آخر الأخبار

إشكاليات الطلاق (1)

 


 

 

عز الدين البغدادي

 

 

رغم أن أحكام الأحوال الشخصية في الفقه الإسلامي تعتبر واحدة من ارقي وأدق المنظومات التشريعية إلى الآن إلا أنها بحاجة إلى إعادة نظر في أمور كثيرة. وما لم يتم تجديدها وإعادة النظر فيها، فستترتب نتائج سيئة جدا.

 

إلا أني أريد أن أقف عند موضوع الطلاق كإشكالية خطيرة في التعامل الفقهائي ولا أقول الفقهي معها. فرغم ان المذهب الجعفري هو الأفضل صياغة لهذه المسائل لدرجة ان ابن تيمية اخذ بقولهم في مسالة الطلاق واحتج لها وذلك في كتابه "الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق" إلا أن التعامل الواقعي للأسف كان يفتقر لملاحظة المصالح الاجتماعية التي وجد لأجلها الطلاق، وسأضرب هنا مثلين:

 

زوجة شابة محترمة ومن عائلة طيبة تتعرض للضرب والاهانة من زوجها، ثم انتهى الامر بها بطرده لها من البيت بشكل مهين، رفعت عليه دعوى تفريق في المحكمة وحضر زوجها المدعى عليها الجلسة الاولى وعندما راى الامور تجري لغير صالحه، قال لها: انا سوف اسافر والحكم الذي ستحصلين عليه من المحكمة في التفريق لن ينفعك لان طلاق المحكمة غير شرعي وبالتالي ستبقين معلّقة‼ صدر القرار بالتفريق ونشر في الصحف باعتبار ان المحكوم عليه غائب، لكنها تفاجأت عندما قيل لها بأن طلاقها غير شرعي لأن المحكمة ليست لها ولاية شرعا بذلك، وان من يطلق هو الزوج حصرا واحيانا الفقيه. ذهبت تستفي هناك وهناك، منهم من قال لها الطلاق باطل، ومنهم من قال لها: زوجك مفقود وعدة المفقود زوجها اربع سنين، ومنهم من قال غير ذلك.. جاءتني ومعها اوراقها وحكم المحكمة، قلت لها: اذا كان هناك فعلا ضرر وصرب واهانة فضلا عن عدم دفع النفقة فإن حكم المحكمة جائز نافذ شرعا.. انت طالق بحكم المحكمة، وهو حكم صدر من اهله، والمرأة ذهبت وعاشت حياة طبيعية دون هذه العقد التي ما انزل الله بها من سلطان.

 

وروى لي احد المشايخ الثقاة شيخ س.م وهو شخص معروف من أهالي القرنة أنّ امرأة حكم على زوجها بالسجن لمدة 15 عاما، فرفعت أمرها إلى الفقيه ليطلقها لوجود ضرر عليها ولعدم وجود من ينفق عليها، اتصل الشيخ بمكتب المرجع فابلغوه بأن يذهب إلى السجن ليلتقي بالزوج ويسأله: هل لديك استعداد لتنفق على زوجتك؟‼ فأجاب بأنه سينفق عليها فردّت دعواها لذلك، رغم أنه سجين وهو لم يكن قادرا على نفقتها وهو حرّ طليق فكيف به وهو محبوس؟! ثم لماذا يتم قصر النظر إلى الحاجة من جهة النفقة فقط، أليست هناك حاجات أخرى للمرأة!

 

أقول: مع هذا الفهم يصرّ القوم على تطبيق فقه بهذا الضعف!

 

إرسال تعليق

0 تعليقات