محمود جابر
من يشاهد ما يحدث فى العراق، ولبنان، واليمن، وأفغانستان، وسوريا، على اعتبار أن
كل ما يجرى فيها منقطع الصلة عن الآخر، فلن يخرج بنتائج على الإطلاق سوى الاستغراق
فى الحالة القطرية هنا أو هناك، ولكن من يقرأ هذه الأحداث من زاوية الصراع الدولي
فى الملقات الكبرى سوف يرى الأمور بشكل أوضح .
وسوف نبدأ من لبنان
الاستقواء بالشارع من أجل قتل التحقيق، أو
الدخول فى معادلة جديدة:
لماذا يعتبر البعض أن مثول شخص أمام جهة التحقيق يعتبر جريمة ودعوى
إلى فتنة ؟!!
هذا هو الذى حدث فى لبنان فقد استدعى القاضى طارق بيطار الوزير
السابق على حسن خليل
للمثول أمام المحكمة، فما كان من الحزب - حزب اللH- الا ان اعتبر ان استدعاء الوزير للمحكمة
مشروع فتنة سياسية وشعبية، فيما هو في واقع الأمر، بغاية السهولة والبساطة، اذ
يقتضي به انطلاقا من مسؤولياته كوزير سابق للمالية، ومن براءته الحتمية كما يدعي،
ان يدلي فقط بما لديه من معلومات تساعد التحقيق على الوصول الى الحقيقة، مستغربا
بالتالي، إصرار خليل ونظرائه نهاد المشنوق ويوسف فنيانوس وغازي زعيتر المطلوبين
للتحقيق، على "قبع" القاضي بيطار، تحت عنوان الارتياب المشروع"؟!!
إن موقف هؤلاء الرافضين للاداء بشهادتهم أمام المحكمة لا يخرج عن
عنوان (كاد المريب ان يقول خذوني)
هؤلاء يريدون ان يضعوا أنفسهم فى موقع أنصاف الآلهة، ويرون أنفسهم
فوق الشبهات والمساءلة، ضاربين عرض الحائط بوجع أهالي الشهداء والضحايا، وبحقيقة
ما حصل في الرابع من أغسطس/ آب 2021
اى عاقل يرى فى هذا الامتناع نوعا من قتل التحقيق، بل هو تدمير
لسلطة القضاء ، حينما يرفضون المثول تارة وحينما يستقون بالشارع تارة أخرى
ان اللجوء الى الشارع، مجرد استقواء على القضاء، وعلى ناس آمنين
عزل لا يريدون سوى العدالة للشهداء والضحايا، والمحاسبة للمجرمين والمرتكبين، لا
بل هو مسعى مدروس ومخطط له سلفا لتخريب البلد، فالبريء يمثل بثقة امام القاضي
العدلي، ووحده المرتكب يلجأ الى التفلت من التحقيق بحجة التسييس والاستهداف".
إن الحديث عن فتنة ، زيارة وفد اجنبي مرتين للقاضي بيطار، قبيل
اصداره مذكرتي التوقيف بحق خليل وفنيانوس، وكان يمكن لكتلة الحزب أن تحقق فى امر
زيارة الوفد من خلال تفريغ كاميرات قصر العدل وهذا اجراء يستطيع البرلمان ان يطالب
به، ولكن ترك الإجراءات القانونية التى تحمى لبنان وتحمى القضاء وتؤدى الى الوصول
الى الجانى وتقطع رأس الفتنة لم يفعلها الحزب وهو إجراء التحقيق فيما ادعاه الوزير
ومن معه ولكن الذهاب الى الشارع ومحاصرة قصر العدل فى وجود مسلحين هذه هى الفتنة
بعينها ...
إن دخول مسلحين الى أحياء عين الرمانة وبدارو والطيونة، واستعراض
فائض القوة دفع الكتائب للاشتباك مع الحزب من اجل إشعال لبنان كلها ولكن من
المسئول الرئيس عما جرى ؟!!
أن ما جرى فى الطيونة جرس إنذار للجميع بمخاطر الانجراف نحو توازن
"حرب الشوارع"، لتعيد اللعبة الى طاولة القضاء، ولكن لأحداث الطيونة
وجها آخر
وهى ......... المراوغة الإيرانية في العودة إلى محادثات فيينا،
فقررت إيران إشعال العراق على خلفية نتائج الانتخابات التى جرت ، وإشعال لبنان على
خلفية التحقيق فى قضية المرفأ ومن هنا يشتعل الإقليم وتنشغل أمريكا والغرب عن إيران
لإطفاء حرائق الشرق وفرض توازنات جديدة على أمريكا والغرب، وفى هذا الخصوص لا ننسى
رد فعل أمريكا فى أفغانستان والتوتر الديبلوماسي الأميركي-الروسي. كل ذلك يؤشّر
لوجود توجّه لرسم خريطة جديدة في لبنان والعراق وفى اليمن وفى اغلب المناطق للوصول
الى معادلة جديدة بين أمريكا وروسيا وإيران.
ومن لبنان إلى العراق، التى فاز فيها دولة القانون وتحالفها مع أطراف
محسوبة على إيران فى مواجهة صريحة مع التيار الصدرى وحلفائة والتشكيك فى نتائج
الانتخابات، ووجود تصريحات باستخدام العنف !!
كل هذا يجعل كل السيناريوهات مفتوحة وكل شىء فى العراق متوقع
الحدوث، وما يجرى فى العراق ولبنان ليس بعيد الصلة عما جرى اليوم الجمعة فى أفغانستان،
فكل العلامات تشير إلى ان تعثر الوصول الى اتفاق امريكى ايرانى على الجلوس على
طاولة جينيف يمكن ان يفتح سيناريوهات إشعال المنطقة وخلق معادلة جديدة على الأرض.
0 تعليقات