آخر الأخبار

الرحلات الاردغانية فى القارة الإفريقية التجارة والإرهاب

 

 




محمود جابر

 

فى النصف الثاني من أكتوبر الجاري بدأ الرئيس التركي أردوغان جولة فى ثلاث دول إفريقية شملت انجولا وتوجو ونيجيريا، الدول الثلاث تتواجد فى غرب إفريقيا على ساحل المحيط الأطلنطي..

 

منذ أن بدأت تركيا "مبادرتها الأفريقية" الشاملة عام 2005 ، زار أردوغان أكثر من 30 دولة افريقية .

 

اردغان لا يتحرك باتجاه بلد الا لغرض التمدد فيه وإيجاد موطئ قدم لمخابراته وحتى جيشه ولمصالح اقتصادية فضلا عن منافسة دول كبرى يريد فرض نفسه في مواجهتها.

 

ويسعى أردوغان جاهدا لإيجاد فرص وحلول من اجل الاقتصاد التركي وبالتالي فإن السياسة الخارجية التركية لها أطماع تقترن بالعثمانية الجديدة وبالمنافسة مع الغرب. تروج وسائل إعلام اردوغان بأن السياسة الخارجية التركية بعبارة أخرى، تعزز "دبلوماسية القيادة" التي يتبناها أردوغان دور تركيا في السياسة الدولية.

 

وهناك العديد من الاعتبارات التي تحدد أهداف السياسة الخارجية التركية تجاه القارة الأفريقية.

 

وعلى رأس هذه الأهداف مواجهة الدولة الفرنسية مواجهة مصلحية بالتغلغل فى اغلب الدول التى تتواجد فيها الدولة الفرنسية والتى تدعم تحالف ضد تركيا فى شرق البحر المتوسط، ولهذا اختارت تركيا إفريقيا كميدان تنافس وصراع مثالي مع الدولة الفرنسية ومع خصومه، و تحاول الدبلوماسية المتنافسة ما بين فرنسا وتركيا إعادة مقاربة المشهد السياسي ومنه الإفريقي وخاصة بعد ما يقرب من خمس سنوات من الخلاف السياسي والشخصي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأردوغان.

 

أما عن رد الفعل الفرنسي حول انتشار النفوذ التركي في غرب إفريقيا، فقد أعلنت فرنسا أن ترويج أنقرة لعلامة "النموذج التركي" يتم على حساب العلاقات الفرنسية في غرب إفريقيا من خلال اللعب على استياء من مرحلة ما بعد الاستعمار. لكن هذا "الدولار المستاء" يقطع شوطا طويلا، لا سيما في فرنسا.

 

وتتبع تركيا ثلاثة أنماط تقليدية للسياسة تجاه القارة الأفريقية، وهي التغلغل التدريجي / الاستعماري، والمنفعة المتبادلة / الشراكة أو المساعدة التي يتم الإيهام بأنها مجانية. اردوغان ذاهب الى إفريقيا كجزء من تصفية حساباته مع فرنسا والولايات المتحدة وغيرها ولفرض صيغة الإقناع بالمصلحة ومن ثم فرض صيغة الأمر الواقع.

 

لهذا كله ما انفكت تركيا تذكر الدول الإفريقية بأنها تعرضت لاستغلال الدول الغربية المستعمرة لقرون وأنها يمكن ان تلوذ بتركيا – اردوغان.

 

تفضل تركيا إستراتيجية الفوز بالاستثمارات. لهذا السبب، ركزت على فرص الاستثمار لشركاتها، وتعزيز التجارة الثنائية لتمرير مصالحها، وبناء البنية التحتية من طرف الشركات التركية التي صارت تعاني من العديد من المصاعب المالية يوما بعد يوم.

 

ومع هذا فهناك جزء خفى دائما فى تحركات اردغان فى إفريقيا وغيرها، وهو ملف الذراع السرى فى الحروب الخارجية.

 




"صادات" ذراع أردوغان السري فى اختراق إفريقيا

 

فى السنوات الماضية اتبعت الدول الكبرى سياسة الأذرع السرية فى التوسعات الخارجية، من خلال ما يعرف بالشركات الأمنية، وهى شركات أمنية تعيد تجنيد العسكريين السابقين والمرتزقة تلك الشركات العسكرية تبدو شكليا وظاهريا شركات امن تجارية ولكنها فى الحقيقة اذرع خفية لدولة المنشأ كما هو حال " البلاك ووتر" الأمريكية و " فانجر" الروسية، وفى السنوات الاخيرة ظهرت على الساحة شركة تركية على غرار " البلاك ووتر" و" فانجر" تعرف بشركة " صادرات" .

 

شركة صادات التركية للاستشارات الدفاعية إلى واجهة الاهتمام مع تنامي دورها في تجنيد مرتزقة للتدخلات الخارجية التي تخوضها تركيا في إطار التمدد وتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فيما تتهمها دول غربية بأنها على ارتباط وثيق بالدولة التركية وأداة الرئيس التركي في صراعاته الخارجية.

 

الشركة التي أسسها ضابط سابق في الجيش التركي وكان أيضا مستشارا أمنيا مقربا من أردوغان حاولت مرارا تلميع صورتها بالتركيز على أنها شركة استشارات أمنية ودفاعية .

 

ووضعت شركة "صادات للاستشارات الدفاعية الدولية" تحت المجهر بشكل متزايد في أعقاب اتهامات أميركية لها بأنها تقوم بتدريب سوريين يتم إرسالهم في ما بعد لدعم القوات الموالية لتركيا في مناطق نزاعات مثل ليبيا.

 

وتقول الشركة في بيانها الرسمي إنها "تهدف إلى مساعدة العالم الإسلامي على لعب دور بين القوى العالمية العظمى كقوة عالمية مكتفية ذاتيا".

 

وقد قامت " صادرات" بلعب دور كبير فى تأمين مطار كابول لصالح طالبان بعد الانسحاب الامريكى، كنوع من الاستثمار الامنى وتوسيع النفوذ التركى فى آن واحد .

 

وجاء في تقرير للبنتاغون حينها أن صادات "تقوم بالإشراف ودفع الأموال لما يقدر عددهم بخمسة آلاف من المقاتلين السوريين الموالين لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا".

 

وقال الخبير في شؤون الإرهاب في الجامعة الأميركية ومعهد أوريون بوليسي، سوات تشوبوكتشو "هناك مصادر موثوقة تشير إلى أن صادات تلعب دورا أساسيا في تدريب وتعبئة مقاتلين في سوريا والاستعانة بهم كمرتزقة".

 

ووصف تقرير لرئيس هيئة الأركان المشتركة في الولايات المتحدة مات باورز شركة صادات بأنها "طرف مسهّل بين أنقرة والمقاتلين السوريين".

 

واعتبر مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد فورين بوليسي للأبحاث آرون ستاين أن "هناك الكثير من التكهنات بأن الاستخبارات التركية تستخدم وسطاء مثل صادات لدفع مبالغ مالية لمقاتلين، ما يضفي غطاء من الشرعية على الاستعانة بسوريين في عمليات في الخارج"، مضيفا "لكن ليس لدينا أي فكرة عن طريق حصول ذلك".

 

غير ان دور " صادرات" يتجاوز فكرة خدمة الدولة التركية أو الاستثمار الامنى فقد صرح تشوبوكتشو إن شركة صادات ترتبط بعلاقات ذات توجه عقائدي وأكثر تشابكا مع حكومة دولتها"، وهو ما يعنى دورها فى دعم جماعات العنف الإسلامي - الجماعات الإرهابية .

زيارة اردغان الى الساحل الغربي لإفريقيا جزء من البحث عن مقاتلين ومرتزقة جدد لت " صادرات" مستغل حالة العنف الديني فى منطقة غرب افريقيا، فحكومات الغرب إفريقيا أصبحت اغلبها عاجز فى مواجهة حالة العنف الإسلامي فى بلدانهم وحتى الاستعانة بالقوات الفرنسية فى اغلب هذه الدول لم ياتى بنتائج مرجوة، والمتابع لحجم العمليات خلال الخمس سنوات الأخيرة يجد تضاعف العمليات الإرهابية لأكثر من خمس أضعاف فى كل من مالى وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا، فى الوقت الذى يحاول الإرهابيين تأكيد سيطرتهم على الارض وتأكيد سلطتهم على المناطق الريفية والأطراف، من هنا يمكن ان تكون " صادرات" احد الشركات التى يقدمها اردغان لدعم هذه الدول على إحلال الأمن وتستفيد " صادرات" بتجنيد هؤلاء المقاتلين وإعادة تجنيدهم وتوجيههم فى مناطق أخرى لصالح تركيا وتستطيع تركيا ان تعيد توظيف هؤلاء المرتزقة لابتزاز دولهم مرة أخرى اذا ما قررت تركيا دفعهم مرة أخرى الى دولهم الأصلية.

 

هذا الدور الذى يلعبه اردغان من خلال " صادرات" يخيف فرنسا، حينما تقدم تركيا نفسها لدول الغرب كشريك أمنى قادر على إحلال السلام فى هذه البلاد.

 

كانت غزوات تركيا في منطقة الساحل حتى الآن تمرينا على إبراز القوة الناعمة. حيث تركز أنشطة تركيا في المنطقة في الغالب على دعم التنمية والمشاركة التجارية. وصحيح أنها وقعت اتفاقية دفاع مع النيجر. كما أدت المساعدات والأعمال التركية في الصومال إلى مزيد من المشاركة العسكرية، ورغم ان هذا الدور فى البداية كان منصب على ضرب الأهداف الفرنسية لصالح أمريكا، ولكن الزيارة الأخيرة لاردغان تعيد فتح سؤالا إلى أي مدى يمكن أن يصل الدور التركى فى إفريقيا ؟!

 

وتقول أرمسترونغ: "غالبا ما يرى خصوم تركيا أن وجودها في البلدان الأفريقية الإسلامية مثل الصومال والسودان هو بدافع أيديولوجي ولا سيما هدف تعزيز آفاق الإخوان المسلمين أو التيارات الإسلامية المتشددة رغبة من تركيا في زيادة ثقلها الجيوسياسي.

 

وما يؤكد ذلك دعم أنقرة الواسع للصوماليين وخاصة جماعة الإخوان المسلمين. وفي 2017، أسست أنقرة قاعدة عسكرية في مقديشو، وكانت الأكبر من نوعها خارج تركيا. كما أنشأت موطئ قدم ثابت في ميناء مقديشو البحري الذي يُعتبر أمرا بالغ الأهمية لإستراتيجيتها المتمثلة في إبراز قوتها العسكرية عبر نقاط رئيسية في البحر الأحمر والمحيط الهندي. كما أصبحت تركيا الآن واحدة من أكثر اللاعبين الأجانب نفوذا في الصومال، وهو دور يراه الكثير من الصوماليين من منظور إيجابي. "

 

ومع ذلك، فإن التركيز على تلك الزوايا وحدها يهدد بإغفال ما يبدو أنه جزء أساسي من انخراط أنقرة في منطقة الساحل حتى الآن: الاستفادة من الهوية الدينية المشتركة لتعزيز مصالحها الاقتصادية. وصحيح أن مثل هذه المشاركة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التعاون الأمني الثنائي أيضا، كما حدث في الصومال، وتغذي المنافسة مع خصوم تركيا. ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن التركيز الرئيسي لأنقرة ينصب على متابعة المشاريع والاستثمارات في منطقة الساحل والبحث عن سوق جديدة.

 

إذا التوجه التركى يبحث عن روابط متعددة المحاور من خلال السوق التجارى، والعلاقات الأمنية، وإيجاد روابط مع الجماعات المحلية الإسلامية المتشددة والإرهابية ودعم جماعة الإخوان المسلمين فى القارة الإفريقية وإيجاد شراكة معهم يتم توظيفها فى محاور عديدة ...



 

إرسال تعليق

0 تعليقات