آخر الأخبار

تاريخ العصر المملوكي فى مصر (3)

 

 





 

ملخص الفقرة السابقة :

 

 تاريخ العصر المملوكي فى مصر (2)

بدأ ظهور المماليك و عرفوا بهذا المصطلح في العصر العباسي و كان استخدامهم من قبل الخلفاء في الجيش لمقاومة النفوذ الفارسي و النفوذ العربي ..

 

و قد تمكنوا بصورة ملحوظة في عهد الخلفاء المأمون (198 - 218 ه/ 813 - 833 م)، ثم المعتصم (218 -227 ه/ 833 - 842 م) إلى أن اغتالوا المتوكل (232 -247 ھ/847 -861 م) و سيطروا كلية على دولة الخلافة منذ ذلك الحين إلى أن سيطر البويهيون الشيعة عليها ثم سيطر السلاجقة و قد أعادوا استخدام المماليك التركمان بشكل أوسع وكانوا يجلبون صغار السن من بلاد القبجاق أيضا .

 

وكانت بلاد ما وراء النهر مصدرا هاما للمماليك الترك في العالم الإسلامي حتى آخر العهد الفاطمي..

 

سار الطولونيون على نهج العباسيين و من بعدهم الإخشيد ؛ و لما استولى الفاطميون على مصر و باقي دولة الإخشيد خارجها ؛ ساروا أيضا على نفس المنوال في استقدام المماليك و تقوية جيوشهم بها إلا أنهم نوعوا من أجناسهم فاستجلبوا من السودان و جنوب شرق أوربا .

 

قامت الدولة الأيوبية في مصر في عام (567 ھ/ 1171م) على أنقاض الدولة الفاطمية لتفتح صفحة جديدة في تاريخ الشرق الأدنى والمماليك معا .

 

وعندما قرر نور الدين محمود بن زنكي أن يرسل حملة إلى مصر، في عام (559 ھ/ 1164م) ، للحؤول دون احتلالها من قبل مملكة بيت المقدس الصليبية اختار القائد الأيوبي أسد الدین شیرکوه لقيادتها، وقد اصطحب معه ابن أخيه صلاح الدين .

 

والواقع أن الجيش الذي قاده أسد الدين إلى مصر، تألف في غالبيته من المماليك والأمراء النورية بالإضافة إلى فرقة من المماليك الأسدية (المماليك الأسدية نسبة إلى أسد الدین شیرکوه )..

 

و بعد إسقاطه الدولة الفاطمية نجح صلاح الدين، بعد خمسة عشر عاما من العمل المتواصل، أن يوحد المسلمين، ويجمع شمل الأجزاء المتفرقة، ويكون جبهة إسلامية متحدة، أتاحت له أن يصطدم بالصليبيين ويتغلب عليهم، ويسترجع منهم بيت المقدس وبعض.المدن الساحلية .

 

وقد اشتركت فئات المماليك الأسدية والصلاحية والعادلية في مختلف المعارك التي خاضها ضد الأمراء المسلمين بهدف تحقيق الوحدة الإسلامية وضد الصليبيين بهدف طردهم من المناطق الإسلامية ..

 

(المماليك الأسدية و الصلاحية نسبة إلى كل من أسد الدين شيركوه العم وصلاح الدين ابن أخيه .)

 

والواقع أن المماليك بلغوا في هذه المرحلة مبلغا من القوة، وازداد عددهم في مصر وبلاد الشام بعد وفاة صلاح الدين في عام (589ه/ 1193م) بشكل ملفت، وبرزوا على أثر اشتداد التنافس والصراع بين ورثته من أبنائه وإخوته وأبناء إخوته الذين اقتسموا فيما بينهم الإرث الأيوبي .

في أواخر أيام صلاح الدين ، جعل گل اعتماده على أخيه "الملك العادل سيف الدين" في تدبير شئون مصر عند خروجه من القاهرة بجيشه سنة (578 ه/ 1183م)، وهي السنة التي لم يعد صلاح الدين بعدها إلى مصر .

 

ثم حدث أن ولي العادل أمر حلب سنة (579ه / 1184م ) وعهد صلاح الدين بأمر مصر إلي تقي الدين عمر ابن أخيه ..

 

غير ان العادل ما لبث ان عاد الى مصر صحبة العزيز عثمان بن صلاح الدين سنة ( 584 ه/ 1189م ) بعد أن تبين فشل تقي الدين عمر في تدبير أحوالها .

 

وأعاد صلاح الدین أولاده ليتولوا الحكم بعده ، فتولی أکبرهم وهو الملك الأفضل حكم دمشق ، وحكم العزیز مصر ، و بقيت حلب نصيب ابنه الظاهر غازی ، وتولى أبناء عمومتهم حكم حماه وحمص وبعلبك، وولي اليمن عم لهم هو طغتكين بن أیوب ؛ أما الجزيرة وديار بكر فظلت على حالها إقطاعا للعادل أخو صلاح الدين .

 

{ كان صلاح الدين قد قسم المناطق التي يسيطر عليها على الشكل التالي:

 

يتولى ابنه العزيز عثمان حكم مصر، ▪

 

وابنه الأفضل نور الدين حكم دمشق، ▪

 

وابنه الظاهر غازي حكم حلب،..

 

أما بقية الأمراء فقد حصلوا على أقطاعات صغيرة كانت تابعة لسلطة هؤلاء الأبناء,

فتولى أخو صلاح الدين الأصغر، "الملك العادل سيف الدين"، حكم الشوبك والكرك والبلغاء وبعض جهات مصر، ▪وحكم أخوه الثاني طغتكين بلاد اليمن.

 

أما أبناء إخوة صلاح الدين، فقد تولى :

 

المظفر تقي الدين عمر حكم حماة ثم تولاها بعد وفاته في عام (587 ه/ 1191م) إبنه المنصور تقي الدين،

 

وتولى الأمجد بن تورانشاه حكم بعلبك ؛

 

وتولى مجاهد بن ناصر الدين شيركوه حكم حمص .

 

 

ومن الواضح أن مصر غدت أعظم الدول أهمية حتى أن نقود دمشق بعد وفاة صلاح الدين ضربت باسم العزیز صاحب مصر، سنة( 591 ه/ 1193م)، مع العلم بأن دمشق لم تكن تحت حكمه .

 

ثم لم تمض سنة واحدة على وفاة صلاح الدين حتى دب الشقاق بين أولاده وسائر أفراد أسرته فحاصر العزیز دمشق ، وتدخل العادل والظاهر صاحب حلب في وقف النزاع بين الأخوين، غير أن الحرب.قامت بينهما من جديد، وطارد الأفضل أخاه العزيز داخل الأراضي المصرية حتى بلبيس .

 

وانتهز العادل -أخو صلاح الدين- الفرصة للعمل على توحيد كل أقاليم الدولة الأيوبية تحت زعامته لمصلحته ، بعد أن فشلت مساعيه في التوفيق بين أولاد أخيه فضلا عن أهمية مصر في مناوأة الصليبين .

 

وأدرك العادل الفرق الكبير بين كل من الأفضل والعزيز، اذ أغرق الأول في شرب الخمر والميل إلى اللهو والانغماس في المباذل والحرص على امتلاك مصر، على حين أشتهر الثاني بالسجايا العملية كالمروءة والسخاء مما يسر للعادل ان يتخذ منه أداة لتحقيق أغراضه ، فزين أولا للعزیز انتزاع دمشق من يد الأفضل ، حتى إذا تم له ذلك حكمها نيابة عنه سنة (593 ه/ 1196م) .....

 

ولما قوي مركزه بعد أن أصبح واليا على الشام ، سار العادل قاصدا جهات الجزيرة(الفراتية) حيث إقطاعه القديم لتوطيد سلطانه وحماية الجزيرة مما عساه يقوم به خصمه القديم أتابك ارسلان شاه صاحب الموصل ، فأعاد الى ربوعها الأمن والسلام وظلت هذه الجهات بيد أبناء العادل إلى أن أغار عليها المغول .

 

على أن العادل رجع مسرعا الى مصر بسبب :

 

وفاة الملك العزيز بن صلاح الدين سنة (595ه/ 1198م)

 

قدوم أخيه الأفضل إلى القاهرة وصيا على ابن العزيز،

 

واستغلال الأفضل الفرصة لإعادة سلطانه في دمشق، حيث خرج من القاهرة للاستيلاء عليها وتقدم الظاهر صاحب حلب لمساعدته في ذلك ،..

 

ولكن العادل استطاع أن يسبقهما في الوصول إلى دمشق، فرجع الأفضل الى القاهرة خائبا ، وأعقب ذلك اضطرار الأفضل كذلك الى مغادرة مصر نهائيا (595 ه/ 1198م) ، فغدا العادل سيدا على إمبراطورية صلاح الدين جميعها سنة (596 ه/ 1199م) ...

 

وذلك فيما عدا بلاد الغرب وأعالي الشام حيث حکمت فروع من البيت الأيوبي في حلب وحمص وحماه ، واحتفظت هذه الدويلات الشامية باستقلالها مقابل الاعتراف بزعامة العادل ، والتعهد بتقديم المعونة الحربية اليه كلما طلب ذلك .

 

ثم خلع العادل المنصور بن العزيز من حكم مصر، وأقام نفسه سلطانا، وجعل أبناءه نوابا عنه في حكم الجهات الخاضعة له، فتولى العامل إدارة مصر، وحكم المستلم دمشق ، أما الأوحد والفائز والأشراف والحافظ فباشروا أمور الجهات الواقعة على دجلة والفرات ، وهي التي تسميها المراجع البلاد الفراتية والمشرق ۰

 

على أن دولة العادل لم تسلم من تهديد الصلبين ، فضلا عما أصاب مصر من انخفاض النيل سنة (595 ه/ 1198م) وما نجم عنه من الأوبئة والمجاعات وهجرة السكان .

 

غير ان العادل استفاد من اختلاف الصليبين على أنفسهم فعقد مع أملريك ملك بيت القدس سنة (601 ه/1204م) هدنة مقابل التنازل عن يافا والرملة وصيدا، كما عقد هدنة مع أمير طرابلس سنة (604 ه/ 1207م) .

 

غير أنه لم يمض زمن طويل حتى أعد جان دي بربين ملك بيت المقدس حملة صليبية وجهها الى مصر سنة (615 ه/1218م) بعد أن غدت مصر مركزا للمقاومة الإسلامية مرة أخرى ؛ فاستولت الحملة على دمیاط ، ومات العادل في هذه السنة ، وترك لابنه السلطان الكامل معالجة الموقف .

 

وما زال الكامل يجاهدهم حتى حمل الصليبيين على طلب الصلح وجلوا عن دمياط سنة (618 ه/ 1221م) وعقد معهم هدنة لمدة ثماني سنوات •

 

وفي أثناء وجود الصليبيين بالأراضي المصرية ضاق الكامل بمؤامرات البيت الايوبي ضده ، فعمل على تأمين مصر وحماية ممتلكاته بالشام ، بان عقد مع الإمبراطور فردريك الثاني معاهدة سنة (626 ه/1228 م) كفلت له تحقيق غرضه .

 

وإمعانا في تحقيق هذه السياسة استولى الكامل على آمد من يد الأرتقیین سنة (629 ه/1231م)، بعدان ظلت في أيديهم نحو 130 سنة ، وحارب کیقباد سلطان سلاجقة الروم في آسيا الصغرى ، ونزع الرها من يده .

 

وعمل الكامل على تقوية أسرته بان زوج أميري حلب وحماه من أبنتيه ، ومع هذا لم يسلم الكامل من حقد أقاربه بسبب ما قام به من أعمال في سبيل الإبقاء على الإمبراطورية الأيوبية ..

 

فقد اضطر إلى ضم دمشق الى ممتلكاته سنة (635 ه/1237م) بعد وفاة أخيه الاشرف ، على حين أخذ أخوه الصالح إسماعيل بعلبك ومدنا أخرى .

 

ومات الكامل بدمشق نفس السنة (635 ه) بعد ان حكم مصر أربعين عاما منها عشرون نائبا عن أبيه العادل وعشرون سلطانا .

 

ولم يمكث العادل الصغير بعد أبيه الكامل في السلطنة سوى عامين كلها مجون ولهو ، فخلعه الجند وتولى السلطنة أخوه الملك الصالح أيوب سنة (638 ه/1240م ) .

 

و الصالح أيوب هو الذي استدعی الخوارزمية الفارين من وجه جنكيز خان فاستولى بمساعدتهم على بيت المقدس سنة (641 ه / 1244م) كما استولى الصالح أيوب على دمشق سنة (643 ه/1245م) وعسقلان سنة (645 ه/ 1247م) من عمه الصالح إسماعيل صديق الصليبيين ، وبذا بلغت دولة الصالح أيوب ما كانت عليه من قوة وسلطان في عهد أبيه وجده .

ثم نزل لويس التاسع ملك فرنسا بجيوشه على دمیاط سنة 648 ه/1249) في حملة صليبية ضخمة ؛ ومات الصالح في الوقت الذي زحف فيه الفرنسيون من دمياط نحو الجنوب سنة (648 /1250م)،

وقد قامت زوجته شجر الدر بتسيير دفة الحرب وشئون البلاد حتى قدم ابنه توران شاه من حصن کیفا بدیار بکر سنة (648 ھ/1250م) فأجلاهم عن البلاد بمساعدة المماليك .

 

🔹 دور المماليك في هذا الصراع:

 

في ظل هذه النزاعات، والفوضى التي عمت العلاقات بين مختلف المناطق الإسلامية كان لا بد لكل أمير من أن ينشئ لنفسه قوة خاصة يعتمد عليها في الاحتفاظ بإمارته ، أو لتحقيق طموحاته ومطامعه، على حساب الأمراء الآخرين .

 

ولم تكن هذه القوة سوى المماليك، فأكثر هؤلاء الأمراء من شرائهم وأنشؤوهم تنشئة عسكرية خاصة، ليكونوا سندا لهم .

 

وهكذا شهدت فترة السنوات الأخيرة من القرن الثاني عشر الميلادي ، والسنوات الأولى من القرن الثالث عشر الميلادي ازدياد نفوذ المماليك في مختلف الإمارات الإسلامية في الشرق الأدنى، ومنها مصر، وسرعان ما أضحى لهم من النفوذ ما كان له تأثير قوي في مجرى الأحداث التي تعرضت لها المنطقة ...

 

إذ لم تمض سنوات ذات عدد حتى دب الخلاف بين أبناء صلاح الدين، فاستغل عمهم العادل هذه الفرصة ليعيد توحيد الدولة الأيوبية .

وعندما حاول ضم مصر إلى أملاکه خشي المماليك الأسدية والصالحية من سطوته، فتدخلوا حتى يحولوا بينه وبين ما يبتغي ، فناصروا العزيز ابن صلاح الدين، ملك مصر كما ساندوا ابنه المنصور الذي خلفه في عام (595 ه/ 1198م) وكان صغيرا، ثم استدعوا الملك الأفضل من حوران و سلموه مقاليد الأمور .

 

لكن العادل استغل ما بين الطائفتين المملوكيتين من تنافس، واستطاع بالدهاء أن يستميل الأسدية إلى جانبه، باستثناء الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدي الذي ظل مخلصا لملك مصر العزيز و ابنه ".

 

وظل الخلاف بينهما مستمرا، باستمرار النزاع بين الملوك الأيوبيين، حتى انتصر الملك العادل في عام (597 ه/1200م) وأصبح سلطانا على مصر فضلا عن احتفاظه بإمارة دمشق وأملاكه بأعمال الجزيرة .

 

وهكذا أعاد العادل توحيد مصر والشام، وأضحى جميع الأمراء الأيوبيين خاضعين لسلطانه. وانتصرت طائفة المماليك الأسدية ، أما طائفة المماليك الصلاحية فقد أصابها الضعف، خاصة بعد وفاة بعض زعمائها الأقوياء .

 

كان من الطبيعي أن تزداد أعداد المماليك طيلة فترة الصراع على السلطة بين أبناء صلاح الدين وعمهم العادل ، وأن يستمر الملوك الأيوبيون في شرائهم من بلاد ما وراء النهر وبلاد القبجاق، لتنمية قوتهم ، وانتسبت كل طائفة منهم إلى الملك الذي اشتراها ..

 

ومع تنامي قوتهم أخذوا يتدخلون في خلع الملوك الأيوبيين وفي تنصيبهم، فعندما توفي الملك العادل في عام (615 ه/ 1218م)، كرهت العادلية تولية ابنه الكامل، وأرادت تنصيب أخيه المعلم عيسي، لكن الكامل تمكن من السيطرة على الحكم، فطاردهم و قبض كثيرا منهم، وصادر أموالهم.

 

وبعد وفاة الملك الكامل في عام (635 ه 1238م)، عارض المماليك الكاملية ما جرى من تنصيب ابنه الأصغر العادل الثاني، فتحالفوا مع المماليك الأشرفية بزعامة عز الدين أبيك، وتآمروا على خلع العادل الثاني في عام (637 ه/ 1240م )، وهزموا من ناصره من الأكراد .

 

ويبدو أن الخلاف قد دب بين الطائفتين بشأن تعيين خلف للملك المخلوع فمال الأشرفية إلى تعيين السلطان إسماعيل، ابن العادل الأول، صاحب دمشق، وعم الصالح أيوب، في حين مال الكاملية، وكانوا أقوى، إلى تنصيب الصالح أيوب الذي كان يحكم الجزيرة الفراتية .

 

وفعلا فرض هؤلاء رأيهم بشأن هذه القضية، واستدعي الصالح أيوب من حصن کیفا لتولي السلطة في مصر، فدخلها في عام (638 ه/ 1240م) .

 

والواقع أن الصالح أيوب، الذي اشتهر بالحنكة السياسية، لم يكن بعيدا عن.هذه المؤامرات التي حيكت بعلمه وتحت إشرافه ، لكن تأثير العنصر المملوكي التركي في التحكم بأمور السياسة في مصر، قد بدا واضحا.

 

ومهما يكن من أمر، فقد أضحى المماليك من القوة في الدولة الأيوبية ما جعلهم يعزلون سلطانا ویولون آخر، غير أن أهم من هذا كله ،هو أن العنصر المملوكي قام لأول مرة في تاريخ مصر، بدور سياسي ضاغط، وأضحى المماليك الأداة الطيعة للملوك الأيوبيين للاحتفاظ بسلطانهم وتفوقهم، مما أدى إلى تضخم نفوذهم السياسي، وازدادوا شعورا بأهميتهم.

 

وأضحى السلطان الصالح نجم الدين أيوب (638 - 647 ه/ 1240 ۔ 1249م)، بفضل المماليك، حاكما على مصر، وقد ساندوه في توطيد سلطانه ، فأدرك عندئذ مدى أهميتهم للاستمرار في الحكم مما دفعه إلى الإكثار من شرائهم إلى درجة لم يبلغها غيره من أهل بيته، حتى أضحى معظم جيشه منهم.

 

و قد اعتنى الصالح أيوب بتربيتهم تربية خاصة ثم جعلهم بطانته وحرسه الخاص. ومع مرور الوقت أخذ نفوذهم يتضخم بشكل ملفت .

 

ويبدو أن الصالح أيوب كان مدفوعا بعدة عوامل سیاسية، حين أقدم على هذه الخطوة لعل أهمها :

 

1▪ظل عنصر الأكراد الأحرار عماد الدولة الأيوبية منذ نشأتها .

 

۲▪ خشيته من انقلاب الكاملية والأشرفية عليه إذا رجحت كفة أعدائه ، وهم الذين انقلبوا من قبل على أخيه العادل الثاني .

 

٣▪خشيته من اتفاق الملوك الأيوبيين، بزعامة عمه إسماعيل، ضده واجتياحهم لمصر .

 

٤▪إحاطة نفسه بطائفة من المماليك الأتراك الموالين له.

 

استغل المماليك الصالحية سطوتهم في مضايقة الناس والعبث بممتلكاتهم وأرزاقهم، حتى ضج الشعب من عبثهم واعتداءاتهم فرأى الصالح أيوب أن يبعدهم عن العاصمة، خاصة وأنه خشي الإقامة في القاهرة حتى لا يصبح تحت سيطرة المماليك الأتراك الذين انقلبوا على أخيه العادل الثاني.

 

فاختار جزيرة الروضة في نهر النيل لتكون مقرا له، فشيد فيها قصرا أحاطه بسور ثم سكن فيه مع حريمه في عام (638 ه/ 1241م)، كما بنى قلعة خاصة لمماليكه في العام التالي وأسكنهم بها، ومن أجل ذلك عرف هؤلاء المماليك الجدد باسم المماليك البحرية الصالحية »

 

👌 و هؤلاء سيشكلون، فيما بعد، الدولة المملوكية الأولى .هذا وقد تعددت التفسيرات لأسم المماليك البحرية الذي ألصق بمماليك الصالح أيوب وبدولة المماليك الأولى.

 

فقد تحدث المؤرخون الإسلاميون المتأخرون، مثل

المقريزي وابن تغري بردي، بأن هذه الطائفة سميت بالبحرية نسبة إلى بحر النيل الذي أحاط بثكناتهم في جزيرة الروضة .

 

في حين لم يشر المؤرخون المعاصرون للصالح أيوب، مثل ابن واصل وأبي شامة ، إلى بحر النيل كأصل الكلمة بحرية .

 

وهناك رأي آخر ذهب مفسروه بعيدا حين نسبوا هذه التسمية إلى الطريق البحري الذي سلكه المماليك من أسواق النخاسة في بلادهم بالقوفاز وآسيا الصغرى وشواطئ البحر الأسود، إلى مصر حتى الإسكندرية ودمياط .

 

إن لفظة «المماليك البحرية» لم ترد لأول مرة في التاريخ الإسلامي والمصادر الإسلامية في عهد الصالح أيوب. فقد كان للفاطميين من قبل طائفة من الجند تعرف ب «الغز البحرية»، كذلك كان للسلطان العادل الأول فرقة خاصة من المماليك أسماها «البحرية العادلية» كما كان لسلطان اليمن نور الدين عمر، الذي كان.معاصرا للصالح أيوب، مماليكه البحرية، وهذا يدل على أن الصالح أيوب لم يكن أول من أطلق هذه الصفة .

 

👌 ومهما يكن من أمر، فسرعان ما أثبت هؤلاء المماليك كفاءتهم العسكرية ، وتجلت مقدرتهم القتالية آنذاك في التصدي لخطر الصليبيين الذي تمثل بحملة.لويس التاسع ملك فرنسا ضد دمياط ....

 

إرسال تعليق

0 تعليقات