آخر الأخبار

خرافة السمكة المشوية خطاب المنبر… والتفكير النقدي

 



 

عز الدين البغدادي

 

أريد هنا أن أناقش مضمون ما ذكره الشيخ في محاضرته الدينية، لكن دون شخصنة أو ربط النقد بشخص المتكلم نفسه، فالأمر لا يتعلق به بل بالخطاب المنبري البائس عموما.. من المهم أن يكون لدينا تفكير نقدي يمكننا من قبول أو رفض ما نسمعه أو نقرأه ولا تكون عقولنا مستباحة فعدم وجود قابلية على النقد هو ـ أمر جد خطير. ربما نقبل أن يكون هناك غدير أو ساقية ولكنه عبر عنها بالنهر لأن جزيرة العرب لا توجد فيها انهار، وسأفترض أن السمكة سمعت حديث النبي (ص) مع أصحابه لأنها كانت قريبة جدا من النهر، وأنها فهمت ما دار بينهم. ومع ذلك فهناك إشكالات:

 

أول:  إشكال على الخطيب أنه ذكر أن قصة السمكة المشوية وجدها في كتاب عن "معجزات النبي (ص)" بينما مجرد وجود رواية في كتاب لم نعرف حتى اسمه ليس كافيا للقبول بالرواية وتصديقها. ولا أريد هناك أن أتحدث عن فلسفة المعجزة في الإسلام وهي قضية هامة جدا سبق وان تحدثت عنها حتى نخرج عن موضوع المنشور.

 

ثانيا: المعجزة خلاف الأصل فهي ليست أمرا طبيعيا وعاديا بل هي استثناء ومن هنا جاءت قيمتها وأيضا اشكالياتها، ولكونها خلاف الأصل فإنها لا تثبت دينيا إلا بدليل قطعي وبالتالي فمقارنتها بقصة إحياء الطير للنبي إبراهيم ليس في محله، لأن إحياء الطير جاء بنص قرآني قطعي.

 

ثالثا: السمكة قبل الشواء يتم إخراجها من الماء ثم تشق بطنها وتنزع أحشاؤها، ومن الطبيعي أنها ماتت ولن تنتظر النار حتى تظهر المعجزة التي تكلم عنها الخطيب.

 

رابعا: لو حصل أمر كهذا لنقل لأنه غريب خارق خارج عن المألوف.

 

خامسا: هل نفهم من هذا الحديث أن الشخص الذي يصلي على النبي (ص) بصدق كما اشترطت الرواية لن تحرقه النار حتى لو وقع فيها؟ وهل يمكن استغلال هذه الوصفة للتعامل مع الحروق مثلا؟ وأيضا لماذا اقتصر الأمر على هذه السمكة؟ هل انفردت بسماع هذا الخبر؟ الم تخبر باقي الأسماك بهذه الخاصية التي سمعتها؟

 

سادسا: السمكة ليست مكلفة، ولا معنى لأن تصلي على النبي (ص) أو لا تصلي، فالكلام من أوله إلى آخره لا يقبل عقلا ولا يصح نقلا.

 

عموما، هذا شاهد من آلاف الشواهد على أزمة المنبر الذي صار ينشر للأسف الخرافة والجهل، ويميت قدرة العقل على التفكير والنقد بحجة الإيمان والتسليم. وأخيرا انصح الأخ الخطيب أن يكون منطقيا في طرحه وأن يراعي قواعد التفكير العقلاني، ولا يجعل من الدين مادة للسخرية.....

 

 والله المستعان

 

إرسال تعليق

0 تعليقات