محمود جابر
القارئ للتاريخ الإسلامي يدرك مقدار العلاقة بين على بن أبى طالب
وعمر بن الخطاب، هذه العلاقة تبدو وكأنها علاقة ملاصقة أو علاقة تكاملية، وربما
ظهرت هذه العلاقة بشكل واضح بعد ان أصبح عمر بن الخطاب خليفة، وهناك الكثير من
الأدلة، التي تثبت ما ذكرت..
كان عمر بن الخطاب، قد اختار منذ توليه الخلافة الإسلامية، الإمام
علي بن أبي طالب ليكون المستشار الأول أثناء حكمه كخليفة، وعندما كان يسافر يقوم
بتعيينه خلفاً له، وكان يقول دائماً «أقضانا علي»، ويقول «أعوذ بالله من معضلة ليس
لها أبو الحسن»، إذ كان عمر يعتبر علي بن أبي طالب في عهده، عالم الإسلام،
وعبدالله بن مسعود عالم الكوفة، أما عالم الشام فكان أبو الدرداء، وإذا التقى
الثلاثة، كان الإثنان يسألان علي بن أبى طالب، ولا يسألهما ..
إن هذا الدور الذي لعبه علي بن أبي طالب طيلة عهد الخليفة عمر بن
الخطاب، والذى يستند إلى ما تمتع به من شخصية تتميز بكل ما يجب أن يتميز به القاضي
من سعة أفق وعلم ودراية بأصول التقاضي وبالفقه وبكتاب الله وسنة نبيه محمّد (صلى
الله عليه وآله وسلم) هو دور الأعلى مقاما والأعلم؛ الذي له سلطة فوق سلطة الخليفة
الذي يقر له دائما بهذه المرجعية ولا يمنعه شغله لا على منصب في دولة الإسلام من
أن ينتقل بنفسه إلى حيث يكون على ليعرض عليه قضية أشكلت عليه أو أدرك أنه ليس
بمستطاعه إصدار الحكم الصحيح فيها، فيطلب إليه أن يصدر حكمه فيها.
وعندما كان عمر يصدر أحكاما في قضايا معينة وهو يظن أنه فصل فيها
وفقا لكتاب الله وسنة نبيه محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، كان الإمام علي يملك
سلطة التدخل ووقف تنفيذ الحكم الصادر عن الخليفة.
ثم تعاد القضية إلى المناقشة ليدلى فيها على برأيه وقضائه. وليكون
ما يحكم به عليّ هو الحكم النافذ. ولم يكن عمر بن الخطاب وهو الخليفة يجد أية
غضاضة في أن يتدخل على لنقض أحكامه وتغييرها؛ ولم ينكر عمر بن الخطاب دور علي بن
أبي طالب ومكانته وكان يصرح دائما بفضله وعلمه ومكانته .
وكان الإمام علي إلى جانب عمر بن الخطاب أثناء حكمه يشد من أزره،
ولا يبخل عليه برأيه، ويجتهد معه في أمور الدولة الإسلامية، وفي الأمور القضائية
والإدارية والسياسية؟ ولنبدأ بالأمور القضائية التي تناولها علي بن أبي طالب في
أثناء حكم عمر بن الخطاب:
*إمرأة تعتريها نوبات من الجنون: حكم عمر برجم امرأة مارست الزنى، فذهب الجمع
ليرجموها.. فالتقى بهم علي بن أبي طالب، فسألهم، «من هذه؟»، أجابوا «إمرأة زنت
فأمر عمر برجمها»، لكن علي انتزعها من بين أيديهم وردهم. رجع الناس إلى عمر بن
الخطاب وأخبروه أن علي بن أبي طالب رفض رجمها، أجاب عمر «ما فعل علي هذا إلا لشيء
علمه»، فأرسل عمر بن الخطاب إلى علي بن أبي طالب، ليأتي له، جاء علي وهو شبه غاضب،
فسأله عمر «مالك يا علي رددت هؤلاء؟»، فرد علي «أما سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول «رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن
المبتلى حتى يشفى». رد عمر: «بلى»، فقال علي: «هذه المرأة مجنونة، وقد أتاها
صاحبها دون أن تعلم»، فقبل عمر برأي علي رضي الله عنهما، ولم يرجم المرأة لأنه لم
يكن يعلم أنها مجنونة.
*حكم عمر بن الخطاب على سيدة بالرجم لأنها زنت واعترفت بذلك، وكانت
حاملاً، لكن علي أبي طالب اعترض على حكمه قائلاً: «إن لك سلطاناً عليها، لكن ليس
لك سلطان على ما في بطنها»، أي «يجب أن تنجب ابنها أولاً ثم ارجمها»، وسأله علي بن
أبي طالب إذا كان قد نهرها أو أخافها وهو يحاسبها كقاضٍ، رد عمر بن الخطاب بأنه «قد
فعل ذلك». أجاب علي، «ألم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا حد على معترف
بعد بلاء، أنه من قيدت أو حبست أو تهددت فلا إقرار لها»»، فخلى عمر سبيل المرأة،
ثم قال: «عجزت النساء أن تلد مثل علي بن أبي طالب، لولا علي لهلك عمر».
ولا يدل هذا الحديث على يقين عمر بن الخطاب أن على باب مدينة
العلم، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنا مدينة العلم وعلي بابها.
وللحديث بقيه
2 تعليقات
اعتقد انه مقال يحتاج لقراءة بشكل مختلف
ردحذفبهدوء وبعقل اقرا هذا
ردحذف