آخر الأخبار

ماذا جرى للمصريين؟ دعوة لنقد حديث الكراهية ونبذ ممارسات العنف

 

 




بقلم: محمد فرج

 

ماذا جرى للمصريين؟ .. سؤال يشغل بال المصريين منذ فترة طويلة .. ماذا جرى لأخلاق المصريين؟ .. سؤال يتردد في جلسات الكثير من أفراد الأسر المصرية؟

 

لكن حدة طرح هذا السؤال زادت في الفترات الأخيرة .. وساهمت وسائل التواصل الاجتماعي والفيسبوك .. ولغة الحوار فيها في تسليط الضوء على كل من المشكلة .. وعلى حدة السؤال .. وأضافت عمليات التراشق بالألفاظ .. والتنابذ بالألقاب .. وحدة الحوار بين بعض مشجعي كرة القدم .. وبين بعض نشطاء العمل السياسي .. ضوءً جديداً على خطورة الأوضاع التي وصلت إليها العلاقات الاجتماعية والثقافية بين المصريين ..

 

فكما يعرف الجميع .. الناس (العاديين) قبل النخبة والمثقفين والباحثين .. فإن اللغة وألفاظها هي وسيلة وأداة التعبير عن مكنون الفكر والثقافة والمشاعر والعلاقات السائدة بين الناس .. فقد تعبر الكلمات والألفاظ عن رقي الفكر والثقافة والعلاقات بين البشر .. فتظهر الألفاظ حاملة لمشاعر الحب والتفاهم والتفهم والتعاون والتقدير والاحترام .. أو تظهر حاملة لمشاعر الكراهية وعدم التفاهم والرفض والتحقير وعدم التقدير والازدراء .. ولا علاقة لخطابات وألفاظ الحب والاحترام أو خطابات الكراهية والازدراء بالاختلاف في الرأي .. أو الاختلاف في الفكر أو في اللون أو في الموقف أو في العقيدة .. بل إن خطابات الحب والتقدير والاحترام في ظل اختلاف الرأي أو العقيدة تصبح تعبيراً رفيع المستوى عن رقي الفكر والثقافة والمشاعر.

 

فماذا جرى للمصريين؟

 

لم يكن المصريون في كتلتهم الكبيرة هكذا مع بعضهم البعض طوال التاريخ .. بل ولا مع غيرهم من أفراد الشعوب العربية أو الأجنبية .. كان المصري القديم منذ الفلاح الفصيح في مصر القديمة متحدثاً لبقاً حلو الكلام حتى في شكواه .. وكان المصري الحديث من المواطنين العاديين في الريف والمدينة .. ومن المتعلمين والمثقفين والنخبة .. في أغلب الأوقات .. معتدل المزاج منبسط المشاعر .. كغيطانه الواسعة المنبسطة .. والسهول المكسية بثيابها الخضراء .. والمروج الخضر .. وأشجار الجميز الكبيرة الظليلة .. وأشجار التوت .. والنخيل .. ونهر النيل .. كان المصري يعبر عن نفسه وعن رأيه بهدوء .. وينفر من العصبية و العصبوية .. يتحدث باعتزاز وفخر .. ويسعى لأن يكون حديثه عذباً .. فيختار من الألفاظ أفضلها وأجملها وأصفاها .. وأقربها إلى الرقة .. مبتعداً عن لغة التحقير والازدراء والعنف والألفاظ الدبش ..

 

والمصري هو صاحب تعبير أن (اللفظ سعد).

 

المصري العادي إذا أراد أن يبلغك أن فلان (مات) لا يقول ذلك بل يقول: أن فلان (تعيش أنت) .. وإذا أراد أن يخبرك عن (مرض) قريب له أو لك يقول: (بعد الشر عنك) .. وإذا أراد أن ينقل لك (خبراً سيئا) يسبقه بقوله: (بعيد عنك وعن السامعين) .. والمصري العادي السليم لا ينقل لك (حديثاً سيئا) سمعه عنك .. فهو صاحب تعبير (ما شتمك إلا اللى بلغك) ..

 

فماذا جرى للمصريين؟

 

ما الذي جعل المصريين في الفترات الأخيرة لا يختارون من الألفاظ إلا أكثرها ازدراءً .. أو أكثرها إيذاءً .. أو أكثرها إيلاماً .. أو أكثرها إهانةً .. أو شماتة .. ويتفننون في اختيار ألفاظ السب والقذف والعنف اللفظي و المعنوي والبدني ..

 

والحديث يطول .. لكن سؤال ماذا جرى للمصريين يظل حاضراً ومطروحاً بقوة .. وتظل حالات تصاعد خطابات وسلوكيات العنف والكراهية والازدراء والطائفية والتخوين والتكفير بين المصريين المحدثين .. موضوعاً للبحث والتنقيب والدراسة .. لبحث الأسباب في أبعادها الاجتماعية والثقافية والسياسية والنفسية .. وبحث تداعياتها وآفاقها على العلاقات بين المصريين .. وإمكانيات تدارك مخاطرها على الحاضر والمستقبل.

 

فهل نحن قادرون على تدارك الخطر ؟

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات