هادي جلو مرعي
سلسلة من اللقاءات انطلقت في أوسلو، وتمخض
عنها أتفاق بين الرئيس الشهيد ياسر عرفات ووزير خارجية إسرائيل شيمون بيريز برعاية
الإدارة الأمريكية عام 1993 وهو إعلان مباديء عن ترتيبات الانتقال في الحكم بعد
مفاوضات سرية انطلقت العام 1991 في العاصمة النرويجية أوسلو، تلاها أتفاق 1994
العام الذي شهد تأسيس الشكل الرسمي للسلطة الفلسطينية، أعقبها أتفاق عام 1995
وبحضور الرئيس الأمريكي بيل كلنتون في العاصمة واشنطن الذي كرس اتفاقية طابا، وهي
مجموعة من الاتفاقيات التي كانت تهدف الى خلق ظروف موضوعية لصناعة سلام ينهي عقود
من المواجهة شرط توفير متطلبات ذلك خاصة وإنها نصت على تشكيل إدارة ذاتية وشرطة
محلية ومنع العنف الموجه الى إسرائيل.
طوال السنوات التي تلت هذه الاتفاقية ألتزمت
السلطة الفلسطينية سواء في عهد الرئيس الشهيد ياسر عرفات، أو في عهد الرئيس محمود
عباس بأداء دور واع وحكيم، ومارست سلوكا متقدما جعل العالم ينظر الى مناطق الإدارة
الذاتية باحترام، مع وجود نظام حكم وإدارة ومؤسسات وقوى أمن عملت على تنسيق أمني
في مناطق الضفة والإدارة الذاتية، وفرضت شروط حكم نموذجي تفتقد إليه دول في
المنطقة نظرت الى تلك السلطة بإعجاب، ومضت فترة زمنية ليست بالقصيرة تمكنت فيها
السلطة الفلسطينية من فرض النظام والقانون، وإدارة الاقتصاد والمؤسسات.
في مايو من العام الماضي، وبعد عمليات عنف
صادمة لقوات الاحتلال أصدر الرئيس محمود عباس قرارات مشددة أوقف بموجبها العمل بالاتفاقيات
السابقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو مؤشر على إن قرارات السلطة لم تكن انفعالية،
ولكنها نتيجة طبيعية لممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين، واستمرار الاستيطان، وقتل
الأبرياء، والممارسات الوحشية ضد الأطفال والنساء، وسوء معاملة السجناء، وعدم
الجدية في التعامل مع المؤسسات الفلسطينية الرسمية والفوقية والتعالي الذي تظهره
سلطة الاحتلال التي تضع على الورق اتفاقيات أمن وشراكة واحترام، بينما تضع على
الأرض العنجهية والغطرسة والإيذاء، وممارسة دور المحتل بكل ماتعنيه تلك الكلمة،
وماتشير إليه من دلالات عدم الجدوى،وبالتالي فإن تلك القرارت التي أتخذها الرئيس
عباس هي التي مهدت لوقف التنسيق الأمني، وهو نتيجة تراكمات تلك السلوكيات المؤذية.
العالم منشغل بمصالحه وصداماته ومشاكله،
بينما لاتبدي الولايات المتحدة أي حماسة لدعم جهود الحل، ووقف الاعتداءات
الإسرائيلية على الفلسطينيين وخرقها، بل وإهمالها للاتفاقيات المبرمة كافة من
أوسلو الى، مدريد، الى طابا، الى واشنطن، وجميع المبادرات التي لاتجد إسرائيل انها
بحاجة لإظهار نوع من الاحترام نحوها، وقد تبين بمالايقبل الشك إن دولا كروسيا
والولايات المتحدة والإتحاد الأوربي غير مبالية في لجم السلوك المنفلت لسلطة الاحتلال
مايدفع السلطة الفلسطينية لإرغام إسرائيل لتحمل مسؤولية أي مشكلة تترتب على وقف
التنسيق، وكما قال السيد عزام الأحمد قبل فترة طويلة: إن أوسلو أصبحت في (عالم كان).
0 تعليقات