آخر الأخبار

(4) الحل الإسلامي المزعوم

 

 



حمدى عبد العزيز

1 يناير 2022

 

 

 

قراءة لمتن كتاب (الإسلام هو الحل) ..

 

الدستور القادم من مؤتمر إسلام آباد إلي القاهرة مشمولاً بواجب النفاذ والتطبيق

_________________________

 

كما أسلفت سابقاً فإن كتاب (الإسلام هو الحل) الذي اصدره وطبعه خالد الزعفراني ابن قرية (السالمية) التابعة لمركز (فوه) بمحافظة كفر الشيخ والنازح إلي الأسكندرية في أوائل سبعينيات القرن الماضي ليكون ضمن مجموعة الطلبة التي شاركت في تأسيس الجماعة الإسلامية ثم كان أن انضم إلي جماعة الإخوان ضمن مجموعة الإسكندرية التي التحقت بالجماعة بكل مايعنيه ذلك من دلالات وإشارات لظروف إجتماعية وسياسية وثقافية وتاريخية ساهمت في تأسيس بنية ظاهرة ماسمي بالصحوة الإسلامية التي كانت قد صاحبت صعود مرحلة البترودولار الخليجية التي ارتبطت ارتباطاً شديداً باستراتيجيات الهيمنة الأمريكية وشهدت علي ذروتها الحرب الأفغانية وبروز الحركات الجهادية الإسلامية المسلحة بجهود مخابراتية أمريكية وإسناد وظيفي سعودي مصري باكستاني عقدت تحت ظلاله أعمال مؤتمر المجلس الإسلامي العالمي الذي شارك فيه الأزهر وشاركت فيه كل فاعليات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط والعالم ، وهو مانتجت عنه هذه الوثيقة التي كان لابد أن يتم تطبيقها بالفعل باكستان (حقبة نظام الجنرال ضياء الحق الذي أتت به المخابرات الأمريكية والدعم السعودي كرئيس لباكستان عبر انقلاب دموي في بداية السبعينيات) وكذلك السودان في عهد الجنرال جعفر النميري ، ثم افغانستان التي كانت قد بدأت في السقوط بين أيدي ماسمي وقتها بالمجاهدين الأفغان ..

 

استشرف تيار الإسلام السياسي ومعه مؤسسة الأزهر بقيادة هيئة كبار علمائه أنه قد آن الأوان وأن الظروف قد نضجت في مصر وأصبحت الفرصة سانحة للمناداة بتطبيق نفس النظام ... فكان أن أصدر خالد الزعفراني أوائل عام 1984 كتابه ((الإسلام هو الحل)) علي أساس الوثيقة التي صدرت عن مؤتمر المجلس الإسلامي العالمي في شتاء عام 1983 ، وهي عبارة عن نموذج للتعميم لدستور من المفترض أن تقرره أي من جماعات التجارة بالدين التي قد تصل إلي الحكم في بلادها كنظام للحكم ..

 

ولذلك فإنه من الأرجح والأكثر قرباً من الحقيقة أن هذه الوثيقة هي السبب الرئيسي والمدعاة الحقيقية لإصدار هذا الكتاب الذي بين يدينا الآن بالإضافة إلي وضع شعار (الإسلام هو الحل) من خلال تصديره لعنونته .

 

، ويبدأ دستور مؤتمر إسلام آباد الذي اصبح مشروعاً لكل عمامات التجارة بالإسلام بالنص التالي :

 

(( نحن شعب ...… الذي أعلن موافقته علي هذا الدستور عن طريق الاستفتاء الذي أجري في ……

نعلن إلتزامنا بكل ماجاء فيه ، ونعاهد الله تعالي ألا ندخر جهداً أو وسعاً في سبيل تطبيقه نصاً وروحاً ، والله علي مانقول شهيد)).

 

إذن هم قد قرروا كتابة دستور واحد لكل البلاد التي من المزمع وصول أي من جماعات أوحركات أو تنظيمات الإسلام السياسي - فيها - إلي السلطة (طبقاً لتطلعات المؤتمرين وأحلامهم) ، وحال وصولهم وتمكنهم من أجهزة السلطة والدولة فإنهم مكلفون من قبل هذا المؤتمر الأعلي أن يبدأوا علي الفور في وضع هذا الدستور ، دون أي تغيير أو تبديل أو تفكير أو مناقشة ..

 

ماعليهم فقط إلا وضع اسم الدولة مكان النقط ، وهذا ماسوف نلاحظه في بعض أبواب هذا الذستور ومواده التي تتطلب تحديد الموقع الجغرافي أو العاصمه ، وكذا تاريخ ومكان إقرار هذا الدستور ..

 

إذن فهو ليس دستوراً استرشادياً تضعه كل بلد حسب ظروفها ، لكنه دستور إلزامي ، يتم تطبيقه دفعة واحدة ككل متكامل غير قابل للتجزئة أو لترحيل أو تأجيل أي من بنوده أو مواده ، وبدون أدني أدني مناقشة أو تعديل ، ودون أي أخذ لأي اعتبار يتعلق بتنوع جغرافي أو ثقافي فالدولة (الإسلامية) المزمعة في أندونيسيا أو ماليزيا أو ألبانيا أو تركيا أو أذربجان أو الشيشان ملزمة بتطبيق هذا الدستور مثلما ستطبقه دولة مصر أو المغرب أو فلسطين أو العراق أو سوريا أو لبنان أو ليبيا أو نيجيريا أو النيجر ..

 

فقط ماعلي القائمين علي الحكم في أي دولة أو بقعة جغرافية إلا أن يضعوا اسم دولتهم أو منطقتهم الجغرافية في موضعها بالنقط المسطرة في الدستور المزعوم ، وبطبيعة الحال فهذه الدولة أو البقعة الجغرافية ستكون مجرد إمارة أو ولاية تحت راية الولايات التي ستنضوي فيمابعد تحت راية نظام الخلافة .

 


ومن نافلة القول أن تلك التيارات والحركات المذهبية بتنوعاتها الجغرافية والتنظيمية لاتنظر إلي الدول المزمع حكمها إلا باعتبارها "أقطار" تعيش في مرحلة ماتحت الضم وإزالة الحدود تمهيداً لإعلان دولة الخلافة ، لتصبح في النهاية ولايات تابعة لمركز دولة الخلافة أو الإمامة وذلك لأنه لااعتراف كما هو مثبت مسبقاً ووفقاً لأفكار حسن البنا وابو الأعلي المودودي ورفيق افكاره سيد قطب برابط الوطنية كرابط لأي أمة ، إذ لايوجد سوي رابط الدين ، ولاتوجد أمة معترف بها سوي الأمة التي تتبع مذهب الفرقة الناجية أو الطائفة المنصورة ، ولاتري في عالم الأغيار سوي كونه ديار حرب لن تصبح ديار سلام إلابالإنضواء تحت الراية المذهبية للطائفة المنصورة ..

 

الظهور الأول لشعار الإسلام هو الحل

في ((الباب الأول ..أسس الحكم ومقومات المجتمع))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 


((الماده 1 :

 

أ - الحكم كله لله وحده والسيادة جميعها لشريعته ..

 

ب - الشريعة - متمثلة في الكتاب والسنة - مصدر التشريع ومنهاج الحكم ..

 

ج - السلطة أمانة ومسئولية يمارسها الشعب طبقاً لأحكام الشريعة))

... البداية واضحة إذن ..

 

فالحاكمية التي وضع أسسها أبو الأعلي المودودي في الهند الباكستانية وصاغها سيد قطب في مصر هي مرشد ومصباح هذا الدستور وأساس بنيته التي يقف عليها بنائه ..

 

الحكم (كله) لله وحده ..

ولم يقل لنا أصحاب هذا الدستور كيف سيحكم الله ، وهو الذي أناط بالإنسان منذ بداية الخليقة بمهمة إعمار الأرض وجعل لكل إنسان طائره في عنقه ؟

 

هل سيتجسد الله (وهو بالطبع منزه عن هذا ) في الحاكم ليصبح الحاكم بدوره هو الله (حاشا الله)

 

، أم أن الأمر في حقيقته أن هناك عمامات متاجرة بالدين أرادت أن تؤكد سلطانها وتحصن شهواتها في الحكم والهيمنة بما هو مقدس وسماوي لتصل بالحكم إلي مرتبة قريبة من مراتب الألهة لاتسمح إلا بالسمع والطاعة .. ؟

 

يعلم جميع المنضوين تحت مختلف الديانات في العالم ونعلم علم اليقين أن أحداً علي الأرض بعد إنتهاء أزمنة الرسل والأنبياء لايحمل توكيلاً ما عن الإله ، أو ان لديه سلطان التحدث باسمه ، أو توافرت له الحوزة لبيان مقاصده ، للحد الذي يمتلك فيه حصرية تفسير مقولات السماء وتنفيذها علي الأرض ..

 

ثم إن الحكم لله وحده قد تم حين استخلف الإنسان في الأرض ، وأخذ عليه ميثاقاً باحترام قيم الخير والعدل والحق والجمال والإنصاف العمومي كمقاصد عامة فطره بها يتحاكم بها الناس في معاملاتهم الإنسانية ..

 

وبالتالي فمنذ انتهاء أزمنة الأنبياء والرسل الذين كانت مهمتهم التبشير وليس السلطان والأعراش

 

لم يعد من المنطق ومن المقبول علي الإطلاق أن يمسك كائن ما مهما كان شأنه بالسلطة كوكيل عن الله في بلد ما أو عدة بلدان ، وأن يجلس علي كرسي (السلطة) و(الحكم) علي أية بقعة من الأرض باسمه وأن يفرض (الحاكمية) التي تعني في جوهرها قصر مبدأ السيادة للحاكم بأمر الله انتزاعاً من الشعب صاحب الحق الأصيل في السيادة علي أرضه ومقدراته ودولته كما بنيت الدساتير المدنية المعاصرة بغض النظر عن المآخذ التي يمكن تسجيلها علي هذا النظام أو ذاك .

 

إذن فنقطة البدء في الدستور الذي صدر عن المجلس الإسلامي العالمي المنعقد في إسلام آباد والذي تبنته جماعات الإسلام السياسي المصرية أن السبادة هنا لن تكون للشعب كما تتحدث دساتير (بلاد الكفر ) وإنما السيادة هنا (جميعها لشريعته) وشريعته هنا هي ملك أهل العقد والحل من فقهاء وعمائم تلك الجماعات وليس أحد آخر ، وعندما أشار الدستور للشعب هنا فقد حدد دوره ووظيفته بل ووجوده ب(طبقاً لأحكام الشريعة) أي طبقاً لما يقرره أهل الحل والعقد ..

 الظهور الأول: لشعار الإسلام هو الحل (2)

((ماده 2:

… ... جزء من العالم الإسلامي ، والمسلمون فيها جزء من الأمة الإسلامية ))

 

النقط هنا في بداية المادة - كما أسلفنا - سيوضع فيها اسم الدولة "القطر أو الولاية في المستقبل" ، وهنا لن نكرر ما قلناه في ملاحظتنا في الديباجة حول إعتماد رابط الدين كبديل ناف لرابط الوطنية أو ماقلناه حول رؤية جماعات وحركات وتنظيمات الإسلام السياسي لعلاقة الدولة القطر كإمارة تحت حكم أمير أو ولاية تحت حكم حاكم ما كان لقبه بولايات الطائفة المنصورة التي يحكمها نظام الخلافة

 الحل الإسلامي المزعوم


(( ماده 3 :

يقوم المجتمع والدولة علي الأسس التالية :

أ - إتباع الشريعة وتطبيقها في كل شئون الحياة ..))

... ... ، وهكذا إلي أن يصل إلي

 

(( - أداء واجب البلاغ والدعوة إلي الإسلام))

لا جديد هنا سوي أن هذه المادة تستكمل وصف الدولة ليست فقط باعتبارها دولة دينية ولكن باعتبارها دولة طائفية لاتتسع إلا لطائفة واحدة من خلال التحريض الطائفي الخاص بأداء واجب البلاغ ، وهذه المادة تشكل أمراً تشريعياً مباشراً لتشكيل جماعات "الأمر بالمعروف

_____________

وإلي اللقاء في الحلقة الخامسة حيث نكمل قراءة كتاب الإسلام هو الحل ..

_____________

إرسال تعليق

0 تعليقات