عبد الستار السيد
الشَّفاعة و كما زعموا هي :
إمتيازٌ خاص و ينطبق على فئاتٍ مُعينة من العُصاة والمُذنبين و من
مُرتكبي الجَّرائم ، والذين قد حُقَّ عليهم العذاب و دخول النَّار من المسلمين يوم
القيامة ، حيث سيأتي من يتوسَّط لهم عند ربِّهم و ذلك كي يِّغير أحكامهُ
المُستحقَّة عليهم ، و يتحصَّل لهم على صُكوك البراءة و الغُفران و يُخرجهم بذلك
من جحيم النَّار و إلى جنَّات عدن .
و قد نسجوا و نقلوا عن الشَّفاعة الكثير و الكثير من الرِّوايات و
من أشهرها :
▪ حديث الشَّفاعة : أنا لها ، فيُقال إشفع تُشفَّع و سل تُعطى .
▪و حديث : إستبدال ذُنوب المسلم بذنوب اليهودي أو النَّصراني ، و
أنَّ هذا الشيئ سيكونُ لهُ و بمثابة فِكاككهُ من النَّار !
▪وحديث : أنَّ شهيد المعركة ، يشفع لسبعين شخص من أهلهِ ، كانوا قد
إستوجبوا دُخول النار !!
▪ وحديث : إدَّخرتُ شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة .
فالحديث و كما هو واضح بأنَّ الرَّسول الكريم سوف يشفع لأصحاب
الكبائر من أمَّتهِ يوم القيامة ، و مع أنَّ أصحاب الكبائر هم القتلة و السَّحرة
والزُناة وقُطاع الطُّرق ، و شاربوا الخمر والعاقون لوالديهم و ما إلى ذلك من
أصناف أصحاب الكبائر ، و حتَّى و إن لم يتوبوا ، و لطالما أنهم قد دخلوا في حظيرة
الإسلام و شهدوا بأن لا إله إلا الله و أنَّ محمداً رسول الله .
و الآن لنبتعد عن التأويلات الباردة للقوم ، و لنضع هذهِ الرِّواية
و في ميزان القرآن الكريم ، و لنرى مدى
توافقها أو إنسجامها مع صريح و منطق كتاب الله و الذي قد جاء أصلاً تبياناً و
لكلِّ شيء .
و لنرى ماذا يقول الله تعالى عن الموضوع و في مُحكم تنزيله الحكيم
، قال تعالى :
{ إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ
عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا }
سورة : النساء : الآية : 31
وبناءً عليه فالآية تدلُّ دلالةً واضحةَ على أنَّ إجتناب الكبائر
هو شرطٌ لا بدَّ منهُ وذلك لتكفير السَّيئات، حيث لا سبيلَ آخر لمغفرةِ الله إلا و
باجتناب الكبائر .
يقول تعالى :
{ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ
الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى
، الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ
إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ }
سورة : النجم : الآية : 31 -32
وهنالك الكثير من الآيات الدَّالة و بشكلٍ صريح على أنَّ إرتكاب
الكبائر هو عملٌ خطير و هو سيؤدي بصاحبهِ إلى الخلود في النَّار ، و من هذه الآيات
نجد قولهُ تعالى :
{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ
خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا
عَظِيمًا }
سورة : النساء : الآية : 93
و كذلك يقول تعالى :
{ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا
يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ
قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ
وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا
سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }
سورة : البقرة : الآية : 275
طبعاً و هذا التَّصور البشري الشركي و العُنصري عن الشَّفاعة ، كان
قد تمَّ و باستخدام رواياتٍ لا تتعارض فقط و مع صريح كتاب الله عزَّ و جل ، بل و
تطعن حتَّى في نزاهة و عدالة الخالق سُبحانه و تعالى ، حيث تجعلهُ قاضياً جائراً و
متحيِّزاً و يكيلُ و بمكيالين ، و يُشرك في أحكامهِ المخلوقين و يخضع للوسائط و
يتعامل بالمُحاباة و بالعواطف ، و حاشاهُ في ذلك ، سبحانه و تعالى عمَّا يصفون .
و لكن و بالمقابل ، فإنَّ الشَّفاعة هي شيئ مُمكن و بالنِّسبة
للبشر في الدُّنيا ، و في ذلك قال تعالى :
👈 ﴿ مَن يَشفَع شَفاعَةً حَسَنَةً ، يَكُن لَهُ نَصيبٌ مِنها ،
وَمَن يَشفَع شَفاعَةً سَيِّئَةً ، يَكُن لَهُ كِفلٌ مِنها ، وَكانَ اللَّهُ عَلى
كُلِّ شَيءٍ مُقيتًا ﴾👌
و أما في الآخرة ، فلأنَّ البشر و بِما فيهم الأنبياء والرُّسل
الكرام و غيرهم هم :
( أنفُس ) ، فقد أكَّدَ الله دائماً بأنَّهُ و في يوم القيامةِ 👐 لا تملِكُ نفسٌ لنفسٍ شيئاً !!
و في معنى ذلك يؤكِّدُ الحقُّ سُبحانه و تعالى فيقول :
﴿ وَ إتَّقوا يَومًا :
لا تَجزي ⬅️ نَفسٌ عَن ⬅️ نَفسٍ شَيئًا ، وَلا يُقبَلُ مِنها عَدلٌ ⬅️ وَلا تَنفَعُها شَفاعَةٌ ، وَلا هُم
يُنصَرونَ ﴾
سورة : البقرة : الآية : 48
وكذلك فقد أكَّد سُبحانهُ و تعالى و على لسانِ رسولهِ الكريم ﷺ ، حيث نفى عنهُ مُلكية
النَّفع و الضُّر ، فقال لهُ :
👈 ﴿ قُل : لا أَملِكُ لِنَفسي نَفعًا وَلا ضَرًّا ، إِلّا ما شاءَ
اللَّهُ ﴾
و بناءً عليهِ ، فكيف يُمكن أن يملكَ الرُّسل الشَّفاعة و هم
أنفسهم مسئولون عند الله و مُحاسبون مثلنا تماماً ؟!!
يقول تعالى :
﴿ فَلَنَسأَلَنَّ الَّذينَ أُرسِلَ إِلَيهِم وَلَنَسأَلَنَّ
المُرسَلينَ ﴾
وكذلك نجد في قوله سُبحانهُ و تعالى لرسولهِ الكريم :
👈 ﴿ أَفَمَن حَقَّ عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذابِ ..
أَفَأَنتَ " [ أي يا مُحمَّد ] " تُنقِذُ مَن فِي
النّارِ ؟!! ﴾
سورة : الزُّمر : الآية : 19
و بناءً عليهِ ، فلا تُوجد شفاعة لبشر ، ولا لنبيِّ ولا لوليِّ و
لا حتَّى لرسول كريم .
وذلك لأنَّ ( الشَّفاعةَ ) في الآخرة لم تُذكر أبداً و إلا مُقترنة
:
👈 بالملائكة ، و هي تأتي بمعنى الدَّعاء لهم بالرَّحمة وفي ذلك قال
الله تعالى :
👈 ﴿ الَّذينَ يَحمِلونَ العَرشَ وَمَن حَولَهُ يُسَبِّحونَ بِحَمدِ
رَبِّهِم وَ يُؤمِنونَ بِهِ ⬅️ وَ يَستَغفِرونَ لِلَّذينَ آمَنوا ، رَبَّنا وَسِعتَ كُلَّ شَيءٍ
رَحمَةً وَ عِلمًا ، فَإغفِر لِلَّذينَ تابوا ، وَ إتَّبَعوا سَبيلَكَ ، وَقِهِم
عَذابَ الجَحيمِ ﴾
فهم وحدهم من يعلم الذين آمنوا ، وذلك و بحكم طبيعة تكاليفهم ، فهم
الذين قد يأذن الله لهم ، وذلك لأنَّهم يعلمون كل شيء عمَّن يشفعون لهم ، حيث مهُم
الكتبة و الحفظة لأعمال بني آدم ، و يعلمون ما تفعلون ، و أما الرُّسل فإنَّهم لا
يعلمون شيئاً عن أحد ، فكيف سيشفعون و لمن لا يعلمون عنهم شيئاً ، وفي تأكيد ذلك
المعنى الدَّقيق يقول تعالى عل لسان الرسول الكريم ﷺ :
{ مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِ :
أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۚ
👈 وَكُنتُ عَلَيۡهِمۡ
شَهِيدٗا مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡ 👉
فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي :
👈 كُنتَ أَنتَ
ٱلرَّقِيبَ عَلَيۡهِمۡ 👉
وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ }
سورة المائدة : الآية : 117
و أيضاً يقول تعالى :
👈 ﴿ يَومَ يَجمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقولُ :
ماذا أُجِبتُم ؟
قالوا ، لا عِلمَ لَنا إِنَّكَ أَنتَ عَلّامُ الغُيوبِ ﴾ 👉
و لذلك فلو ربطنا بين آيات الإذن يوم القيامة :
👈 ﴿ يَومَ يَقومُ
الرّوحُ وَالمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمونَ إِلّا مَن ⬅️ أَذِنَ لَهُ الرَّحمنُ وَقالَ صَوابًا ﴾
👈 ﴿ يَومَئِذٍ لا
تَنفَعُ الشَّفاعَةُ إِلّا مَن :
⬅️ أَذِنَ لَهُ الرَّحمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَولًا ﴾
👈﴿ لا يَملِكونَ
الشَّفاعَةَ إِلّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحمنِ ⬅️ عَهدًا ﴾
وفي النِّهاية أن يأذنَ الرَّحمن أو لا يأذن بالشَّفاعة👌 فقد حُسِمَ الأمر تماماً و ذلك في قوله
تعالى :
﴿ قُل :
👈 لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَميعًا 👉
لَهُ مُلكُ السَّماواتِ وَالأَرضِ ثُمَّ إِلَيهِ تُرجَعونَ }
✅
لكن و بالمقابل ، فقد أكَّد لنا الرَّسول الكريم ﷺ و في كتاب الله ، مراراً و
تكراراً عن مهمَّتهِ الأولى المنوطةِ بهِ ، و عن ظيفتهِ المُحدَّدة و ماهيَّته
الخاصة فقال :
{ قل : إنما أنا :
👈 بشرٌ مثلكم يُوحى إلي 👉
، أنَّما إلهكم إله واحد }
{ قُل : 👈 لِّلَّهِ
ٱلشَّفَـٰعَةُ جَمِیعࣰا
👉
لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَاٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ، ثُمَّ
إِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ }
سورة : الزمر : الآية : 44
والآيات في بيانِ ذلك أكثر من أن تُحصى :
{ قُل : لا أملكُ لنفسي نفعاً و لا ضُرَّاً }
{ قُل : لا أملكُ لكم نفعاً ولا رُشدا }
{ قُل : لا أعلمُ الغيب }
{ لا أدري ما يُفعل بي و لا بكم }
فالله هو أحكمُ الحاكمين ، و هو سُبحانهُ وليُّ عباده و أعلمُ بمن
ضلَّ عن سبيلهِ ، و أعلمُ بالمتقين ، و هو غفَّارٌ لمن تابَ و آمن و عفوٌ و كريمٌ
، و هو لا يحتاج لأي شُفعاءٍ أو وُسطاءٍ أو محسوبيات بينهُ و بين أحدٍ من خلقهِ
و في معنى ذلك يقول الحقُّ سُبحانهُ و تعالى لرسولهِ الكريم :
{ أَفَمَنۡ ( حَقَّ عَلَيۡهِ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ )
👈 أَفَأَنتَ ⬅️ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ ❗}
و يقول سُبحانهُ للمؤمنين بهِ :
{ 👈 إِن تَجۡتَنِبُواْ
كَبَآئِرَ
👈 مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ
👈 نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ
👈 وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا }
{ 👈 وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ
الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ
👈 مَا لِلظَّالِـمِينَ مِنْ حَمِيمٍ
👈 وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ !! }
و يقول تعالى :
{ لَّيۡسَ بِأَمَانِيِّكُمۡ وَلَآ أَمَانِيِّ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِۗ
👈 مَن يَعۡمَلۡ سُوٓءٗا يُجۡزَ بِهِ 👉
👈 وَلَا يَجِدۡ لَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ
👈 وَلِيّٗا وَلَا نَصِيرٗا 👉
}
سورة : النساء : الآية : 123
و يقول تعالى :
{ قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ ، وَمَا أَدْرِي مَا
يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ ، إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ، وَمَا
أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ }
وذلك لأنَّ الرَّسول الكريم سوف يأتي يوم القيامة شهيداً على قومهِ
و ليس مُدافعاً عنهم ولا شفيعاً لهم ، وذلك و كما يتوهَّم الكثيرون ، بل إنَّه سوف
يشتكيهم إلى ربِّهِ قائلاً :
( يا ربِّ إنَّ قومي إتَّخذوا هذا القرآن مهجوراً )
أُخوة الإيمان ، و لذلك وجب علينا التَّطهر و التَّخلص من كل هذه
الشِّركيات و من سُوء الظَّن بالله و لنتيقَّن بأنَّه لا يُوجد شفيع يُطاع عند
الله و :
( سوى الإيمان به و إمتثال أوامرهِ و التَّقرب إليه بالأعمال
الصالحة ) .
يقول تعالى :
{ أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِ ؟!!
فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ }
فهو سُبحانهُ يفعل ما يشاء ..
فقد يغفر أو يُعذِّب ..
فهو لا يُشركُ فى حكمهِ أحدا ..
ولا مُعَقِّب لحكمهِ ..
لا نبيٌّ مُرسل ..
ولا مَلَك مُقرَّب ..
ولا دونهما ..
▪︎إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم
▪︎وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ
▪︎يُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن
شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
▪︎لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ
شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ
▪︎وَلِلَّهِ مَا فِي
السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن
يَشَاءُ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
▪︎إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ
عِبَادُكَ
وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم
▪︎وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا
مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ
▪︎وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ
أَحَدًا
و الخلاصة :
فإذا كانت الشفاعة لا تتم و :
👈 إلّا بإذن الله 👉 ، فماذا لو لم يسمح الله بها ؟!
فهل ستنفعك شفاعةُ أحدٍ من البشر و مهما كان ؟!
فالبتَّأكيد و في هذه الحالة لن تكون هُنالك أي شفاعة مُنجِّية .
إذا فالله هو الشَّافع الوحيد لعِبادهِ👍🌟
فإذا شفعَ الله لكَ فقد نجوت ، فالكلُّ يُمكن بأن يُقدّم لكَ
شفاعتهُ من بعدهِ ، و في ذلك يقول تعالى :
{ يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ
الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا }
سورة : طه : الآية : 109
إذاً .. فالإذن بالأساس هو من الله لعبدهِ بأن يشفعَ لهُ ، و هي
أصلاً شفاعة من الله لهُ ، و بعد شفاعة الله لعبدهِ ، فإنَّهُ لن يحتاج إلى أيِّ
شفيعٍ آخر .
وذلك لأنَّ الشفاعة ليست إمتياز بالمُطلق وذلك كما و يتوهَّم البعض
، بل هي مقيَّدة و مرتبطة حتماً بأعمال العبد و بإذن الله ، و هذا يعني بأنَّهُ و
إذا لم يأذن الله بها ، فإنها عندئذٍ ، لن تنفع صاحبها بشيئ !!
فالشفاعة بالأساس هي نجاة و رحمة و إنقاذ ، فإذا لم يأذن الله بها
لشخص ما ، فهذا يعني بأنَّ هذا الشخص كان قد أجرمَ مع الله و هو بذلك يستحقَّ
العذاب ، و لذلك فإنَّ الله عزَّ و جلَّ لن يقبل شفاعةَ أحدٍ لهُ ومهما كان .
فإذا لم يشفع لكَ الله ، فلن تنفعكَ شفاعة كلِّ الرسل و من هُم
دونهم .
قال تعالى :
{ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَٰعَةُ ٱلشَّٰفِعِينَ }
سورة : المدَّثر : الآية : 48
وبناءً عليهِ ، فشرطُ الشَّفاعة الأهم هو :
أن يشفع الله لك أولاً 👍🌟
و لذلك فإعمل خيراً لآخرتك و إبتغي مرضاة الله وحدهُ ، ولا تنتظر
شفاعةَ أحدٍ ما من خلقهٍ .
وهذا هو عين التَّوحيد و ما تعلَّمت العبيد أفضل من التَّوحيد .
و أمَّا رسول الله ﷺ فهو قد كانَ بشراً مثلنا تماماً ، و كان حاملاً و مبلِّغاً
لرسالةِ ربِّهِ ، وليس مالكاً لمفاتيح الجنَّة أو النَّار .
ولذلك فلا يجب أن ننسى قول الله تعالى لرسوله الكريم :
{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ !!
👈 أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ 👉
👈
أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ 👉 }
سورة : آل عمران : الآية : 128
وأيضاً فالرَّسول الكريم نفسهُ كان قد أُمِرَ بأن يقول لنا :
{ قُلْ :
👈 مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ 👉
👈 وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ 👉
👈 إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ 👉
إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا :
👈 نَذِيرٌ مُبِينٌ 👉 }
سورة : الأحقاف : الآية : 9
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ :
شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا }
سورة : الأحزاب : الآية : 45
فهو و بنصِّ الكتاب كان شاهداً و مبشِّراً و نذيراً و ليس شفيعاً
!!
يقول تعالى :
{ مَن ذَا ٱلَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ :
👈 إِلَّا بِإِذْنِهِ 👉
}
سورة : البقرة : الآية : 255
وبناءً عليهِ فالكلام الفصل في موضوع الشفاعة هو :
👈 إذن الله 👉
ولكنَّ السُّؤال الواجب هو ، فماذا لو لم يأذن سبحانهُ بالشَّفاعة
؟!
بالتَّأكيد ، حين ذلك لن تنفعَ المرء شفاعة الشَّافعين ، و مصيرهُ
المحتوم سيكون مُباشرة إلى الهاوية ..
إذاً فكلُّ شيئٍ في الحساب مُتعلِّقُ أساساً :
( بأعمال العبد و بحكم الله ) ، ولذلك فإحرص على أن تُرضي الله وحدهُ
في كلِّ شيئ وذلك كي يشفعَ لكَ ولا تلتفت لإرضاء أيِّ ميِّتٍ تحت التَّراب .
قال تعالى :
{ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا :
👈 مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ 👉
فَمَنْ :
👈 آمَنَ وَأَصْلَحَ 👉
👈 فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ👉 }
سورة : الأنعام : الآية : 48
فالَّذين يتوكَّلون على شفاعة الرَّسول الكريم لهم ، و يظنوا
بأنَّه سيشفعُ لهم عند الله ، و يُذكِّرونهُ بذلك دائماً في أقوالهم اليومية ،
وحتَّى و هم قائمين في بُيوت الله ، فمثل هؤلاء لا يختلفون إطلاقاً عن مُشركي قريش
!!
و الفرق الوحيد بينهم ، هو أنَّ مُشركي قريش كانوا يتقرَّبون إلى
أصنامهم و يطلبون شفاعتهم من حجر ، و أمَّا هؤلاء ، فإنهم يفعلون ذلك و مع بشرٍ
مثلهم .
تغير الأسلوب و لكن قلوبهم بقيت مُتشابهة ، فهم يُحبُّون الشرك
حُبَّاً جمَّا .
وفي ذلك يقول تعالى :
{ أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُ ، وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ
مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ ، مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى
ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ ، إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ
يَخۡتَلِفُونَ ، إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِب كَفَّار }
سورة : الزُّمر : الآية : 3
و يقول تعالى :
{ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ
ءَايَٰتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ، قَالُوا۟
بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ }
سورة : الزُّمر : الآية : 71
ولذلك فمبدأ :
التَّوسُّل ..
و شعبُ الله المُختار ..
و الفرقة النَّاجية ..
و أعلن ولائكَ و إفعل ما تُريد !
هي إيحاءات إبليسية و أمراض قُلوب قاتلة و من وهم شَّياطين الإنس و
الجن وذلك لإيقاع المرء في جهنَّم .
وفي ذلك يقول تعالى في وصف حالهم :
{ قَدۡ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ ، فَأَتَى ٱللَّهُ
بُنۡيَٰنَهُم مِّنَ ٱلۡقَوَاعِدِ ، فَخَرَّ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّقۡفُ مِن فَوۡقِهِمۡ ،
وَأَتَاهُمُ ٱلۡعَذَابُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ }
سورة : النحل : الآية : 26
{ فَٱلۡيَوۡمَ لَا يَمۡلِكُ :
بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٖ ..
👈 نَّفۡعٗا وَلَا ضَرّٗا
👉
وَنَقُولُ :
👈 لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ
ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ 👉 ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ
سورة : سبأ : الآية : 42
{ أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِ ؟!!
فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ }
سورة : الأعراف : الآية : 99
{ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ
أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيد }
صدق الله العظيم
0 تعليقات