عز الدين البغدادي
علم الهيئة احد العلوم التي كان الفقهاء القدماء يهتمون بها، وهذا
العلم يقترب من دور علم الفلك في هذا العصر، فهو علم ينظر في حركات الكواكب والأجرام
السماوية، ويقوم بوضع الحسابات التي تتعلق بها.
وفي الماضي كانت أهميته كبيرة ثم ضعف الاهتمام به، وقد أشار المحقق
الأردبيليّ إلى قلّة المهرة في هذا العلم في ذلك الوقت فكيف الآن؟
قال: ... وأهل هذا العلم في هذا العصر قليل جدا، ورأيناه منحصرا في
خالي الذي ما سمح الزمان بمثله.
وقد مدح ابن حزم هذا العلم وبيّن فضله وقال عنه بأنه علم حسن صحيح
رفيع يشرف به الناظر فيه على عظيم قدرة الله عز وجل وعلى يقين ناثرة وصنعته
واختراعه تعالى للعالم.
ورغم أنّ هناك من بقي يصرّ على أهمية علم الهيئة؛ إلا أنه مع ذلك
كان هناك رفض عند كثير من أهل العلم للاستفادة مما توصّلت إليه العلوم العصريّة في
هذا المجال.
ومن غريب ما يذكر أن أحد علماء المدينة المنوّرة وهو حسن بن حسين
بن إبراهيم الأسكوبي (1237- 1303) أقام على سطح منزله مرصدا فلكيا جيء به إليه من
أوربا، ثار عليه علماء المدينة، ونظم أحدهم فيه بيتين:
ما قَولُكمْ فِي شَيخنا الأسكوبي يبيتُ طولَ الليلِ في الراقوبِ
يرقبُ منه الفلكَ الدوارا مُضاهيا في فِعله النَّصارى
فهجم القوم على بيته وأنزلوا ما عليه من مناظير واصطرلابات، فحزن
لذلك واغتم واعتزل الناس حتى توفي!!
ورغم تقدم العلم فلا زال هناك من تختلط عنده الأمور، حيث يعتقد بأن
القول بكروية الأرض ودورانها حول الشمس مخالف للنص القرآني، وقد كتب في ذلك ابن
باز رسالة " رسالة الأدلة النقليّة والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض
وإمكان الصعود إلى الكواكب" نفي فيها حركة الأرض (وإن اعتقد بكرويتها) ورأى
أن من قال بذلك فقد قال كفرا وضلالا لأنه تكذيب لله، كما كتب التويجري كتابا سماه
"الصواعق الشديدة على أتباع الهيئة الجديدة" في نقد من يأخذ بمعطيات علم
الفلك.
0 تعليقات