آخر الأخبار

التقريب والتنازل عن العقيدة (الفرق بين البحث والخطاب)

 

 




عز الدين البغدادي

 

 

يعتقد البعض بأن دعاة التقريب يتنازلون عن عقائدهم لأجل التقريب، وهذا غير صحيح بل غير ممكن فإن التنازل عن عقيدة أو رأي بدعوى التقريب أمرٌ غير ممكن علميا وواقعيا، ولا أعتقد أن هناك ممن يدعو إلى التقريب يتبنى هذا الرأي. لكن يكفي أن نزيل كثيرا من الأوهام التي أضفناها الى عقائدنا المذهبية والتي عمقت الخلاف، والأمثلة كثيرة لكن من مصاديقها الولاية التكوينية عند الشيعة وعدالة الصحابة كلهم عند السنة. فضلا عن أمور نحاول أن نميز بها أنفسنا ولم يأت بها دليل شرعي معتبر، بل لأجل إثبات خصوصية لجماعة معينة وهذا موجود عند الفرق كلها وخصوصا الصوفية.

 

لا بد من التمييز بين مقامي البحث والخطاب، فالبحث لا يمكن تقييده إلا بالمنهج وحسب، فمن حقك أن تكون لك قناعاتك ما دامت ترتكز إلى منهج حقيقي، وليس وفق منهج اعتباطي اختياري يتغير بحسب المطلوب.

 

أما الخطاب فأمر آخر إذ لا بد أن يتقيّد بعدم إثارة الفتنة والبغضاء بين المجتمع. لو كان هناك نصارى أو يهود لما حسن بل لما جاز استفزازهم بشيء يؤذيهم أو ينفرهم فإن تأليف القلوب أمر مطلوب جدا، بل ضرورة لاستمرار الحياة وديمومتها. لا مانع بالتأكيد في مقام البحث أن تكتب مثلا عن تاريخ أو عقائد اليهودية أو النصرانية، أما أن تتهجم عليهم وتسخر من عقائدهم، فغير مقبول لأنّ هذا الخطاب يمزّق المجتمع ويضعف الثقة بين أبنائه. بل ينبغي البحث عن المشترك الذي يجمع كما قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا )، وقد نهى تعالى عن التعرض لعقائد المشركين بسب او شتم أو سخرية وما جرى مجرى في المعنى والأثر، فقال: ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) والامر لا يتعلق بالسب فقط، بل حتى السخرية أو أي كلام أو طرح يؤدي الى فتنة اجتماعية.

 

ومن باب أولى أن ينطبق هذا على أهل القبلة فيما بينهم، فقد جمعتنا الشهادتان ووصف الإسلام، وكفى بهما.

 

 

 

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات