عز الدين البغدادي
كتب لي شخص يسأل "عن إسلام علي وإسلام السقيفة، وأيهما يصلح
كواجهة حضارية يمكن عبرها تصدير الإسلام ورؤيته وأحكامه في جميع مفصليات الحياة
للعالم الإنساني أجمع"!
وقد كتبت إليه: أشكركم على سؤالكم الهام وهو ليس سؤالكم انتم فقط
بل هو سؤال يطرح كثيرا لأنه يعبّر عن الوعي المجتمعي عموما، وهو يعبر عن الأزمة
المنهجية التي نعيشها في فهمنا للدين وللتاريخ، وهو ما ينعكس لاحقا على فهمنا
للسياسة. وأقول لكم: هذا السؤال يمكن ان يطرح في حسينية أو في مجلس، لكن من ينطلق
من هذا السؤال أو من هذا الفهم للدين والتاريخ وبغض النظر عن صحته او خطئه لا يمكن
ان تكون له رؤية سياسية منتجة، فهو يصر على حصر الحاضر والمستقبل الى قيام الساعة
بما حصل في يوم السقيفة.
وكمثال على ذلك في بلد مثل العراق فيه شيعة وسنة؛ كيف يمكن ان تكون
هناك رؤية للحكم والسلطة والإدارة وفق طرحكم؟ هل سنفرض مثلا على السنة (إسلام
السقيفة) أن يكونوا شيعة (إسلام علي)؟ أو نقسم البلد إلى قسم سني وآخر شيعي؟ وإذا أردنا
أن نطبق الإسلام الحقيقي في بلد كمصر أو المغرب أو اندونيسيا؛ فهل سيكون هذا امراً
ممكنا وفق منطلق التمييز بين إسلام علي وإسلام السقيفة؟
ثم من قال لك بأن من يؤمن بإسلام علي هم في جهة واحدة مقابل إسلام
السقيفة؟ هل تعلم ان إسلام علي يضم الأصوليين والإخباريين الذي وصل الأمر بينهم
الى التسقيط والتفسيق بل والقتل؟ وإسلام علي يضم الولائيين والشيرازيين، ويضم
الحركات المهدوية وغيرها وغيرها.
ومن قال لك بأن كون الإمام عليا على حق يعني ان كل شيعي فهو على
الحق؟ الا ترى ان النتيجة التي وصلنا اليها في العراق بسبب من يعتبرون أنفسهم شيعة
علي؟
اعرف انك ستقول بأن هؤلاء ليسوا شيعة حقيقيين، وهذه رأيي أيضا بالتأكيد
لأن هذه النظرية لا يمكن أن تنتج غير ما وصلنا اليه من فشل مخزٍ وغير مسبوق.
0 تعليقات