2 فبراير 2022
متابعة قراءة لمتن كتاب (الإسلام هو الحل) ..
الدستور القادم من مؤتمر إسلام آباد إلي القاهرة مشمولاً بواجب
النفاذ والتطبيق
____________________
في (( الباب الثاني .. الحقوق والواجبات العامة ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في هذا الباب مجموعة مواد تقليدية حول بعض الحريات الفردية ، ولكنه
يستدرك في المادة 8 كالتالي ..
(( حرية الفكر والرأي والاعتقاد مكفولة ، وحرية التعبير عنها
مكفولة في حدود القانون ))
والخادع في هذه الصياغة المراوغة التي تكتب في معظم دساتير الأنظمة
القمعية هو الرغبة في الاحتفاظ بعبارات براقة تحمل روح المعاصرة مثل حرية الرأي
والاعتقاد والتعبير كمجرد حلية نصية لاتقدم ولاتؤخر سوي عبر التدليل بها علي نفي
المتن الحقيقي المراد من وراء صياغة هذه العبارة
وتأكيداً لذلك وإثباتاً لعدم إفترائنا علي القصد من النص فقد أحال
كاتب الكتاب النص إلي هامش رقم(1) الذي يقول فيه :
((ولايجوز - بحكم هذا الدستور - أن يكون في قوانين الدولة مايخالف
الشريعة ، وبالتالي فالإحتكام ألي القانون هو احتكام إلي الشريعة في النهاية))
والمفترض هنا أن هذا الباب سيتناول في مواده الأسرة وحقوق الطفل
والمرأة كما اعتادت الدساتير أن تتناوله تحت عنوان " مقومات المجتمع"
ولكن هذا الدستور قد تجاهل تماماً أي حديث عن حقوق المرأة في البيت ، أو العمل أو
التعليم أو الثقافة ، وربما الحياة بشكل عام ..
الحق الوحيد والدور الوحيد الذي اعترف به هذا الدستور للمرأة هو
الأمومة ، كما جاء في (المادة13 البند ج ) علي النحو التالي :
((ج - للأمومة حق في رعاية خاصة من الأسرة والدولة والمجتمع))
وهذا يؤكد علي أن وضع المرأة بالنسبة لهذه العمامات المتاجرة
بالإسلام إنما هو وضع هامشي جداً لاتري فيه سوي في التزامها بإمتاع الرجال
والإنجاب ، ورعاية الأطفال أي أن تستبدل قيمة المرأة كإنسانة بقيمة أشبه بالبضاعية
المخصصة للاستهلاك الجنسي والخدمة الإنجابية والمنزلية ..
هي ذات النظرة التي كانت تحملها مجتمعات البداوة في العصور السحيقة
للمرأة ، وهذا يؤكد علي الطبيعة المتخلفة للمجتمع الذي ينشدون .
كذلك ممايلفت النظر أيضاً هذا الحديث الذي نجده في دستور مؤتمر
إسلام آباد عن الأحوال الشخصية فقد تحدث عن المواطنين من أصحاب المذاهب والمعتقدات
الدينية الغير اسلامية بطريقة مهينة لاتتفق مع مبادئ المساواة الإنسانية ولا مبتدئ
المواطنة التي عرفها العالم المعاصر ..
((ب - "الأقليات غير المسلمة لها حق ممارسة شعائرها الدينية
ج - الأحوال الشخصية ل"لأقليات" تحكمها شرائعهم ،إلا إذا
اثروا هم أن يتحاكموا فيها إلي "شريعة الإسلام "، وذلك مراعاة ماينص
عليه القانون ..))
فالحديث هنا عن الغير المسلمين في هذا الدستور يرتبط بالتهميش
والتصغير والتحقير ، وهو مايتجسد في الاستخدام المتكرر لتعبير (الأقليات) عند
الإشارة إلي غير المسلمين ، وهو ماتجلي في تخصيص مجموعة الصفحات في القسم الأول من
هذا الكتاب مما سبق أن تناولناه بعنوان ((الحل الإسلامي والأقليات الغير مسلمة))
.. فالكتاب في ص 79 يرفض فيه الزعفراني أو من وراء طبع ونشر هذا
الكتاب شعارات الوحدة الوطنية ، والتسامح الديني ، وحقوق المواطنة باعتبارها تعلي
من الرابطة الوطنية أو القومية علي الرابطة الدينية فيقول نصاً :
((ليس من التسامح في شئ أن تقوم العلاقات بين المسلمين والمسيحيين
مثلاً ، علي النفاق الزائف المكشوف ، الذي يعلي الرابطة الوطنية أو القومية علي
الرابطة الدينية ، مع مخالفة هذه الفكرة مخالفة صريحة كما في الإسلام والمسيحية
معاً..))
(ص80)
، ومن نافل القول أن هذا الكلام قد تأسس علي كتابات سيد قطب الذي
بلور فيه أفكار حسن البنا وأبو الأعلي المودودي والذي أعتبر الوطنية بدعة وضلالة ..
وهكذا فإن عمامات المتاجرة بالدين الإسلامي تعتنق مبدأً وحيداً
للمواطنة وهو أن الوطن ملك لطائفة محددة وهو ماسيتأكد تماماً في الماده 14 من نفس
الباب ، وكما يلي :
((ماده 14 ..
أ- المواطنة ينظمها القانون ..
ب - مواطنة "الدولة الإسلامية" حق "لكل مسلم"
، وينظم القانون ممارسة هذا الحق..))
المسألة هنا لاتحتاج إلي توضيح فالمواطنة ستنظمها الشريعة
(استناداً إلي توضيح قد سبق لمصطلح ومفهوم القانون)
، فعندما تكون المواطنة هنا ((حق لكل مسلم)) فهذا يعني أن حدود
المواطنة ليست هي حدود الجنسية وموضع الميلاد بل هي حدود الطائفة الدينية أياً كان
موضع وجنسية معتنقيها ، وبالتالي فنحن حرفياً أمام عملية تصنيع وانتاج دولة
الطائفة المنصورة ..
هنا لسنا بصدد وضع دستور لوطن إنما نحن بصدد وضع دستور لطائفة سيتم
حصر الوطن فيها طبقاً لهذا الدستور ..
أليس من المحزن إذن أن نستطرد في قراءة مواد هذا الباب ، الذي هو
في الحقيقة باب الشيطان الذي لو استجبنا لدعوات فتحه لكان كفيلاً بتدمير انسجة
وروابط الوطن وإحالته إلي جحيم لمواطنيه ؟
_____________
إلي حلقات أخري نستكمل فيها قراءة باقي أبواب دستور مؤتمر إسلام
آباد الذي بشر به كتاب (الإسلام هو الحل) في ربيع 1984
وكان بداية لذروة معناة عاناها مجتمعنا حتي تاريخه ..
ــــــــــــــــــ
0 تعليقات