آخر الأخبار

"العدوان الثلاثى"

 

 

 


 

على الحفناوى

 

بعد مشاهدة الجزء الأول من هذا الفيلم الذى اشتركت خلاله ببعض المداخلات، يسعدنى الاستجابة للأصدقاء الذين ألحوا في طلب التعليق عليه وإبداء رأيى دون انتظار لعرض الجزء الثانى، راجيا أن يتسع صدر صانعوا الفيلم لهذا التعليق، وألخص فيما يلى بعض ما لمسته بعد مشاهدة هذا الجزء (دون الثانى):

 

1- لا شك أن المجهود المبذول من فريق العمل لإنتاج مثل هذا الفيلم الوثائقى لهو مجهود ضخم ومحمود... فلا يوجد في مكتبة الأفلام المصرية مثل هذا الفيلم، بهذا التكامل والأسلوب في عرض المعلومات التاريخية... ونكون ظالمين إن حاولنا مقارنته بما تنتجه القنوات الأجنبية مثل البى بى سى أو حتى قناة الجزيرة القطرية، التي تصرف بلا حساب للوصول إلى منتج فنى متكامل وفق الأصول المهنية السليمة... وإذ تعاملت مع الشباب المصرى الذى أنتج وأعد وأخرج هذا العمل، فلا يمكننى إلا التفاؤل بقدراتهم الواعدة، راجيا أن تتاح لهم الفرصة للوصول إلى المستوى العالمى في عملهم كما نتمناه.

 

2- تفاءلت بشدة لإذاعة الفيلم عدة مرات وفى قنوات تليفزيونية مختلفة في أوقات مختلفة. خاصة وأن موضوع الفيلم "العدوان الثلاثى" موضوع أعتبره هام وخطير جدا في تاريخنا المصرى. فقد كانت تلك الأحداث نقطة تحول جوهرية في مصير البلاد طوال النصف الثانى من القرن العشرين. كذلك تفاءلت بعرض الفيلم يوم 23 ديسمبر في ذكرى عيد النصر؛ فلم أفهم أبدا أن يستبعد هذا العيد من مجموع أعيادنا القومية... ومن جهة أخرى، سعدت أن يختار معد الفيلم شخصيات مصرية وأجنبية غير معروفة بميول سياسية محددة، فغلبت علي مداخلاتهم الموضوعية العلمية.

 

3- فيما يخص رؤيتى لمجمل المحتوى الذى عرض، أعتقد أن البعد التاريخى المهم لموضوع الفيلم قد فُقد بعض الشيء في الإخراج، حيث اضطر المخرج إلى ضغط الأحداث في حيز زمنى محدد حتى يحتفظ الفيلم بمدة مشاهدة مقبولة، ولم يستطع الإطالة إلى أربع أو خمس أجزاء، كانت أحداث 1956 الفارقة في التاريخ المصرى الحديث تستحقها عن جدارة، مع عرض الوقائع والوثائق بتأنى ليتمكن المشاهد من فهم واستيعاب التاريخ بموضوعية... واحتمال أن يكون نفس فريق العمل من الشباب الذين صنعوا هذا الفيلم قد ضلوا الطريق بعض الشيء تحت الضغوط ووسط خضم الأحداث التي اكتشفوها أثناء عملهم، فلم تتخذ الأحداث أوزان متفاوتة وفق أهميتها، (إذ لا يمكن عرض حدث ثانوى نسبيا في نفس مدة عرض حدث هام وفارق)... عموما، فإن أى عمل من هذا النوع، لا يقترب من الكمال إلا إذا نجح المخرج في التنازل عن عرض بعض المشاهد ليحتفظ فقط بالمشاهد الهامة. وهذا شيء شبه مستحيل يحتاج لسنوات طويلة من الخبرة ويحتاج لاستيعاب الموضوع بكل أبعاده للاحتفاظ بالخيط الرفيع الرابط بين الأحداث، كما يحتاج ذلك لوجود مؤرخ قوى جدا وسط فريق العمل لضمان الموضوعية دون الاضطرار لعرض كل شيء.

 

4- من الناحية الشكلية، يوجد عدة ملاحظات... التقطيع المبالغ فيه بين المتحدثين - وذلك أيضا بسبب ضغط الوقت – أدى إلى عمل مونتاج غير مريح للمشاهد والمستمع.

 

مثال ذلك: "أجزاء جمل مسجلة لفلان متصلة بأجزاء جمل مسجلة لعلان"، والانتقال بين الأشخاص بلا فواصل، ولم يكن هذا تمرينا ناجحا؛ فقد جعلت الأحاديث تتخذ شكل: "لا تقربوا الصلاة.."، حتى صارت بعض المداخلات تبدوا بلا أهمية في وصف الوقائع التاريخية الهامة... وتأتى الملاحظة الثانية نتيجة للأولى، إذ لم تعرض الترجمة المكتوبة لمدة كافية لتيسير قراءتها لمن يحتاج التركيز في الشرح المقدم... أما الملاحظة الشكلية الأخيرة فقد نقلت لى من بعض المشاهدين الذين اشتكوا من صغر حجم وطريقة عرض أسماء المتحدثين، واختفاء الترجمة في بعض اللحظات.

 

وختاما، ومع احتمال نشر تعليق أدق وأشمل بعد مشاهدة الجزء الثانى، أؤكد على تفاؤلى وسعادتى بإنتاج وعرض مثل هذا الفيلم الوثائقى، متمنيا أن يكون الخطوة الأولى لأعمال وثائقية أو درامية عديدة يحتاجها تاريخنا الوطنى الحديث... وأكرر تهنئتى لكل فريق العمل من معد، ومخرج، ومصور، ومونتاج، وتهنئتى للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية على هذا العمل المتميز.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات