علي الأصولي
يتعامل الدين مع الناس في حصة الشريعة والشرعيات كما يتعامل كبار
السن ومن عاركتهم التجارب العلمية والحياتية مع الأطفال،
فالعقل الطفولي تواق لمعرفة كثير من الأشياء التي يصادفها في حياته
فهو يسأل عن القمر وعن السعلوة وعن الغيوم ومكان مبيت الشمس وعن الله وأولاد الله
ومن خلق الله.
وهذه الأسئلة تجعل من الأباء في حيرة من الإجابة. حيث توجد بعض
الإجابات الواقعية العلمية ولكن لا يمكن إيصالها وإفهامها للعقل الطفولي ومحدوديته
التعليمة والخبروية الحياتية. وبعض الإجابات لا يمكن للآباء الإجابة عنها كونها
فوق مستويات معرفتهم وتجاربهم.
كذلك يسأل البالغ عن كثير من الأسئلة الدينية العامة والشرعية
الخاصة. فكذلك الإجابة تكون محيرة لمن يملك الجواب حيث أن بعض الإجابات تحتاج الى
مقدمات وصولا للنتيجة. وبعض الأسئلة ليس لها إجابات من أصل. إذ لا تتوفر عند طبقة
علماء الدين. كالإجابات التعبدية الصرفة.
مشكلة السائل وبعد أن لا تتوفر له إجابة واقعية بلحاظ كون موضوعها
تعبدي. تتراكم عنده جملة من الأسئلة المقلقة ولا يجد لها منفذ إلا التمرد عن جملة
من إيماناته. ويحسب ان التمرد صورة من صور الحل المتوفر تحت اليد.
الإسلام أدرك وجود مثل هذه المشكلة الأزلية ولذا تراه حاول أن يقنع
أتباعه بضرورة التسليم. والتسليم المطلق ما دام انه آمن بالله ورسوله وما جاء من
كتاب.
غير أن هذه الثغرة كانت موضع اهتمام ومنفذ لزعزعة اعتقادات الناس
بشرعية أديانهم ومذاهبهم. ولذا نجد أن الأيدلوجيات الفكرية المناهضة للخطوط
الدينية وظفت عشرات الإثارات من الأسئلة في مناطق متعددة من المنظومة الدينية. وهي
تعرف - هذه الأيدلوجيات - أن الدين لم يوفر إجابات قاطعة وأحال أتباعه لمقولة
التعبد.
وعدم توفير الإجابة لا يعني ان الدين مفتقر للإجابة من أصل ولا أرباب
الدين عجزوا عن إيجاد إجابات وتفسيرات بل متعلق عدم الإجابة العقلية الطفولية
للبشرية.
قدم مصطفى ملكيان، نصيحة لكل من يختار الخطوط الحداثوية. نصها ما
يلي:
لن تكون حداثويا ما لم تكن للمضي قدما للاستدلال. ما دام الطرف
المقابل لا تزال عنده أسئلة وإستفهامات. فلو وصل الاستدلال الى مرحلة ( ك ) تعني (
ل ) وسألك عن الدليل فعدمته. وتشبتث بقول فلان او فلان تكون بذلك قد لجأت الى
التعبد وهجرت دائرة الحداثة. لأن الاخير منوط بعدم التهرب من الاستجابة المواكبة
المطالبة المستمرة بالدليل.
وإذا بلغنا النقطة التي نعدم فيها الدليل فلا بد لنا من السكوت
حفاظا على سمعة الحداثة في سلوكنا. وإلا فإن الإصرار على النتيجة من دون تقديم
دليل هو التعبد بعينه. ومعه لا مجال ودعوى الانتماء الى عالم الحداثة - العقلانية
والمعنوية ص 234 - ترجمة عبد الجبار الرفاعي وحيدر نجف –
حاول ان تتأمل نصوص ملكيان وتأكيده وحثه على الاستدلال بأي ثمن كان
وإلا فالنتيجة الوقوع بشراك او شرك مقولة التعبد.
وبالتالي: الحداثة لا
تلتقي والتعبد اي الطاعة والتسليم للاومر الإلهية والمعصومية.
لا تختلف نصوص ملكيان عن نصوص زملائه فالفصل المقوم عند عامة
الحداثويين هو الإنشاء الأدبي وصياغات النصوص.
وفي عقيدتي: لم أجد منهم مفكرا وقامة علمية على غرار أرباب الفكر
من فلاسفة الشرق والغرب. والسمة العامة لقضهم وقضيضهم التقليد فهم مقلدة وشراح
لمتون غيرهم والى الله تصير الأمور ..
0 تعليقات