محمد نصر علام
دول المنبع لديها مشاكل مع نفسها وأيضا مع جيرانها بالإضافة إلى
مشاكل ومطامع مع دول المصب. ومن أهم مشاكلها الحشائش وانسداد المجارى المائية مما
يؤدى إلى اندفاع مياه البحيرات وإغراقها للقرى المتشاطئة، مما يتطلب إزالة الحشائش
من المجارى المائية سريعا إنقاذا للبلاد.
ومن أكثر دول المنابع تعرضا لذلك فى حوض النيل دولة
"أوغندا"، وتقوم مصر على مدار السنوات المتتالية بدعمها فنيا وماليا
وتزويدها بالمعدات لحل هذه الأزمات بصفة دورية. ومن المشاكل الأخرى إنشاء موانئ
للصيد، وقد أنشأت مصر العديد منها فى أوغندا وفى جنوب السودان. واحتياجات الكهرباء
وإنشاء السدود، تقوم مصر أيضا بدعم إقامة السدود الصغيرة والمتوسطة فى أوغندا
وتنزانيا وجنوب السودان.
ومن ضمن احتياجات دول
المنبع، تعرضها للجفاف فى سنوات ضعف معدلات الأمطار، بينما دولة المصب كمصر تعتمد
على السد العالى، مما يتطلب إنشاء سدود تخزينية صغيرة والحصاد الأمطار كما ساعدت
مصر لدولة أوغندا فى هذا الشأن. وهناك العديد (عشرات بل مئات) الآبار قامت مصر
بحفرها فى كينيا وتنزانيا وأوغندا وجنوب السودان لتوفير مياه الشرب للقرى البعيدة
عن البحيرات والأنهار.
وهناك مشاريع أخرى فى بورندي والكونغو، وعندنا بعض هوام السياسيين
والذين يدعوا كذبا وجهلا، بعدم تواجد مصر فى دول حوض النيل. والدول مثل أثيوبيا
التى لايتواجد بها مهندسي الرى المصريين، ليس تقصيرا من مصر ولكن رفضا من جانب هذه
الدول.
أثيوبيا ودول المنبع تتحدث يوميا عن اتفاقية ١٩٢٩، ولا يتحدث أحد
عن تعاون مصر مع هذه الدول فى كل مجالات الرى الفنية مع الدعم المالى كلما كان
هناك حاجة لذلك وبعشرات الملايين من الدولارات. خلال العشر سنوات الماضية، مصر
وافقت لأوغندا على بناء ثلاث (٣) سدود على النيل لتوليد الكهرباء، بمعونة يابانية،
وبدراسات تفصيلية إنشائية وبيئية، ولم نسمع عن مشكلة واحدة حول اى من هذه السدود،
بينما نجد فى حالة السد الأثيوبي لم نسمع عن حل مشكلة واحدة وذلك لمخالفات وسياسات
أثيوبية خاطئة لفرض الأمر الواقع بالقوة، وليس لرفض أو تعنت مصرى!!!
مشاكل الأنهار الدولية متباينة حسب الظروف الهيدرولوجية والبيئية
للدول المكونة للحوض. فنجد مثلا أن معظم الأنهار الدولية فى أوروبا، ليس فى
أحواضها مشاكل نقص أو شح مائى بقدر مشاكل التخلص من المياه الزائدة، بالإضافة الى
مشاكل التلوث نتيجة المخلفات الصناعية. أما معظم أنهار أسيا وأفريقيا وأمريكا
اللاتينية، فمشاكلها تتمثل فى نقص المياه والتلوث ومشاكل الجفاف. ومشاكل المياه
تزداد من عام لأخر، كنتيجة مباشرة للزيادة السكانية، وأيضا للتداعيات الاقتصادية
وارتفاع أسعار الغذاء والمحاصيل الإستراتيجية.
وعندما يتم التحدث عن معايير قانونية وفنية لتوزيع المياه بين دول
الحوض، يكون معقولا عندما تكون هناك وفرة مائية فيتم توزيعها بالعدل والشفافية.
ويكون الأمر كوميديا، عندما تتحدث عن اتفاقيات تاريخية استمرت لعشرات السنين،
وتنتقدها لتصحيحها أو إعادة صياغتها، على حساب حياة شعوب ولصالح شعوب أخرى. فالمطلوب
أن نقول لبعض الشعوب مثل مصر لاتزرع ولا تصنع، واترك المياه لجيرانك المساكين
الذين لايجدون الا مئات المليارات من الأمتار المكعبة من الأمطار، حتى أن أبقارهم
لاتشرب الا ٨٤ مليار متر مكعب سنويا. وعندما يسألوك كيف نشرب ونعيش، تكون الإجابة
اشرب من البحر!!
هل من العدل ان تشرب أبقارهم المياه العذبة، ويشرب أولادنا من
البحر!؟ هو ده العدل المتاح!! أوضاع غريبة، وظلم بين، كل ذلك نتيجة لاختلال موازين
القوى والعقل والعدل. والهدف معروف وواضح، وهو ارضاخ هذه الدولة وتركيعها،
باستخدام أهم مكونات الحياة. والقوى لا يخضع ولدينا الصين وروسيا ممثلين لذلك،
والضعيف يحاول بما لديه من وسائل لتقليل الخسائر!!
مصر منذ القرن الماضي
والضغوط عليها هائلة لتركيعها، ولكنها بفضل الله حافظت على أقدارها وأمنها ومازالت
المؤامرات متتالية لاتهدأ، وأخرها مؤامرة سد النكبة!! والأعداء من الداخل والخارج،
يستغلون الأزمة لمحاربة الدولة ونظامها، وحتى هناك من الأشقاء من يرى مصالحه أولا
قبل المصالح الإستراتيجية للمنطقة ككل!!
هذا هو الحال ولكن ان شاء
الله، الله ناصرنا وحامينا🤲🤲. ومما زاد الطينة بلة، الاستثمار بحق الانتفاع فى الدول المطيرة،
حيث نجد إسرائيل والدول البترولية وأخرين يحصوا على حق انتفاع لمساحات كبيرة من
الاراضى تزرع بقصب السكر أو الأرز أوخلافه، تمهيدا لمرحلة فيما بعد البترول، وتوفر
على دول الحوض الاستثمار فى تطوير الزراعات المطرية، أو تطوير نظام رى تكميلي
لتعظيم الإنتاج الزراعي. ومن المنتظر تزايد هذا التوجه فى دول الحوض خلال العقد
القادم.
0 تعليقات