هادي جلو مرعي
بعد العام 2003 تولى منصب رئاسة جمهورية العراق عدد من أبرز
الشخصيات الكوردية التي تنتمي الى الخط السياسي لحزب الإتحاد الوطني الكوردستاني
في ظل توافقات سياسية مباشرة بنيت على أساس مبدأ المحاصصة الذي أقر من قبل القوى
السياسية الفاعلة، وكان هذا المنصب ضحية للظروف السياسية الصعبة، وإرهاصات
الطائفية والوجود الأجنبي، والتدخلات الخارجية، وكان الرئيس يعاني كثيرا من صعوبة
التوفيق بين رغبات القوى السياسية، وبين مايمليه عليه الواجب المهني بوصفه رئيسا
للجمهورية، وحاميا للدستور، وعليه تقع مسؤولية المصادقة على القرارات والقوانين
المهمة في الدولة، وكان الرئيس خلال المراحل المنصرمة جزءا من معادلة الصراع
ماساهم في إضعاف موقفه، وتعرضه للاتهامات، والنقد بالرغم من أن شخصيات محترمة تولت
المنصب، وكانت تمثل عامل تهدئة، ولديها حضور بين الأفرقاء كالرئيس الراحل المرحوم
مام جلال.
يحتدم الصراع هذه المرة بين داعمي الأغلبية في الحكم، وبين
الراغبين في استمرار التوافق السياسي في إختيار الرئاسات الثلاث، وبدت الغلبة
لفريق الأغلبية خلال جلسة البرلمان الأخيرة التي أفضت الى التصويت على التجديد
للرئيس السابق محمد الحلبوسي، ونائبيه حاكم الزاملي وشاخوان عبدالله، حيث فاز فريق
الرئاسة بأصوات أغلبية الأعضاء حاضري الجلسة، ولم تنفع الاعتراضات، ولاالتلويح
بالشكوى أمام القضاء بالرغم من قرار ولائي بوقف مؤقت لعمل البرلمان، والمرجح في
حال مضت الأمور بطريقة جيدة أن تصوت قوى التيار الصدري وعزم وتقدم لمرشح الحزب الديمقراطي
الكوردستاني لمنصب رئيس الجمهورية السيد هوشيار زيباري الذي يواجه منافسة من عديد
الذين تقدموا بترشيحهم للمنصب، ومنهم الرئيس المنصرف برهم صالح الذي مايزال يأمل
بالتجديد، لكن من غير الوارد حصوله على دعم قوى الأغلبية التي تبدو ملزمة بالتصويت
لزيباري.
شغل هوشيار زيباري مهام أساسية في المؤسسات الرسمية العراقية،
ومنها وزارة الخارجية، لكن الرجل ضليع بالعمل التنظيمي حين مثل إقليم كردستان في
عدد من المنظمات الدولية، وفي أوربا، وإشتغل في التنظيم الشبابي للديمقراطي
الكردستاني، وتبوأ مناصب عدة في الحزب، ويعرف دهاليز السياسة العراقية، وتواصل مع
أبرز الشخصيات في بغداد، ويحتفظ بعلاقات طيبة مع كبار المسؤولين العرب والأجانب،
والمنظمات الرسمية الدولية التي تتواصل مع العراق في مجالات مختلفة، ويحظى بدعم
مهم من الزعيم مسعود البرزاني، وقوى كوردية أساسية، ومن قوى كبيرة وفاعلة في
بغداد، وقد يمكنه ذلك من أن يكون الرئيس الأقوى من بين رؤساء الجمهورية منذ العام
2003 خاصة في حال تمكنت القوى الداعمة للأغلبية من تمضية الأمور خلال الأيام
المقبلة، وتم عقد جلسة التصويت على مرشح الرئاسة، ليشرع بتكليف إحدى الشخصيات
لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
0 تعليقات