عز الدين البغدادي
من الطبيعي أن الدولة بالسلطة التي تحكمها تتحمل مسؤوليات تجاه
شعبها مقابل القوة التي تحتكرها كما يقال، وموارد البلد التي تأخذها بيدها، وهذا
أمر موجود في كل الدول وإن كانت نسب النجاح تختلف من دولة إلى أخرى. في العراق
هناك سلطة بل سلطات كثيرة، إلا أنها لا تقوم بأي وظيفة تتجاوز دفع الرواتب وبعض
الأمور الأخرى التي تضمن استمرارها. أما خدمات التعليم أو الصحة أو حتى إنشاء
الطرق أصبحت في العراق ترفا لا مبرّر له، ومن يطالب به فهو ابن سفارة أو عميل أو
ضد المذهب أو أي تهمة أخرى.
خرجت هذه الأسرة (الأب وابنه وابنته) في ناحية جبلة في بابل لتمارس
هوايتها أو عملها في جمع القواطي التي تكسب منها بضعة دنانير بعد جهد كبير في عمل
لا يليق بكرامة المواطن، وانتهت الجولة بانفجار مخلف حربي داخل إحدى الغابات
القريبة من معمل حليب متروك وهو ما أسفر عن مقتل الأب وطفليه وإنهاء حياتهم
البائسة في بلد الصمت المطبق.
صورة مرعبة وحادثة مروعة لكنها لم ولن تحرك ساكنا في ضمائرهم
الميتة، لم اسمع كتلة او حزبا اصدر بيانا أو ندّد أو شجب أو استنكر، ربما لأنهم
مشغولون بمفاوضات توزيع المغانم فيما بينهم، ثم لماذا يستنكر؟ فما حدث هو جزء من
الصورة التي تتكرر كل يوم.. عموما ربما يجب علينا ان نبحث لهم عن عذر أو محمل، فهم
مؤمنون والمؤمن يحمل جريمة أخيه على سبعين محملا، وهم منشغلون بين إصلاح ومقاومة،
فلا وقت لهم للتنديد أو الشجب أو الاستنكار.
ثقوا أنكم انتهيتم، ولم يبق لكم محب في السماء ولا عاذر في الأرض،
والقضية قضية وقت لتنتهي مرحلتكم السوداء النتنة، ستحملون انتم وأسركم وأبناؤكم
عار التاريخ، ولن تجدوا أحدا يترحم عليكم أو يذكركم بخير أبداً.
0 تعليقات