بقلم د.رفعت سيدأحمد اليوم
(15/1/2022)
تمر الذكري الرابعة بعد المائة لميلاد الزعيم جمال عبد الناصر الذي
ولد يوم 15 يناير 1918 وكانت مسيرة حياته بمثابة العطر الذي تفوح رائحته في كل الأنحاء
؛ أنحاء العروبة و الفكر المستنير وأنحاء الانجازات الاقتصادية والسياسية القادرة
علي تغيير المنطقة والعالم ، عطر لازالت رائحته الذكية يتنسمها فقراء وطني ويتغنون
بها عشقا واستلهاما لقيم الحق والعدل والمقاومة ..
وهى رائحة عطر لم يكدرها سوي مؤامرات الاستعمار والرجعية العربية
(وفق تعبير عبدالناصر في زمانه ) وسوي غدر الإخوان وإرهابهم الذي كدر جمال الصورة
وعطرها الذكي .
وقبل أن نذهب الي مسيرة الزعيم عبد الناصر نتوقف أمام بدايات صدامه
مع الإخوان الإرهابيين في عام 1954 في حادث المنشية الشهير ، وتوقفنا سيكون هنا
بشكل غير تقليدي ، سيكون من خلال (وثيقة نادرة ) هي شهادة عبدالناصر نفسه عن حادث
المنشية الإرهابية (الذي وقع في 26/10/1954) والذي كان باكورة غدر الإخوان ومن
ورائهم الرجعية العربية و بقايا الاستعمار الغربي والكيان الصهيوني والذي تلاه بعد
11 عاما(1665) الصدام الثاني بين عبد الناصر والإخوان بقيادة سيد قطب ثم مؤامرة
حرب 1967 التي هزم فيها عبدالناصر فعجلت برحيله المبكر وأثرت علي رائحة عطر مسيرته
القومي ، فكانت وفاته بعد ثلاث سنوات من الحرب (1970) لكنه مات وهو يرفع السلاح
ويؤسس للعبور العظيم وتحرير سيناء .
الآن نعود إلي (وثيقة )عبدالناصر التي يكشف فيها وبنفسه خيانات الإخوان
وإرهابهم ...فماذا يقول ؟
الوثيقة –الشهادة .
يقول جمال عبد الناصرفي شهادته النادرة عن محاولة الإخوان اغتياله
في حادث المنشية عام 1964:
"واجهت رصاص اليهود شهوراً طويلة، وأنا أحارب في الفالوجة وعراق المنشية بفلسطين.
كانت حياتي، في تلك الأيام، هدفاً دائما لرصاصهم وقنابلهم. كنت أقطع أميالاً
طويلة، محاطاً بالانفجارات، ومحاصراً بالألغام. كان الموت سميري وصديق أيامي، وقد
عرفته ورأيته وعشت معه، والذي يواجه الموت من أجل فلسطين لا يهرب منه من أجل مصر.
في ميدان المنشية، مساء يوم 26 أكتوبر 1954، لم تصدق عيناي ما
سمعته أذناي!
لم أصدق أن هذا الوهج الذي يلهب بصري هو النار التي تحملها رصاصات
الغدر والخيانة إلى صدري. لم أصدق أن يوجد بين هذه الآلاف المؤلفة من المصريين
التي احتشدت بالميدان، تهتف بحياة مصر وثورة مصر، أن يوجد إنسان واحد يريد الموت
لجمال عبد الناصر.
كان صوت الرصاص يقرع سمعي، وأنا أسائل نفسي في أسى وذهول.. أنا..
أنا المقصود؟ ومن يريد قتلى؟ الإخوان المسلمين .. لماذا؟!
لقد حاولت معهم بكل السبل أن نعمل معاً لصالح مصر، ولكنهم رفضوا كل
الحلول، وأصروا على أن يحتكروا السلطات.. كل السلطات، وعندما رفضت، أيكون الغدر
والاغتيال هما جزائي؟!!!
سمعت الرصاصة الأولى فالثانية فالثالثة فالرابعة، وحاولت أن أتقى باقي الرصاصات،
ثم قررت مواجهة الغدر والجبن والخيانة، ولم أعد أرى شيئاً أو أحس بشيء. لقد رأيت
أمامي جموع الناس تتدافع في ذعر وهلع، وسمعت في أعماقي صوتاً يهتف بي لمناداتها
فأدعوها للبقاء، لقد صرخت بدمى وأعصابي:
"أيها الرجال فليبق كل مكانه.. دمى فداء لكم.. حياتي فداء لكم.. روحي فداء
لمصر".
ولقد فرحت وأنا أرى الجموع المحتشدة تعود إلى أماكنها في لحظات خاطفة، فقد عز عليّ
أن تعكر صفو المصريين محاولة خسيسة لاغتيالي من جماعة تتاجر بالدين، سعياً للوصول
للسلطة، في ليلة نحتفل فيها بجلاء المحتل عن مصر.
لقد شعرت بأياد كثيرة تجذبني، وتشدني إلى مقعدي. كانت جهود رفاقي
تنحصر في منعي عن الكلام، رحمة بجهدي وصحتي وحالي. كانت أياديهم تعارك جسمي في قوة
لا أحس بها، ولكنى أدفعها بقوتي وإصراري على متابعة الكلام. وتكلمت وأصداء صوت
طلقات الرصاص مازال يقرع سمعي، ووهج النار مازال يلهب بصري، وصوت روحي يهتف بي في
حيرة وذهول: أنا؟ أنا المقصود؟!!
لقد عزت على مصر، وعزت على نفسي، وعز على مشهد الجماهير الوفية، تهتف بحياة مصر
وحياتي وتهدج صوتي، واستبد بي التأثر خشية على بلادي من حمامات دم، تجرها لها
جماعة متعصبة لا تتورع عن اغتيال كل من يخالفها بخسة وندالة واستغلال للدين .
وسمعت نفسي أقول للناس: "روحي لكم.. دمي من أجلكم.. أنا فداء لكم.. إذا قتلوا
جمال عبد الناصر فكلكم جمال عبد الناصر" انتهت الشهادة – الوثيقة التي
لاتحتاج الي تعليق عن دلالاتها في إثبات غدر الاخوان وإرهابهم منذ البداية ِ مسير
الزعيم وعطرها . والآن وبعيدا عن غدر الاخوان ودواعشهم القدامي والجدد دعونا نذهب
الي مسيرة الزعيم جمال عبدالناصر نتنسم في يوم مولده بعض عطرها الذي –رغم
المؤامرات والتحولات الكبري في مصر والمنطقة – لايزال خالدا وحيا نتذكر بعد 104
عاما علي مولده وهي مسيرة تقول أبرز سطورها: أن جمال وُلد في 15 يناير 1918، في حي
باكوس الشعبي بالإسكندرية، لأسرة تنتمي إلى قرية بني مر بمحافظة أسيوط في صعيد
مصر، وانتقل في مرحلة التعليم الأولية بين العديد من المدارس الابتدائية حيث كان
والده دائم التنقل بحكم وظيفته في مصلحة البريد، فأنهى دراسته الابتدائية في قرية
الخطاطبة إحدى قرى دلتا مصر، ثم سافر إلى القاهرة لاستكمال دراسته الثانوية، فحصل
على شهادة البكالوريا من مدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة في عام 1937.
*أما عن حياته العسكرية فلقد بدأها وهو في التاسعة عشرة من عمره، فحاول الالتحاق
بالكلية الحربية لكن محاولته باءت بالفشل، فاختار دراسة القانون في كلية الحقوق
بجامعة فؤاد (القاهرة حالياً)، وحينما أعلنت الكلية الحربية عن قبولها دفعة
استثنائية تقدم بأوراقه ونجح هذه المرة، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان في يوليو 1938
.
* عمل جمال عبد الناصر في منقباد بصعيد مصر فور تخرجه، ثم انتقل عام 1939 إلى
السودان ورُقي إلى رتبة ملازم أول، بعدها عمل في منطقة العلمين بالصحراء الغربية
ورُقي إلى رتبة يوزباشي (نقيب) في سبتمبر1942 وتولى قيادة أركان إحدى الفرق
العسكرية العاملة هناك. وفي العام التالي انتدب للتدريس في الكلية الحربية وظل بها
ثلاث سنوات إلى أن التحق كلية أركان حرب وتخرج فيها في 12 مايو 1948،- شارك في حرب
1948 خاصة في أسدود ونجبا والفالوجا وظل بكلية أركان حرب إلى أن قام مع مجموعة من
الضباط الأحرار بثورة يوليو1952.
-* كان لجمال الدور الابرز في تشكيل وقيادة مجموعة سرية في الجيش المصري أطلقت على
نفسها اسم "الضباط الأحرار"، حيث اجتمعت الخلية الأولى في منزله في
يوليو 1949وضم الاجتماع ضباطاً من مختلف الانتماءات والاتجاهات الفكرية، وانتخب في
عام 1950 رئيساً للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار، وحينما توسع التنظيم انتُخبت قيادة
للتنظيم وانتُخب عبد الناصر رئيساً لتلك اللجنة، وانضم إليها اللواء محمد نجيب
الذي أصبح فيما بعد أول رئيس جمهورية في مصر بعد نجاح الثورة.
-* ويحدثنا التاريخ أنه وبعد أن استقرت أوضاع الثورة أعيد تشكيل لجنة قيادة الضباط
الأحرار، وأصبحت تعرف باسم مجلس قيادة الثورة وكان يتكون من 11 عضواً برئاسة
اللواء أركان حرب محمد نجيب. غير أنه سرعان ما دب الخلاف بين عبد الناصر ومحمد
نجيب مما أسفر في النهاية عن قيام مجلس القيادة برئاسة عبد الناصر بمهام رئيس
الجمهورية، ثم أصبح في يونيو 1956 رئيساً منتخباً لجمهورية مصر العربية في استفتاء
شعبي.
*كان من أبرز أعمال جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس عام 1956، وإعلان الوحدة مع
سوريا عام 1958،وبناء السد العالي وإنشاء حركة عدم الانحياز وعشرات المشاريع
الاقتصادية والقرارات السياسية التي غيرت وجه المنطقة والعالم ومساندته الفذة
والقوية لحركات التحرر العربية والإفريقية. ليصبح بلا منافس رمزا للقومية وللثورة
العربية ولثورات دول العالم الثالث حتي يومنا هذا
-*لم يكن جمال عبدالناصر مجرد قائد أو زعيم سياسي يصدر القرارات
ويقود التحولات الكبري في مصر والمنطقة ضد الاستعمار وعملائه من دول وحكام
وتنظيمات إرهابية ...فحسب ...بل كان مفكرا سياسيا ومحاورا فذا غني الثقافة ويثبت
ذلك القراءة المتأنية لخطاباته السياسية وكتبه التي أصدرها ومنها كتاب فلسفة
الثورة وكذلك محاوراته مع المفكرين العرب والشوام حول الوحدة العربية ومعانيها
وأسسها .
- *كانت وفاة جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر1970، بعد مشاركته في
اجتماع مؤتمر القمة العربي بالقاهرة لوقف القتال بين المقاومة الفلسطينية والجيش
الأردني، والذي عرف يومها بأحداث أيلول الأسود.... بعد 18 عاماً قضاها في الثورة
ومقاومة غدر الاستعمار وحلفائه في المنطقة ومنهم الاخوان وإسرائيل ،ولكنه رغم
رحيله المبكر (توفي عن 52 عاما) ظل حتي يومنا هذا رمزا لمقاومة إرهاب دواعش الزمن
الماضي من (الاخوان) ورمزا للعزة والكرامة والوحدة العربية ..وسيظل ...
0 تعليقات