علي الأصولي
الحساب وبصرف النظر عن طبيعته ثوابا أو عقابا يحتاج الى وقفه لفهم
آليته. وليكن هذا الفهم أطروحة لمن لا يتوافق وهذا الفهم على اقل التقادير لا ان
يرفض هذا الفهم بنحو الفتوى وبجرة قلم كما أتمنى على القارىء.
الأصل بالحساب هو لتحقيق مبدأ العدل الإلهي. والحساب هو عملية له
نتيجة, والنتيجة هي إما ثواب وإما عقاب.
والحساب دينيا يلحظ في عالم الدنيا وفي عالم الآخرة كما هو المشهور
الكلامي عند المسلمين. فكما يوجد ثوابا دنيويا يوجد عقابا دنيويا وكما يوجد ثوابا
اخرويا يوجد عقابا اخرويا.
وبالجملة" وبوضوح الحساب هو عودة العمل على صاحبه وجني ثمار
اختياراته وما كسبت يداه إن خيراً فخير وإن شراً فشر. ويمكن تمثيل ذلك بردة الفعل
حرفا بحرف. غاية ما في الأمر الثواب لا يرجع لصاحبه مجردا بل يرجع إليه مع علاوة أو
قل مكافئة ربانية ومنه تعرف اختلاط الإثابة بالعطاء. يعني ثواب نفس العمل مع زيادة
بالعطاء الإلهي. وهو صريح قوله تعالى {مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ
مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ}.بينما الشر يرد على صاحبه بلا
نقيصة ولا زيادة ولا يظلم ربك احدا وهو قول الله {وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ
وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.
نعم" النص القرآني وضح بما لا مزيد عليه بقوله {مَن جَاءَ
بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا
يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
في الأدبيات العرفانية ومذاهبهم يرون إن الثواب والعقاب لا يكون
إلا دنيويا لا اخرويا بلحاظ كون الآخرة محل كشف السرائر فقط. {يوم تبلى السرائر}.
بعبارة أوضح الآخرة وحسب هذا الفهم هي محل وظرف معرفة الثواب والعقاب وكشف الحساب.
وهذا لا يعني معرفة مطلق الإنسان في هذه النشأة اهو في الجنة بناءا
على أطروحة الجنة المعنوية أو في النار بناءا على أطروحة النار المعنوية. لاختلاط
البلاء والعقاب والابتلاء والثواب. وكما ترى هذه المعرفة لا تتسنى إلا لآحاد
الإنسان وهو الإنسان المطلق.
عودة على ذي بدء: ولتعميق الفكرة وزيادة الإيضاح الثواب مشتق من
الفعل (ثاب) والذي عادة ما يتم استخدامه بمعنى العودة والرجوع ما يعني أن الثواب
هو رجوع العمل إلى الإنسان. فما تفعله يثوب إليك أي يرتد ويرجع إليك في الدنيا
والآخرة.
وبما ان الثواب من ثاب وهو يعني العود فهو في حكم التردد او قل ذبذبات
التردد الذي يرجع لصاحبه بالتالي آجلا او عاجلا كما هو فهم المشهور او عاجلا كما
هو فهم العرفاء.
وعليه التردد وعدم فعل الخير فخ كون الخير تردده او تردداته قريبة
ومتوسطة في أبعد التقادير بناءا عل الفهم العرفائي. وأما بناءا على الفهم الكلامي
فالترددات بعيد المدى حيث ينظر إليه اخرويا في العادة. ومنه يحجم الإنسان في
الجملة عن فعل الخير. لارتباط الجزاء في يوم القيامة بعيد المدى.
وأما العقاب فهو من ذنب والذنب يعني ذيل والذيل مهمته تعقب صاحبه.
ولا فرصة للتخلص منه إلا بتوبة إذا كان الحق متعلق بالله او إرجاع حقوق الناس إذا
تعلق بالآخرين على أن حقوق الله سهلة المؤونة في الجملة بخلاف حقوق الناس التي لا
يفلت منها من يشق الشعرة بشعرتين ومهما اتصف بالمكر والخداع الآخاذ.
0 تعليقات