
نفسي من بعض الرواة من قبل نفس الرجالي. بالتالي قياس توثيق المعصوم (عليه
السلام). مع توثيق غير المعصوم من القياس مع الفارق. وهو مرفوض.
نعم: ان توثيق المعصوم (عليه السلام) لبعض الأصحاب هو لبيان فضلهم
وبيان كونهم من يمثل القناة بينه وبين قواعده. من قبيل الوكالة ونحو ذلك. مع ان
جملة من التوثيقات جاءت كردة فعل او قل دفع شبهة توهم القواعد الشعبية تجاه بعض الآجلة
من الأصحاب.
ومنه تعرف قوله (عليه السلام) فإنه لا عذر لأحد من موالينا في
التشكيك فيما يؤديه عنا ثقاتنا .. الخ .. كما في التوقيع الذي ورد على القاسم بن
العلاء ..
وقصة التوقيع معروفة والكشي قد أوردها: علي بن قتيبة: قال: حدثني
ابو حامد احمد بن إبراهيم المراغي. قال: ورد على القاسم بن العلاء نسخة ما خرج من
لعن ابن هلال - العبرتائي - وكان ابتداء ذلك. أن كتب (عليه السلام). الى قوامه
بالعراق: احذروا الصوفي المتصنع، وكان من شأن احمد بن هلال انه قد حج أربعا وخمسين
حجة. عشرون منها على قدميه.
قال: وكان أصحابنا بالعراق لقوه وكتبوا منه. وأنكروا ما ورد في
مذمته، فحملوا القاسم بن العلاء على أن يراجع في أمره فخرج إليه: قد كان أمرنا نفذ
إليك في المتصنع ابن هلال لا رحمه الله .. والتوقيع طويل يمكن مراجعته في محله -
رجال الكشي –
نعم: فأحمد هذا كان على قدر عال من التصنع بالمعرفة في الشرعيات
وخبير مسالك وطرق الصوفيات. مما اغتر منهم من اغتر مع ملاحظات الأصحاب التي سجلت
عليه. ولم يؤخذ بها بعين الاعتبار إلا أن جاء التوقيع وهو القول الفصل وليس بالهزل
فاحترقت ورقة أحمد بن هلال العبرتائي المتصنع بالمعارف ولا مزيد بعد توقيع وفتوى
الناحية المقدسة ..
0 تعليقات