حمدى عبد العزيز
5 فبراير 2022
________________________
الدستور القادم من مؤتمر إسلام آباد إلي القاهرة مشمولاً بواجب النفاذ
والتنفيذ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لنأتي معاً إلي الجزء المخصص لهيكلة نظام الحكم في دستور مؤتمر
إسلام آباد .. ولنلاحظ معاً ذلك الاكتظاظ المؤسسي المجتمع حول سلطة الإمامة وتحت
تصرفها والمتمثل في وجود مجلس الشوري/القضاء/المحتسب/مجلس الحسبة/مجلس
العلماء/المجلس الدستوري الأعلي/لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وماإلي
غير ذلك من مؤسسات تؤكد علي معني وحيد هو أننا لن نكون فقط أمام نظام استبدادي
لايختلف عن أكثر الأنظمة التي عرفتها الإنسانية من حيث استبداديتها وانما سنكون
أمام نظام يمارس سلطة القهر والإرهاب ليل نهار عبر مؤسسات مطلقة السلطات لارقيب
عليها ولاضابط لها سوي تلبية رغبات وأوامر الحاكم بأمر الله
((الباب الثالث .. مجلس الشوري))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
((مادة 21 ..
يختص مجلس الشوري بمايلي :
أ - تحقيق مقاصد الشريعة من خلال التشريع المنوط به مستعيناً برأي
مجلس العلماء عند الاقتضاء .. ))
فيما عدا هذا البند الذي يوقف التشريع علي نحو ووظيفة محددة
لايتجاوز فيها مجلس فقهاء العمائم أو ماتمت تسميته في هذا الدستور ب(مجلس العلماء)
وهو ماسيفرد له ولصلاحياته باباً مستقلاً كاملاً بمواده سنتناوله حسب ترتيب
الأبواب والمواد فيما بعد ..
فيما عدا البند المشار إليه فإن هذه المادة تكتظ ببنود لاتقدم ولا
تؤخر في سياق تلك الشروط التي وضعتها منظومة هذا الدستور مثل سن القوانين أو
اعتماد الخطة العامة والموازنة وما إلي غير ذلك لنصل إلي البند التالي :
((ه - تفويض الإمام في إعلان حالتي الحرب والسلم والطوارئ العامة
))
وهذه أول مادة تتحدث عن منصب الأمام الذي سيتناوله دستور العمائم
الذين كانوا مؤتمرون في إسلام آباد في الباب الرابع من دستورهم ..
((الباب الرابع .. الإمام))
ـــــــــــــــــــــــ
وفي تعريف الأمام الذي يتصدر هذا الباب :
(( الإمام "أصل" تستقر به قواعد الدين وتنتظم به مصالح
الأمة ))
وقبل أن نتوغل لمعرفة سلطات وصلاحيات هذا "الأمام" الذي
سيكون بمثابة رئيس جمهورية القطر أو الولاية الإسلامية المزمعة فإن هذا التصدير
يجعل منه نائباً للإله ، ووكيلاً عنه في الأرض ويجعله محصناً ضد أي انتقاد أو حتي
نقاش ويجعل قرارته وإشاراته بل رغباته أمراً مقدساً يستوجب الترحيب والتأييد
والتهليل والنفاذ دون أخذ أو رد أو مناقشة .. فلماذا إذن أكملت تلك العمامات
الحديث عن سلطات الأمام ؟
، ألم يكفي هذا الإطلاق الوحشي للسلطات ؟
(( مادة 23 :
أ - الإمام هو رئيس السلطة التنفيذية للدولة ، وينتخب بالأغلبية
المطلقة للناخبين ، ومدة ولايته"… … .." سنة من تاريخ
"بيعته"..))
وهنا يسحبنا المؤلف إلي هامش توضيحي حول الأمام علي أساس أنه يمكن
أن يطلق علي مسمي الإمام في بلد - ما - لقب (الأمير) ، ومن الجائز أن يطلق عليه
(الرئيس) ،أو غير ذلك من ألقاب ..
ففي النهاية فإن هذا المنصب هو ليس منصب الخليفة المؤجل شغره والذي
سيأتي دوره بعد أن تتوحد الولايات التي ترأسها الإمامات أو الرؤساء حسب تسمية كل
ولاية لإمامها ليصبح مجموع سلطة الإمامات مقبوضاً بسلطات الخليفة ومضافاً إليها ..
والحديث عن البيعة هنا معناه أنه لن يتم الانتخاب عن طريق الاقتراع
العام المباشر ، وإنما عن طريق "بيعة" مجلس الشوري له وهذا مايتطابق مع
الهامش التوضيحي الثاني لكلمة (الناخبين) .
والمادة 25 في نفس الباب تؤكد علي ذلك إذ تنص علي :
(( ويتلقي الإمام البيعة عل ذلك من الحاضرين عن أنفسهم وبالنيابة
عن الشعب )).
((ماده 26
للإمام حق الطاعة علي الجميع في غير معصية وإن اختلفوا معه في
الرأي )).
- إذن الخلاف في
الرأي هنا - وربما مجرد إبدائه إحيانا - غير مسموح به له في ظل دولة نظامها الطاعة
للأمام أو الأمير أو الرئيس أو المرشد العام ..
((الباب الخامس القضاء))
ـــــــــــــــــــــــــ
وهو باب إجرائي يتكون من صفحة واحدة تحدد إجراءات التقاضي وضماناته
، ويبدو أن التعامل مع القضاء هنا سيكون تعامل هامشي في بعض الأحوال إذ سيتضح لنا
في الأبواب السادس ، والتاسع ، والعاشر هيئات عمائمية سيتسير هذا القضاء وستجعل
دوره مجرد دور إجرائي ومنها مجلس الحسبة ، الذي سيشكل إنهاء فعليا للتقاضي المدني
، وانتقال إلي مستوي آخر من القضاء والمحاسبة يخضع لأهواء وسلطان العمامات ويخدم
مصالحها في التمكن والتسلط والهيمنة علي كافة مناحي حياة المجتمع وأفراده ،
والتفتيش المالي والإداري علي الأفراد والهيئات بصلاحيات تزيد كثيراً علي صلاحيات
لجان الأمر بالمعروف أو محاكم التفتيش ، وبسياق يبتعد بالمحاسبة عن القواعد
الإجرائية الإدارية أو سياقات المحاسبة القضائية ولهذا سنحرص علي نقل الباب السادس
بتفصيل أكبر نظراً لخطورته الشديدة ، ولتعيينه لأهم ملامح الفاشية الدينية ، علي
أن نؤجل ملاحظاتنا علي هذا الباب لما بعد قراءة نصوصه ..
((الباب السادس .. الحسبة))
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(مادة 42
الحسبة نظام يهدف إلي :
أ - تعزيز القيم الإسلامية ، وحمايتها من كل عدوان
عليها"أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر"
ب - التحقيق في شكاوي الأفراد وتظلماتهم ضد أجهزة الدولة .
ج - منع انتهاك حقوق الأفراد .
د - متابعة أعمال الموظفين وكشف مايقع من تقصير في أداء واجباتهم
والعمل علي تصحيح ما يقع من أخطاء .
ه - "مراقبة" "شرعية" القرارات الإدارية
وسلامتها .)
(مادة 43
يقوم علي الحسبة محتسب عام ، ويعاونه محاسبون للأقاليم ، وآخرون
يحددهم القانون ، ويبين القانون القواعد والإجراءات الخاصة بالحسبة والمحتسب .)
(مادة 44
يمارس المحتسبون سلطاتهم "من تلقاء أنفسهم" أو بناء علي
إخطار أو شكوي توجه إليهم "ولهم الحق في طلب أية بيانات أو معلومات من أية
جهة" ، وعلي المسئول الإستجابة فوراً إلي طلباتهم و"أوامرهم" ..)
فيما عدا مادتين إجرائيتين تكرر ماسبق من مواد بحيث لاتضيف لها
فهذه هي مواد الباب السادس من دستورهم الذي يستدعي قوانين الحسبة من عصور غابرة
حالكة تتالت فيها أنظمة ماقبل القرون الوسطي علي حكم مصر وبلاد منطقة الشرق الأوسط
..
وبالرغم من أن المغزي من هذا الباب واضح لجميع من يقرأه قراءة
أولية فلنا هنا ملاحظات سريعة تتلخص في :
1 ـ أن هذا الباب يشكل سلطة جديدة تقوم بمهام النيابة والمدعي
العام، والجهاز المركزي للمحاسبات والإدارة الرقابية ، والتفتيش العام ،
والمخابرات العامة والمباحث العامة والشرطة في سياق الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ، وبافتراض قبولنا ذلك مثلاً فكيف سيتعامل هذا المحتسب مع الجهات التي
يقتضي عملها تعقيدات فنية وإدارية ، وتحتاج مراجعتها إدارياً ومحاسبياً وكذلك
مراجعة إلتزامها بالشروط الفنية والتقنية إلي تخصصات علمية وفنية ومحاسبية علي نفس
المستوي ، وليس إلي عمائم ومتفقهين في تفاصيل شروط الوضوء وادعية دخول الحمام
وأحكام النكاح وفوائد بول الإبل وحبة البركة وأضرار لعاب الكلاب وخلافه ..
2 - إن أجهزة هذه الحسبة ستكون بمثابة جهاز تفتيش وتحقيق ..
،وبالرغم من أننا لانستطيع غض النظر عن كونها ستصبح في الحقيقة
محاكم تفتيش "شرعية" ..
إلا أن هناك سؤال مهم هنا وهو أنه كيف ستتولي هذه العمائم
"الشرعية" التعامل العلمي في استقصاء الجرائم ، وفك شفراتها والتجميع
العلمي للأدلة وما إلي غير ذلك ؟
وللحق فإذا ماطبقت الحسبة وطبق هذا الدستور لا قدر الله .. فلا
مجال لطرح هذا السؤال .. فمنذ متي كانت محاكم التفتيش تعتمد العلم والإستقصاء
والبحث الجنائي في حالات إتهام الأفراد بأية جرائم أو تهم ما .. ؟
متي حدث ذلك في أي عصر من عصور محاكم التفتيش سواء في التاريخ
الأوربي أو في تاريخ الشرق أو في تاريخ الأرض قاطبة ؟
3 - هذه الحسبة سيقتضي الأمر تطبيقاً للمادة 43 من هذا الدستور
الأسود (تماماً كراياتهم السوداء) أن يكون للمحتسبين العموميين الذين سيعينهم
المحتسب العام عيون في كل حي وكل قرية وكل ميدان ، وكل شارع وكل ناصية وكل هيئة
أومؤسسة .. إلي آخره .
.. وهكذا فإننا سنكون بصدد حياة مفعمة بالبصاصين من أشبال العمائم
وشبابهم وأزيالهم في كل مكان ..
4 - نعود إلي ماوضعناه من أقواس هكذا ".." من عندنا حول
بعض عبارات ومفردات المادة 44 لنجد أن المادة قد بدأت بكلمة "يمارس" ،
"سلطاتهم" وهذا تعبير يشير إلا أن هناك مساحة واسعة من صلاحيات هؤلاء
المحتسبون سيبرطعون فيها وفقاً لأهوائهم وأمزجتهم لأن المفروض هنا ، وبافتراض أن
هناك سياق يمت إلي القانون بشئ أنهم "يقومون" بمهام أو
"يؤدون" مهام ولا "يمارسون" سلطات ..
الأدهي من كل ذلك والمسير للسخرية (وربما الخوف والفزع في مرحلة
ما) أنهم أي المحتسبون سيمارسون سلطاتهم المهولة وفقاً لهذا الوضع "من تلقاء
أنفسهم" وهذا معناه أنهم في هذه الحالة غير خاضعون لجهات تحقيق فهم جهات
التحقيق ولا قضاء فهم القضاء الحقيقي ..
فقط هم خاضعون لسلطان المحتسب العام الذي سيتحول بدوره إلي مركز
لقوي إثارة الرعب والفزع والخوف لدي سكان البلاد التي سيصادف حظها أن تطبق هذا
الدستور وتضع أسمها في خانة النقط الدالة علي أسم (القطر) في إشارات الدستور للبلد
المطبق له ..
((الباب السابع .. النظام الاقتصادي))
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليسترح هنا أصحاب الاتجاه الرأسمالي النيوليبرالي وليطمئنوا فمواد
هذا الباب لا تخرج عن تناول أي دستور لأية دولة رأسمالية للنظام الاقتصادي ..فقط
مع اشتراط جديد هو أن يلبس هذا الاقتصاد الرأسمالي المفتوح العمامة ويطلق اللحية
ويمسك بالمسابح المصنوعة في الصين ، علاوة علي أنه سيتم تغيير أسماء أنظمة الفوائد
في البنوك إلي مسمي المرابحة لتكون بعيداً عن احتمالية الفتوي بكون الفوائد ربا ،
في حين أن المرابحة حلال (مع أنهما في الحالتين لن يغيرا من جوهر العملية المصرفية
للبنوك من شئ ، وعلي العكس فبنوك المرابحة تسجل أعلي نسبة ربح لأصحابها ، وبنك
فيصل الإسلامي ، نموذج دال علي ذلك ..)
الخلاصة هنا أن المادة الرئيسية في هذا الباب تنص علي أن (الملكية
الخاصة مشروعة ومصونة ،شريطة أن تكتسب بطريق يقره القانون ، وأن يكون توظيفها ،
واستثمارها في أغراض مباحة شرعاً )) ..
((الباب الثامن .. ولاية الجهاد ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو الباب بمثابة القنبلة الكارثية في هذا الدستور ولكنها قنبلة
متوقعة إذا ما نظرنا إلي نموذج أفغانستان والقاعدة ..
وتلاحظون هنا في بداية العنوان أنه استبدل مصطلحات مثل (الجيش)
و(القوات المسلحة) والاستبدال هنا قد تم للمصطلح بجميع دلالاته وبمفاهيمه وجذوره
،وتعريفاته ووظائفه إلي مصطلح (ولاية الجهاد) الذي ينتمي إلي ماقبل نشوء وتبلور -
ليس الدول الحديثة فقط - وإنما حتي الدول الجنينية في العصور الوسطي مثل المقاطعات
والولايات والإمارات والدوقيات وما إلي ذلك ..
ولنبدء مباشرة بمواد هذا الباب وأحكامه العجيبة :
((ماده 57 ..
أ - الجهاد فريضة محكمة دائمة
ب - الدفاع عن النظام الإسلامي ، وعن أرض الإسلام واجب علي كل مسلم
))
ـ الملاحظة هنا أن الدفاع لن يكون عن أرض "الدولة" (التي
ستعتبر وفقاً لهذا الدستور مجرد "ولاية" أو في أفضل الأحوال قطر ضمن
أقطار مآلها للتوحد في كيان عابر للحدود وللجنسيات والثقافات وجغرافيا وتاريخ
الشعوب) ..
الدفاع هنا سيكون من أجل الراية السوداء الشبيهة بتلك الرايات التي
ترفعها تنظيمات القاعدة وداعش والنصرة وولاية سيناء وما ألي ذلك من عصابات الإرهاب
الديني المسلح التي تعمل من أجل تطبيق هذا الدستور وهي تتقدم في "جهادها
الدائم" الذي يقتضي "الغزو" الدائم لديار الحرب التي هي ديار
المشركين والكفار الذين هم علي غير ماعليه أهل السنة والجماعة طبقاً للعقيدة
الإستعلائية المؤسسة لكل تلك الأفكار التي تجتمع علي أساساها وتتحلق حولها
الغالبية الساحقة من تنظيمات وتيارات التجارة السياسية بالإسلام وهي عقيدة الفرقة
الناجية التي تحولت إلي صيغة إصطلاحية في منتهي الفاشية علي أيدي السلفيين
الوهابيين وجماعة الإخوان المسلمين والجهاديين وهي (الطائفة المنصورة) المعبرة عن
مفهوم (أهل السنة والجماعة) والتي عبر عن روحها وجوهرها الفاشي هذا المجلس
الإسلامي العالمي الذي شاركت فيه كل عمائم التأسلم السياسي بلا إستثناء سواء كانوا
من الجهاديين أو من الذين يطلقون علي أنفسهم أصحاب الإسلام الوسطي المعتدل .
.. حتي الأزهر نفسه كان مشاركاً عبر مندوبيه الرسميين الذين وقعوا
علي تلك الوثيقة ..
((مادة 58 :
أ - تقوم الدولة ببناء قواتها المسلحة وإعدادها أفضل إعداد ممكن
بحيث تكون "قادرة عدداً وعدة علي تلبية مطالب الجهاد" ..
ب - تهيئ الدولة للشعب كل ماهو لازم لممارسته حقه في الجهاد .
ج - تقوم برامج الإعداد والتوجيه والتثقيف لكل أفراد القوات
المسلحة علي أساس "فكرة الجهاد" الذي غايته الوحيدة أن تكون "كلمة
الله" هي العليا في "أرض الله" ..
والملاحظة هنا أنه .. إذن فقد انحصرت وظيفة القوات المسلحة في
(الجهاد) وهي بذلك تخطت حدود مفهوم الدفاع عن حدود الوطن وعن أمنه ومصالحه القومية
إلي "تلبية مطالب الجهاد" ولكنك ستسأل عزيزي القارئ .. أين ستلبي
"مطالب الجهاد" التي سيتم تهيئة القوات والأسلحة والشعب بكل وسائل الحشد
والتوجيه لها ، وماهي حدود تلك "المطالب" ؟
سبجيب عليك البند (ج) في نفس المادة بأن حدود هذا سيرتبط بالغاية التي
لن تكون الدفاع عن سلامة حدود وأراضي الوطن ودولته ومصالحه العليا ، بل ستكون تلك
الحدود هي "أرض الله" التي تعني بالعودة إلي الأسس الفقهية التي بني علي
أساسها هذا الدستور وبنيت عليها أفكار كل جماعات وتيارات التأسلم السياسي الفاشية
الطابع ..
تعني أن كل العالم هو إما ديار سلام يسكنها من يتبعون هذه الجماعات
أو ديار حرب يسكنها المشركون والكفار ..
وبالتالي فإن مهمة الجهاد هنا هي مهمة ممتدة في كل جغرافيا العالم
التي لم تمتثل بعد لأفكار الكهنوت السياسي الإسلامي ..
((ماده 59 ..
أ - "الإمام" هو القائد الأعلي للقوات المسلحة ..
ب - يعلن الإمام الحرب والسلام بعد موافقة مجلس الشوري وبتفويض منه
..))
ثم
((مادة 60 :
ينشأ "مجلس أعلي للجهاد" يتولي وضع إستراتيجية الحرب
والسلام وينظم الأحكام والإجراءات الخاصة به .))
إذن فقد إنهدمت كل المفاهيم الخاصة بالدولة والجيش حين وصلنا إلي
الباب الثامن .. إلا أن الباب التاسع يضيف جديداً
هو ((المجلس الدستوري الأعلي )) وهو يستغني عن المحكمة الدستورية
المصرية ويهدمها من الأساس ، ليكون هو بديلاً عنها يقوم بكل مهامها إلي جانب مهامه
الفقهية في تفسير أحكام الشريعة ..
ففي هذا الباب سنقرأ مايلي :
((الباب التاسع .. المجلس الدستوري الأعلى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
((مادة 61 :
المجلس الدستوري الأعلي هو الحارس للدستور والقائم علي "حماية
الأسس والمقومات الإسلامية للدولة" ، وهو هيئة قضائية مستقلة .. ))
((مادة 62 :
يختص المجلس الدستوري الأعلي بمايلي :
أ - الرقابة القضائية علي دستورية التشريعات
ب - تفسير النصوص التشريعية
ج - الفصل في تنازع الإختصاص القضائي ))
وبعد أن ينتهي بنا هذا الباب الذي يأخذ علي عاتقه مهمة تدمير فكرة
الجيوش الوطنية واستبدالها بعصابات مسلحة تكون مهمتها المزعومة هي الجهاد من أجل
مهمة أن تكون الأرض كلها ديارا ً للإسلام !!!
بعد ذلك ننتقل إلي لغم لايقل خطورة عماسبق ..
ننتقل إلي حيث يؤسس هذا الدستور هيئة وصائية عليا فوق كل أجهزة
الدولة تماثل صلاحياتها صلاحيات "هيئة تشخيص النظام"
((الباب العاشر .. مجلس العلماء ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
((مادة 64 ..
يتكون مجلس العلماء من بين "علماء الشريعة" المشهود لهم
"بالورع والتقوي والرسوخ في العلم" والبصر بطبيعة العصر وتحدياته ..))
إذن هو مجلس جديد للعمامات يضاف إلي "مجلس الحسبة"
و"المجلس الأعلي للجهاد" برئاسة "الإمام" ، و"المجلس
الدستوري الأعلي" ليشكلون في النهاية الملامح الهيكلية للدولة(الولاية
الإسلامية) التي سيقيمها هذا الدستور ..
وتتحدد صلاحيات ومهام مجلس العلماء في هذا الدستور كتالي :
((مادة 65 :
ينهض مجلس العلماء بالتبعات التالية :
أ - مباشرة وظيفة الإجتهاد الفقهي بياناً "لحكم الله"،
وتلبية لحاجة "المجتمع المسلم" ..
ب - بيان حكم الشريعة فيما يضعه مجلس الشوري من قوانين .
ج - قول الحق وبإبداء حكم الإسلام دونما تأخير في كل مايهم الأمة
من شئون ..))
إذن فهذه الهيئة الجديدة للعمامات هي التي ستحدد كيف يحكم الله ،
وكيف ستكون شريعته التي ستسود كما جاء في المادة الأولي من الباب الأول من هذا
الدستور ((الحكم لله وحده ، والسيادة للشريعة )) ..
وهذه الهيئة إذن هي في حقيقتها هيئة التجسيد والحفاظ علي الطابع
الفاشستي المتسلط للنظام الذي يعبر عنه هذا الدستور إذ أنه مباشرة وظيفة الإجتهاد
الفقهي ستكون لها حصراً ، وبيان أحكام الشريعة سيكون حكراً عليها ، وهي ستكون علي
ذلك هي الموجه لأحكام القضاء ، وأعمال السلطات المختلفة وكافة مناحي الحياة
السياسية والثقافية والاجتماعية ..
ثم لاجديد في الباب الحادي عشر الذي يعين لجنة الانتخابات وهي لجنة
إجرائية لاتختص إلا بإجراء انتخابات مجلس الشوري والإمام وأي عمليات انتخاب يتم
إسنادها إليها ..
وفي الباب الثاني عشر الذي تمت عنونته في هذا الدستور بعنوان((وحدة
الأمة الإسلامية والعلاقات الدولية)) وهو يعود بنا إلي التعريف الخاص برابط
الوطنية الذي تعتبره هذه العمامات بدعة وضلالة وتستبدله نهائيًا برابط "الأمة
الإسلامية" وعليه فإن أساس العلاقات الدولية يقوم علي أن كل دولة
"إسلامية" هي مجرد "ولاية" من ولايات دولة "الأمة
الإسلامية" كما يتضح في.
((مادة72 :
وحدة الأمة الإسلامية غاية .. علي الدولة أن تسعي لها بكل الوسائل
الممكنة ..))
ثم تنتقل بنا أبواب هذا الدستور بعد ذلك إلي الباب الثالث عشر الذي
يتناول وسائل النشر والإعلام والتي ستعمل في سياق ماسبق من هياكل ستحد كل شئ
للدرجة التي يصبح معها منطقياً أن نعتبر كل ماتحدث عنه هذا الباب عن حرية النشر
وحرية الإعلام كلام أجوف وفارغ تؤكده المادة 80 من نفس الباب حين تنص علي أن ..
((حرية وسائل النشر والإعلام وإصدار الصحف والمجلات مكفولة في حدود المعايير
والقيم الإسلامية))
ولايجب أن يغيب هنا عن الملاحظة أن ذلك كله سيخضع لمشيئة مجلس
العلماء الذي سيحدد ماهية وحدود "المعايير والقيم الإسلامية" ، ولرقابة
مجلس الحسبة المنوط به - وفقاً لهذا الدستور مراقبة كل هيئة وكل فرد حسب نص المواد
(42) ، (44) ، (65) من هذا الدستور العمائمي ..
وتنتهي أبواب دستور العمامات بالباب الرابع عشر وهو باب الأحكام
الإنتقالية كما يلي
..((مادة 83
التقويم الهجري هو التقويم الرسمي للدولة ، واللغة الرسمية هي…
"إذا لم لم تكن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة فيجب
أن تكون اللغة الرسمية الثانية " ))
إذاً مفهوم الانتقالية هنا ووفقاً لقراءة هذه المادة يتحدد
بمتطلبات الفترة التي تنتقل فيها (الدولة) إلي (الولاية) أو الجزء المزمع من تلك
"الأمة الإسلامية" المزمعة الالتئام عبر الجهاد الذي سبق أن تحدد في
مواد الباب الثامن "ولاية الجهاد" وهي المواد 57 ، 58 ، 60 علي التوالي
..
ثم ننتقل إلي المادة الختام في هذا الدستور والتي تشير إلي مسألة
هامة وخطيرة جداً وهي أن إصدار هذا الدستور ليس بالضرورة أن يكون بالإستفتاء فهو
قد تصدره (سلطة دستورية معينة) وطبعاً لم يحدد هذه السلطة التي ستقوم بفرض هذا
الدستور كأمر قدري علي الشعوب أن تستسلم له وتتطيع أوامر من وضعوه .. كأوضح تعبير
عن الطبيعة الفاشية لهذه العمائم التي جلست واجتمعت في المجلس الإسلامي العالمي
بإسلام آباد ووضعت هذا الدستور الذي أرخته بالسادس من ربيع الأول 1404 هجرية ، 10
ديسمبر 1983ميلادية ..
((مادة 87 :
يعمل بهذا الدستور من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء عليه ،
"وإذا كان إصداره من اختصاص سلطة دستورية معينة فمن تاريخ موافقة هذه السلطة
عليه ..))
وهنا كان لابد أن نتوقف أمام دلالات صياغة هذا الدستور الذي شارك
في صياغته كل جماعات وتنوعات التأسلم السياسي إبتداء من الإخوان والأزهر والسلفيين
الوهابيين الجهاديين والغير جهاديين في إسلام آباد ونتيجة جهد سنوات ، وعلاقته
بالدستور الذي وضعته قوي التجارة السياسية بالإسلام في مصر في 2012 حينما نص في
مادته الشهيرة رقم 219 علي أن : "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها
الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، فى مذاهب أهل السنة
والجماعة" ، لنصل إلي نتيجة مفادها أن هذه المادة تحديداً قد وضعت لنسف مواد
هذا الدستور والعبور علي أنقاضه إلي إقرار دستور إسلام آباد الذي حملت هذه
الجماعات راياته في الإنتخابات البرلمانية 1984 ، 1986 وماتلاها ..
وبعد أن يستنفذ دستور 2012 بمادته هذه الغرض المؤقت من إقراره في
مرحلة لم تكن تلك القوي قد وصلت بعد إلي العمق المطلوب للتمكن من أجهزة الدولة
المصرية ومفاصل المجتمع ..
ولا يجب أن ننسي في هذا السياق أن ذلك التمرحل الذي أقرته جماعة
الإخوان في أسلمة الدولة حينما هيمنت علي الحكم في مصر سنة 2012 كان سبباً في
مزايدة قوي السلفية الوهابية علي الجماعة واتهامها بأنها قد تراخت في تطبيق مايسمي
بالشريعة الإسلامية ، ولعل الأحاديث المنتقدة للجماعة في هذا الوقت من قبل كل من
حازم صلاح أبو إسماعيل ، وعاصم عبد الماجد وغيرهم كانت دليلاً علي ذلك
ــــــــ
0 تعليقات