آخر الأخبار

خلاصة درس ...... القرآن

 

 




 

علي الأصولي

 

١) المدخل ..

 

 

قبل البحث أود الإشارة الى طريقة البحث في الفقه وما نحن فيه. وهو ان البحث وان وصف بأنه فقهيا إلا ان لجملة من الدوائر المعرفية تجدها حاضرة في المقام وبقوة. من قبيل البحث الأصولي والبحث التفسيري والبحث الرجالي والبحث اللغوي والبحث الكلامي والبحث الفلسفي والبحث التاريخي وغيرها من الأبحاث المعرفية التي ترتبط بمادة البحث بشكل أو بآخر بلحاظ تداخل الدوائر المفضية للنتيجة بالتالي.

 

٢) معجزة النبّي(صلى الله عليه وآله) القرآن الكريم. وهو معجزة علمية. ومعنى كونها علمية اي ان مساحتها .. وميدانها .. هو الفكر .. والعقل .. والتدّبر .. والتفّهم .. عن مشروع وهدف .. ومراد .. الله تبارك وتعالى في الأرض. كما أفاد أهل المعرفة

 

٣) متن القرآن الكريم وهذه هي المعجزة لا فرض أحكام تجويد وتلاوة أجنبية عنه. وفهم غير معصوم. الذي حل محل المعجز فكانت آثاره كارثية والافق ببابك.

 

٤) القرآن كلام الله قد تجلى الله لخلقه من خلال قرآنه - المتني - لا الهامشي - يعني حقيقة تجليه يكون بمستوى من تجلى له.

 

بعبارة أخرى " الله في اللاتعيين غير الله في التعيين. ومن خلال التعين اتصل الله بخلقه عن طريق قنواته ومظاهره. ومن مظاهره هذا القرآن الكريم. الموجود عند الناس فهو ادني مراتب التجلي الذي ظهر بخطه ورسمه. وأعلى مراتبه حقائقه. وحقائقه لا يمسها إلا المطهرون - وهم محمد وآل محمد - (عليهم الصلاة والسلام)

٥) القراءة للغة: جمع قرآءة وهي مصدر الفعل - قرأ - من قرأ يقرأ أقرا قرآءة وقرآنا فهو قارىء. وقرأت الشيء قرآنا اي جمعته وضممت بعضه الى بعض. لقوله(إن علينا جمعه وقرآنه) اي جمعه وقراءته. على ما أفاد ابن فارس.

 

اصطلاحا: هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في كتبة الحروف أو كيفيتها من تخفيف وتثقيل وغيرها –

 

وبهذا يعرف أن القراءة الاصطلاحية عندهم ما نقل صحيحا بالتواتر أو الآحاد وما كان موضع وفاق النقلة.

 

٦) القراءة الشاذة: والشاذ من شذ يشذ بكسر الشين وضمها شذا وشذوذا إنفرد عن الجمهور وندر فهو شاذ وقوم شذاذ اذا لم يكونوا في منازلهم وحيهم. وشذان الناس ما تفرق منهم وهو جمع شاذ كشبان جمع شاب. وإنما يقال شذان بالضم لان فاعلان لا يجمع على فعلان.- لسان العرب ج٣ - قال الجوهري شذان بفتح الشين وهو المتفرق من الحصى وغيره وشذان الابل وشذاذها ما افترق منها. - الصحاح ج٢ -

 

٦) قال ابن الجزري القراءة الشاذة ما لم تجمع شروط الصحة الثلاث: موافقة العربية ولو بوجه موافقة احد المصاحب العثمانية ولو احتمالا وما صح سندها.

 

٧) نماذج قراءاتية: من زيادة - كقراءة ابن عباس في سورة الكهف اية ٧٩ ( وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة - صالحة - غصبا - ونقص كقراءة ابن مسعود وأبي الدرداء في سورة الليل آية(والذكر والأنثى) في قوله (وما خلق الذكر والأنثى) وابدال كلمة بأخرى كقراءة ابن مسعود في سورة النساء اية ٤٠ (ان الله لا يظلم مثقال نملة) بدلا من مفردة (ذرة).. وعلى ضوء ضابط ابن الحزري هذه القراءات غير شاذة. لأنها موافقة للعربية وصحيحة سندا.

 

قرأ سعد بن ابي وقاص قوله(وإن كان رجل يورث كلالة او امرأة وله اخ او اخت فكل واحد منهما السدس) قرأها (وله اخ او اخت من ام) بزيادة لفظ (من ام) وقرأ الباقون بدونها.

 

قرأ بن مسعود عبد الله قوله تعالى(والسارق والسارقة فأقطعوا ايديهما) قرأ عبد الله بن مسعود(فأقطعوا إيمانهما) يعني قطع اليد اليمنى.

 

قوله تعالى(فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) قرأها عبد الله(فأمضوا الى ذكر الله) قال: وقال: لو كانت فأسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي اي لمشيت مسرعا.

 

قوله تعالى( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) قرأ ابن مسعود بزيادة (يوم القيامة).

 

قوله تعالى(وتكون الجبال كالعهن المنفوش) وقرىء (كالصوف المنفوش)

 

قوله تعالى(لقد جاءكم رسول من أنفاسكم عزيز عليكم ما عنتم) المشهور قرؤها بضم الفاء أنفسكم اي من حيث تعرفون نسبه وحسبه اي من جنسكم. وقرىء (من أنفسكم) بفتح الفاء اي من أشرفكم وأفضلكم. من قبيل قولك شيء نفيس.

 

قوله تعالى(فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك اية) قرأها ابن السميفع وابي السمال (ننحيك) بالحاء المهملة المشددة

 

قوله تعالى(ليس عليكم جناح ان تتبعوا فضلا من ربكم - في مواسم الحج –

 

وقرأ ابن الزبير (ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وبنهون عن المنكر - ويستعينون بالله على ما أصابهم - واؤلئك هم لمفلحون) ومن هنا قال ابن الجزري وربما كانوا - اي الصحابة - يدخلون التفسير في الكلام ايضاحا.

 

أورد الانباري انه قدم أعرابي في خلافة عمر بن الخطاب فقال: من يقرئني شيئا مما أنزل الله تلى محمد ص .. فاقرأه رجل سورة براءة فقال( أن الله بري من المشركين ورسوله* بالجر ) رسوله مجرور بالكسر) فقال الأعرابي او قد برىء الله من رسوله إن يكن برأ الله من رسوله فإنا ابرا منه - فحصل للغط فقيل له كيف تقول ذلك فقال؛ اني قدمت المدينة ولا علم لي بالقرآن فسالت من يقرئتي فاقرأني هذا سورة براءة فقال (أن الله برىء من المشركين ورسوله) .. فقال عمر ليس هكذا يا اعرابي بل قال تعالى(أن الله برىء من المشركين ورسوله) (رفع رسوله ) ( عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري ابو البركات كمال الدين الانباري من علماء اللغة والأدب وتاريخ الرجال - نزهة الألباء في تاريخ الأدباء –

 

وهذا معنى موافقة القراءات للقواعد النحوية ولو بوجه. لأن تفير القراءة يؤدي الى تغير في المعنى كما في قصة الأعرابي.

 

٨) قولان:

أولا: من يرى أن هذه القراءات السبعة او العشرة متواترة وقطعية وهي مأخوذة من لسان القارىء عن لسان النبي(صلى اللّه عليه وآله)

ثانيا: من لا يرى هذه القراءات إلا كونها محض إجتهادات من آراء نحوية وصرفية ولغوية من عنديات نفس القراء او منهم ومن شيوخهم.

 

فإن كان الأول: فيلزم منه حجيتها قراءة واستنباطا واستظهارا وتفسيرا. وإن كان الثاني: فلا مناص وكوننا في حل مما ذكرناه أولا: فسقوط حجية القراءة والقراءات سقوط لوازمها تبعا. غايتها - اي هذه القراءات - مرخصة والترخيص في مورد لا يستلزم الترخيص في مورد آخر.

 

٩) القراءة والقراءات بهذا المعنى بحث في هامش القرآن الكريم لا في متنه. لأنها ليست من دائرة الوحي ليكون البحث فيها متنيا. وهذا ورد صحيحة الفضيل قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام) ان الناس يقولون ان القرآن نزل على سبعة أحرف؟ فقال(عليه السلام) كذبوا أعداء الله ولكنه نزل على حرف واحد من عند الواحد. انتهى:

وهذا ما حاول أمير المؤمنين(عليه الصلاة والسلام) ان يعمل عليه من توحيد المصحف بواحد بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كما سمعنا في بحث سابق. وكيف تم الرد عليه.

 

١٠) عثمان بن عفان أدرك المأزق متأخرا وأراد توحيد المصاحف بعد ان أرسل على مصاحف الأمصار لأجل إحراقها والإبقاء على مصحف واحد. وممن حثه على فكرة توحيد المصحف حذيفة اليماني على ما نص العلامة المجلسي. وإن كان عثمان وحد المصحف لكن لا على طريقة توحيد المصحف باشراف المعصوم (عليه السلام).

 

١١) تفكيك دلالي: حاصله: جواز أصل التلاوة شيء والاستدلال الاستنباطي منها شيء اخرا. سواء كانت قراءة تبناها المذهب في دائرة الترخيص المعصومي او كانت هذه القراءة متأخرة عن عصر النص ومستوفية للنهج العربي.

 

١٢) المتحصل: صحة ما ذهب اليه في - العروة الوثقى - والسيد المحقق الخوئي في كون القراءات اجتهادات لا روايات.

النتيجة وعليه: وجوب وضرورة وإنبغاء الاقتصار على القراءة المعهودة في عصر النص كقدر متيقن في المقام دون الاخذ بها عريضة في باب الاستنباط.

 

١٣) تنبيه:

 

بالتالي: رخصة المعصوم في الباب هو من باب إمتثال الناقص المجزيء عن الإمتثال التام. وتدارك الإمتثال بالنقص لغرض غلق باب المحذور.

١٤) ما ينبغي في البحث( أ ) البحث عن حجية القراءة والقراءات - بحث أصولي - ( ب ) البحث في تعيين إحدى القراءات - بحث فقهي -

 

عليالأصولي

بتاريخ 6/10/2021

28/صفر/1443

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات