محمود جابر
تسالم المؤرخون والمسلمون جميعا على رحلتي الإسراء والمعراج للنبي الأكرم
صلوات الله وسلامه عليه ..........
وتسالم المسلمون والمؤرخون على أن رحلة الإسراء كانت إلى فلسطين أو
أرض إيليا وتحديد فى القدس الشريف وفى المسجد الأقصى الذى كان بيت للصلاة زمن إبراهيم
وكل الأنبياء من بعده ............
ثم اختلف المسلمين حول هل كانت الرحلة بالجسد أو بالروح وهل رأى
النبى ربه أم لا، وكيف كانت الرؤية لمن ذهب إلى القول بها ........ واختلفوا فى
تفاصيل الرحلة كفرض الصلاة وبعد من المرويات الأخرى ..........
ولم
يشذ عن ذلك إلا ما جاء به الواقدى مرفوعا، وحتى هذه الرواية أيضا التى بنو عليها
نظرياتهم لم تتحدث عن الإسراء، كما ان أحاديث الشيعة الإثنى عشرية لم تتحدث التى
تتحدث عن البيت المعمور الذى فى السماء لم تتحدث عن الإسراء ..
وبمراجعة ما قاله الواقدى فإنه لم يشر من قريب أو بعيد إلي أن مسجد
الجعرانة هو المسجد المقصود في سورة الإسراء.
وكل ما ذكره الرجل أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد أحرم في عمرته
الثالثة من مسجد أقامه في منطقة الجعرانة عند العدوة القصوي سماه الناس باسم
المسجد الأقصى تمييزاً له عن مسجد بني لاحقاً عند العدوة الدنيا وبناه رجل من قريش
اسمه عبدالله بن خالد الخزاعي وأطلق عليه الناس اسم المسجد الأدني.
وكل ما ذكره الواقدي عن
هذين المسجدين - الأقصي والأدنى - إنما كان يتعلق بتحديد مكان الإحرام الذي أحرم
منه النبي صلي الله عليه وآله في تلك العمرة.. وهذا هو نص ما ذكره الواقدي في كتاب
المغازي – تحقيق مارسدن جونس – مكتبة الإسكندرية – الطبعة الثالثة: «انتهى رسول الله إلى الجعرانة
ليلة الخميس فأقام فى الجعرانة ثلاث عشرة ليلة، فلما أراد الانصراف إلى المدينة
خرج من الجعرانة ليلاً فأحرم من المسجد الأقصى الذى تحت الوادى بالعدوة القصوى،
وكان مصلى رسول الله إذا كان بالجعرانة (أي كان الرسول يصلي فيه إذا نزل
بالجعرانة)، وأما المسجد الأدنى فقد بناه رجل من قريش اسمه عبدالله بن خالد
الخزاعى».
هذا نص ما ذكره الواقدي في كتاب المغازي. وكما نري لم يذكر فيه
الرجل من قريب أو بعيد قصة الإسراء.
البعض يشير ان قضية المسجد الأقصى تعود للصراع بين عبد الله بن
الزبير وعبد الملك بن مروان حينما ابتنى الأخير القبة فوق الصخرة التى يقال ان
النبى صعد من فوقها إلى السماء فى رحلة المعراج وان المسجد لم يكن موجودا قبل
73هـ.
وأقول لو قصد هؤلاء تلك الجدران التي أقامها عبدالملك بن مروان
والقبة الصفراء التي تزين مسجد الصخرة لاعتبرنا أن هذا كلام صحيح. ولكن يجب ان
نعلم جيداً أن قدسية هذا المسجد مرتبطة بقدسية المكان الذي بني عليه وليس لجدران
بن مروان شأن في ذلك. ولا أدل علي ذلك من القياس علي الكعبة المشرفة والمسجد
الحرام. فجدران الكعبة المشرفة قد تهدمت وبنيت أكثر من مرة علي مدار تاريخها
والمسجد الحرام تتغير معالمه عاماً بعد عام، ولكن تبقي قدسيتهما مرتبطة بقدسية
الأرض التي تحمل البناء. وليس البناء الذى بناه فلان وفلان أو بناه آل سعود !!
والحق أن مايردده بالبعض
من ان بنى امية تاجروا بهذا المسجد لصرف الناس عن الحج إلي أرض الحجاز هو اتهام روجه
المؤرخون العباسيون ضد بني أمية. وهو كلام يؤخذ منه ويرد.. فقد ذكر المؤرخ عارف
باشا العارف المولود في القدس عام ١٨٩٢ في كتابه «تاريخ القدس»: أن أول من ردد هذا
الاتهام هو المؤرخ العباسي أبوالعباس أحمد بن اسحق المعروف باليعقوبي والمتوفي عام
٨٧٤ م وردده من بعده مؤرخون آخرون. ومعروف العداء التاريخي بين العباسيين وبني
أمية. ولو افترضنا جدلاً بأن بني أمية قد روجوا لفكرة قدسية المكان لتدعيم ملكهم
ضد خصومهم، فإنما يعد هذا دليلاً علي أن للمكان قيمة روحانية ودينية موجودة سلفاً
عند الرعية من قبل بني أمية.
هذا وعلى الجميع ان يعلموا أن قدسية المكان أسبق من بناء عبد الملك
ويمكن فى هذا الخصوص رصد :
١- يعود تاريخ القدس إلي عام ٣٠٠٠ قبل الميلاد. وأول اسم عرفت به المدينة هو «أور
سالم» أو «مدينة سالم» وسالم هو إله الكنعانيين حامي المدينة الذي يعني اسمه
بالعربية «السلام» ولهذا عرفت المدينة في الأدبيات القديمة والوثائق المصرية
القديمة باسم «مدينة السلام» وهذا ما أثبتته رسائل تل العمارنة. ومن هذا الاسم
اشتق الاسم العبري «أور شاليم».
وللمدينة طابع خاص يتسم بالقدسية منذ نشأتها وقد يستشفه الإنسان من
الاسم الكنعاني القديم لها. فهلا يثير الدهشة أن تسمي مدينة باسم «مدينة السلام»
منذ أكثر من خمسة آلاف عام؟!
٢- تقول التوراة إن إبراهيم عليه السلام قد بني بيتاً للرب في هذه
المدينة وكذلك فعل يعقوب عليه السلام. ولما هاجر بنو إسرائيل إلي مصر في زمن يوسف
عليه السلام وظلوا بها طوال حكم الرعاة (الهكسوس) وبدايات حكم الرعامسة لم يكن لهم
بيت يقيمون فيه شعائرهم. فلما خرج بهم موسي عليه السلام في الرحلة إلي الأرض
المقدسة أنزل عليه الرب تشريعاً جديداً فأمره أن يقيم هيكلاً متنقلاً اسمه «خيمة
الاجتماع» أو «خيمة الشهادة»،
تنقلت معهم طوال سنوات التيه. وفي أرض موآب توفي موسي عليه السلام بعد أن أوصي
فتاه يشوع بن نون بأن يقيم بيت للرب فوق جبل أورشليم.
٣- تذكر المصادر التاريخية أن اسم المدينة قبل الفتح العبراني
مباشرة كان «يبوس» ولهذا عرف سكان هذه المدينة من الكنعانيين باليبوسيين. وهو اسم
نجده أيضاً في الوثائق والرسائل المصرية القديمة. وقد حاول «يشوع بن نون» دخول
يبوس بعد أن عبر ببني إسرائيل نهر الأردن ولكنه لم يستطع دخولها لشدة تحصين
المدينة. وتكررت محاولات بني إسرائيل لاحتلالها إلي أن ُمسِح «داود» عليه السلام
ملكاً علي بني إسرائيل في عام ١٠٤٩ ق.م. حينها سقطت المدينة في يد بني إسرائيل
واتخذها داود عليه السلام عاصمة لملكه.
٤- حينما تولي «سليمان بن داود» عليه السلام الملك، ازدهرت المدينة
في عهده أكثر وأقام معاهدات مع جيرانه من الفينيقيين والفراعنة وتوسعت المملكة في
عهده وازدهرت وبني فيها القصور والمحاريب. وأهم هذه المحاريب كان الهيكل المقدس
الذي بدأ بنائه في عهد داود عليه السلام واكتمل في عهد سليمان عليه السلام.
٥- لما مات «سليمان» عليه السلام عام ٩٧٥ ق.م. تقسمت المملكة إلي مملكتين، مملكة
يهوذا في الجنوب وعاصمتها أورشليم، ومملكة إسرائيل في الشمال وعاصمتها «شكيم». وظل
النزاع علي أشده بين المملكتين لعقود، ضعفت خلالها قوة المملكتين، كما ضعفت عقيدة
بني إسرائيل وتسللت العبادات الوثنية الفينيقية إلي عبادتهم اليومية حتي أنهم
أقاموا معبداً للاله «بعل» إله الفينيقيين في قلب أورشليم. إلي أن دمرت المملكة
الشمالية تماما علي يد «سنحريب بن شلمنصر» في عام ٧١٣ ق.م. ووقع السبي الآشوري. ثم
دمرت المملكة الجنوبية وعاصمتها أورشليم علي يد الملك البابلي نبوخذ نصر عام ٥٨٦
ق.م ووقع السبي البابلي. وفي هذه المرة دُمّر الهيكل تماما وفقد اليهود تابوت
العهد والألواح إلي غير رجعة.
٦- سمح كورش «Cyrus
the great»
لليهود بالعودة إلي أورشليم وبناء الهيكل الثاني علي أنقاض الهيكل الأول. وبالفعل
عاد اليهود إلي أورشليم مرة أخري وقاموا ببناء الهيكل الثاني وتم ذلك في عام ٥١٥
ق.م.
ثم تعاقب علي حكم المدينة الإغريق والبطالمة وتخللت تلك الفترة الكثيرة اضطرابات
وثورات لعل أكبرها الثورة علي بطليموس في عام ٣٢٠ ق.م حيث تعاون اليهود مع أعداء
بطليموس من أجل الانفصال. فأرسل إليهم بطليموس جيشاً كبيراً دك حصون أورشليم وبطش
بأهلها بطشاً شديداً وأسر ما يزيد علي مائة ألف يهودي حملهم معه أسرى إلي مصر.
٧- سقطت أورشليم تحت الاحتلال الروماني علي يد القائد بومبي عام ٦٣
ق.م. وظلت علاقة اليهود بالرومان تتأرجح ما بين الهدوء والاضطراب. وكانت أشد
الفترات توترا هي عام ١٣٨ م، حينما تولي الإمبراطور أدريانوس (Hadrian) عرش روما. فحظر علي اليهود الاختتان أو
قراءة التوراة أو احترام يوم السبت كنوع من الاستفزاز. فقام اليهود بثورة دموية
علي تلك الأحكام الجائرة عام ١٣٥ فأرسل إليهم أدريانوس جيشاً بقيادة يوليوس
سيفيروس احتل المدينة وقهر الثوار وقتل مئات الألوف منهم وحظر علي اليهود دخول
المدينة مرة أخري. ثم أمر بتحطيم الهيكل الثاني وحرقه وردمه بالتراب والحجارة وأمر
بمحو كل أثر لليهود في المدينة وتغيير اسمها من أورشليم إلي «إيلياء كابتولينا»
حتي ينزع ذكراها من القلوب.
وقد ظل اسم المدينة «إيلياء» هو الاسم المتداول منذ أن أطلقه أدريانوس عام ١٣٥ حتي
دخول عمر بن الخطاب إليها في عام ٦٣٦ م (أي لمدة خمسمائة عام كاملة)
٨- حينما اعتنق البلاط الروماني الديانة المسيحية وتولي الإمبراطور قسطنطين عرش
الأباطرة عام ٣١٣ م، ازدهر الوجود المسيحي في القدس وزارت هيلانة والدة قسطنطين
مدينة إيلياء وأزالت عن قبر المسيح الحجارة والبناء الذي أقامه أدريانوس. ثم قامت
ببناء كنيسة القيامة محل الكنيسة القديمة. ولكن الأمر لم يتحسن بالنسبة لليهود فقد
خير قسطنطين اليهود بين العودة إلي المدينة مع اعتناق المسيحية أو البقاء خارجها
إلي الأبد.
٩- في عام ٣٦٠ م تولي الحكم الإمبراطور «جوليان فلافيوس» والمعروف بـ «جوليان
المرتد» (Julian the
Apostate)
الذي تتهمه الكتابات المسيحية بالردة ومحاولة إحياء الوثنية بينما يصفه اليهود بالحاكم
العادل حيث ألغي جوليان جميع الأحكام التي صدرت ضد اليهود وسمح لهم بالعودة إلي
المدينة مرة أخري.
١٠- مع بدايات ظهور الدعوة الإسلامية وبعثة النبي محمد صلي الله
عليه وآله كانت دولة الروم في أشد درجات الضعف بسبب الخلافات المذهبية و انقسام
الكنيسة، مما منح الفرس فرصة الهجوم علي إيلياء بقيادة كسري ملك الفرس عام ٦١٤ م
وكان ذلك في عهد هرقل ملك الروم. وكان دخول الفرس كاسحاً مدمراً. فقد ذُبِح فيه
تسعون ألف مسيحي بنصل السيف وهدمت فيه كنيسة القيامة.
واستولي الفرس علي الصليب الخشبي المقدس وحملوه إلي بلادهم ومعه البطريرك
زخرياً أسيراً. وجدير بالذكر أن المؤرخين المسيحيين يشيرون في كتبهم بأصابع
الاتهام إلي يهود إيلياء وينصون صراحة علي أن اليهود قد شاركوا في أعمال التخريب
والتدمير التي وقعت بالمدينة. وعموما فلقد استجمع هرقل قواه وانتصر علي الفرس مرة
أخري عام ٦٢٧ م وأعاد الصليب المقدس وبني الكنيسة التي تهدمت مرة أخري. ولكن الضعف
كان قد حل بمملكته فلم يستطع أن يصد الفتح الإسلامي الذي أسقط مدنه الواحدة تلو الأخرى
حتي فتحت إيلياء عام ٦٣٦ ميلادياً علي يد القائد المسلم أبوعبيدة بن الجراح.
وقبل الحديث عن الفتح الإسلامي لفلسطين علينا ان نتأمل فى الاتى:
أولاً: أن المدينة التي كانت تسمي بمدينة السلام أو «أور-سالم» قبل الفتح اليهودي
لم تنعم بالسلام قط علي مدار التاريخ اليهودي باستثناء فترة وجيزة هي فترة حكم
الملك سليمان عليه السلام، التي لا تزيد علي ٤٤ عاماً طبقاً لنصوص التوراة. وفيما
عدا تلك الفترة فإن أديم هذه الأرض قد صنع من دماء وأجساد ملايين البشر والأبرياء.
ثانياً: أن المدينة المقدسة التي وصفها القرآن الكريم بالأرض المقدسة وأمر اليهود
بأن يقيموا فيها بيتاً للرب قد انتهكت قدسيتها علي مدار التاريخ اليهودي. تارة
بالوثنية وعبادة الاله «بعل» داخل الأرض المقدسة، وتارة بالانقسام والتعاون مع
الأعداء وانتهي الأمر ببيت مُقدّس دنسه الغزاة من الآشوريين والبابليين والبطالمة
والرومان والفرس وتركوه خراباً يباباً لعشرات القرون.
ثالثاً: لم تشفع العقيدة المسيحية - التي تعتبر العهد القديم جزءاً
أساسياً من الكتاب المقدس - في السماح لليهود بإعادة بناء بيت الرب. وظل مكان
البيت خراباً مطموراً بالحجارة و مدنساً بروث الخيل طيلة الحكم المسيحي للمدينة
المقدسة.
رابعا- لم تسلم المقدسات المسيحية من الاعتداء والتدمير ولم يسلم
المسيحيون أنفسهم من القتل والتعذيب علي أيدي الرومان في بادئ الأمر، ثم الفرس
لاحقاً. ولم يكن اليهود ببعيد عن إلحاق الأذي بالمسيحيين في جميع الأحوال حتي أن
أذاهم قد طال المسيح عيسي بن مريم عليه السلام نفسه.
وجدير بمن يتأمل هذه النقاط أن يشعر بحتمية ظهور طرف آخر بعيد عن
أطراف الصراع يمكنه أن يعيد الأمور إلي نصابها. فيعيد السلام إلي أرض السلام ويعيد
القدسية إلي الأماكن المقدسة ولا تستباح في عهده كنيسة ولا معبد. وكان هذا الطرف
هو الفاتحين المسلمين.
وعودا على الفتح الإسلامي لبيت المقدس و اسم المدينة في زمن الفتح الإسلامي كان
«إيلياء»، رغم أنها قضية معروفة لم ينازعه فيها أحد، بيد ان الشاهد هو أن الوثيقة
العمرية التى كتبها عمر لأهل إيليا تدل بما لا يدع مجالا للشك ان أرض إيليا هى أرض
الاسراء وأن المسجد الاقصى فى القدس هو مسرى النبى محمد صلى الله عليه وآله .. وهذا
ما جاء فى رواية الواقدي في كتاب فتوح الشام، والطبري في تاريخه، وابن كثير في البداية
والنهاية ولم يخل منها كتاب من الكتب الحديثة التي تتحدث عن تاريخ القدس.
ومختصر الرواية أن عمر بن الخطاب بعد أن دخل بيت المقدس كان أول ما
قام به أن أعطي عهد الأمان لأهل إيلياء. في وثيقة عرفت بالعهدة العمرية.. ثم زار
عمر كنيسة القيامه فلما حان وقت صلاة العصر أشار عليه البطريرك صفرونيوس أن يصلي
في الكنيسة فأبي عمر بن الخطاب خشية أن يتخذها المسلمون من بعده مسجداً. فخرج عمر
وصلي العصر هو وأصحابه في أرض فضاء تبعد حوالي خمسمائة متر عن الكنيسة. ولقد جاء
المسلمون من بعده فبنوا في هذا المكان مسجداً تم تجديده وتوسعته حتي وصل إلي شكله
الحالي في عهد صلاح الدين الأيوبي. ولا يزال المسجد حتي الآن موجوداً في الفناء
الخلفي لكنيسة القيامة في حارة النصاري واسمه مسجد عمر. ولا علاقة له بالمسجد
الأقصي.
واتفقت الروايات التي تتحدث عن فتح بيت المقدس علي أن عمر عنه سأل
عن مكان المسجد الأقصي. واختلفت الروايات فيمن سأله عمر. فذكر بعضهم اسم اليهودي
المسلم «كعب الأحبار» وذكر آخرون أنه سأل البطريرك صفرونيوس، المهم أن الناس قد
أشاروا إلي الموقع الذي كان يقدسه اليهود. فذهب عمر إلي ذلك المكان فوجده في حالة
خراب ودمار شديدين وتجمعت فيه الأحجار والأقذار بفعل الرومان. فراح عمر يزيل
التراب والقاذورات عن أرض المكان هو وأصحابه. وكشف عن صخرة في وسط المكان أعتقد
أنها الصخرة التي عرج منها النبي صلى الله عليه وآله إلي السماء فأقام حولها مسجداً خشبياً بدائياً،
وكان هدفه أن يعيد إلي المكان قدسيته وهيبته حتي لا يتجرأ عليه أهل إيلياء بموجب
عهد الأمان الذي أعطاه لهم. وظل هذا البناء الخشبي قائماً حتي زمن معاوية بن أبي
سفيان. وفي عام ٤١ هجرياً قام معاوية بن سفيان بتغيير هذا البناء الخشبي الذي كان
يتسع لألف مصل إلي بناء حجري وقام بتوسعته كي يستوعب ثلاثة آلاف مصلي. ولا يزال
مسجد معاوية الذي أقامه علي آثار مسجد عمر قائماً حتي الآن ضمن أسوار المسجد
الأقصي ويسمي بالمسجد القبلي. ويذكر المؤرخ الشهير «المقدسي» أن أكبر التوسعات
التي حدثت في المسجد حتي وصلت إلي شكلها الحالي كانت في عهد عبدالملك بن مروان
والذي بدأ في مشروع التوسعة عام ٦٥ هجرياً أي في السنة الأولي من حكمه.
ولربما أراد عبد الملك فى خضم الصراع مع ابن الزبير أن يبدأ حكمه
بمشروع عملاق يجتذب حوله قلوب الرعية خاصة أن حكمه كان مزعزعاً في الجنوب بثورة ا
بن الزبير وفي الشام بمحاولة انقلاب عمرو بن سعيد الأشدق الذي كان يري نفسه أحق
بالخلافة.
ولكي يبدأ بن مروان مشروعه نذر له خراج مصر سبع سنين وعهد بإدارة
العمل فيه الي أحد أعلام العصر في ذلك الوقت وهو رجاء بن حياة الكندي. وبدأ بقبة
الصخرة المذهبة وبعدها بقبة السلسلة حتي اكتمل البناء وصار أقرب إلي الشكل الحالي.
وجدير بالذكر أن المسجد الأقصي تهدمت بعض أجزائه مرتين بفعل الزلازل. الأولي في
بدايات حكم الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور وقام بتجديده مرة أخري والثانية في
عهد الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله والذي قام أيضاً بتجديده. وهذا يوضح
أن للمسجد قيمة كبيرة عند العباسيين والفاطميين رغم اختلاف المذاهب والمطامح
السياسية.
ولم يظهر الخلاف فى الرحلة والمسجد إلا بعدما قام المؤرِّخ الصهيوني (مردخاي قيدار Mordechai Kedar)، الأستاذ بجامعة (بار
إيلان) في الكيان المحتلّ، والباحث في (مركز بيجن- السادات للدراسات الاستراتيجيَّة!)
وقال بأن الرحلة كانت إلى مسجد الجعرانة ولم تكن إلى أرض فلسطين مما ذكرناه فى
الحلقة السابقة ...
فهل حينما نقول أن هؤلاء يكملون المشهد الابراهيمى الجديد وفقا
لاتفاق إبراهام، أو أنهم شيعة لندن وتل أبيب فهل نكون قد خرجنا عن حد اللياقة ؟!!
فى حق الدكتور (المصرى) أو الشيخ (العراقى) ...... أو
غيرهما.........
انتظر منهم جوابا .................
1 تعليقات
هذه حلقة لوضع النقاط على الحروف
ردحذف