حامد حبيب_ مصر
* عشتُ فى بيت خالى، وكان مقاولاً، وجاء أحدُ البنّائين ليأخذ أُجرته
وجلس فى الحوش ينتظر...
سمعتُه يردّد قصّة " السلك والوابور" ، وهى محاورة خفيفة
الدم بين التلغراف والقطار، كتبها (الشيخ عاشور) مؤلّف طقطوقة:"إمتى الهوى
ييجى سوا"...
التى غنّتها أم كلثوم ، ذهبت إلى حىّ "الشمرلى" واشتريت
قصة " السلك والوابور" وبقيّة السلسلة الشعبية ، وغرقت فى بحرٍ من
الأساطير الشعبية إلى أن قرأت "ألف ليلة وليلة" فازداد نهَمى إلى هذا النوع
من الثقافة.
* سكن فى بيتنا أستاذ تركى، اسمه (محمد طاهر)... لمح ميلى إلى الشعر،
فأهدانى كتاباً فى علم العَروض ..سهرتُ على الكتاب،
وحفظتُ ال١٦ بحراً وفروعها.
ثم شرح لى هذا الأستاذ معنى قصيدةً تركية يخاطب فيها
الشاعر"الساعة"، وطلب منى أن أنظمها فى شعر عربى، وقام الخطّاطون بكتابة
القصيدة على لوحات خشبية وباعوها بالأسواق .
ونشرها صاحب " الأنابيش" وقال إنها لِشاعر عربى قديم.
* تزوّجتُ وعمرى (١٧سنة) ، واشتغلت فى تجارة "
الكونترات" بسوق المغاربة، وكنت أشترى العقود من البورصة وأبيعها، وخسرتُ فى
التجارة معظم ماورثتُه . وبقى منه ألف جنيه، اشترى بها زوج أمى بيتاً لى، وكان
موظّفو البلدية يقدّرون عوائد البيت جزافاً ، فكنتُ أدفع إيراد البيت كله للبلدية
، فكتبتُ قصيدةً هجوت فيها المجلس البلدى، وقام موظّفو البلدية، وكان كلهم أجانب،
بترجمة القصيدة إلى اللغات الأجنبية ، فنشرها (عبد القادر حمزة) فى جريدة
"الأهالى"، ذاعت فى القُطر كلِّه، طبِعت منها (١٤ ألف نسخة) على حسابى ،
وبعت النسخة بتعريفة.
((هذه هى بداية حياتى الأدبية)).
* قامت ثورةُ ١٩١٩م ، فتحمّستُ للأحداث الوطنية ونظمتُ أشعاراً
ملتهبة، ولكنني وجدت أنّ الشعر وسيلةٌ محدودة ا لانتشار بين شعبٍ 95% منه لايقرأون
، فانتقلتُ إلى القاهرة، وطلبتُ رُخصة باسم " المسلّة" ، وكتبتُ تحت
الاسم" لاجريدة ولا مجلة" .
________________(س...نواصل _إن شاء الله)
0 تعليقات