آخر الأخبار

روبير الفارس "نجيب محفوظ لم يرفض الرؤية المسيحية التي قدمتها لأولاد حارتنا

 






"لقد تمزق بنطولني بسببك ودخلت جنتك عاريًا..كسرتَ في داخلي الولد المؤدب – وفرحتُ بهذه الشقاوة – حتى الآن لا أعلمُ من أين أتيتُ بالمقدرة للتسلق والقفز فوق سور مدرستي الثانية الذي يرتفع نحو مترين ودون أن تنكسر نظارتي الغليظة؟ بركاتك يا مولانا.‘‘ هكذا يفتتح الكاتب الروائي والصحفي روبير الفارس كتابه رؤية مسيحية لرواية أولاد حارتنا _الصادرة في معرض الكتاب عن دار روافد _مخاطبًا نجيب محفوظ، ساردًا في مقدمته ما فعلته ’’تفاحة محفوظ المحرمة‘‘ في عقل ووجدان الفارس في مراحل تكوينه الأولى. ولعل هذه الكلمات الافتتاحية تلخص على نحوٍ مكثف ما يمكن أن يفعله الفن الأصيل في عقل ووجدان كل قارئ يقرر أن يدخل جنة مؤلف في قامة محفوظ، والتكلفة التي يدفعها القارئ مقابل دخول هذه الجنة. أن ينجح مؤلف في تعرية قارئه، وتحفيزه على القفز على الأسوار المفروضة على الفكر والخيال دون أن يتسبب القفز على الأسوار بالضرورة في كسر النظارات، وإن كان حتمًا يُسهِم في تقوية عدسة البصيرة على نحوٍ يُفضِي إلى رؤية أنصع للعالم والذات – أن ينجح مؤلف في ذلك، فهذا أمرٌ يليق بكل كتابة أصيلة صنعت بحروفها الطازجة أفقًا جماليًا وفكريًا لا يشبه أي كتابةٍ أخرى – هذا ما داوم محفوظ على صنعه على مدار عقود. أثارت نصوص محفوظ تأويلات متباينة وأغرت العديد من النقاد بأن يقتربوا منها بأدوات ومناهج نقدية مختلفة. لكن ربما أمتع القراءات لنصوص محفوظ هي تلك التي خرجت من أقلام كُتَّاب روائيين، يقرأون عالمه من خلال عوالمهم، أو بالأحرى يستبصرون العوالم التي خلقوها في نور "الجنة" التي خلقها واحد ممن أسسوا لفن الرواية العربية الحديثة.

 

ما الجديد في كتاب روبير الفارس رؤية مسيحية لرواية أولاد حارتنا عن دار روافد للنشر ، يقول الأستاذ الدكتور سامح حنا أستاذ مشارك الأدب العربي ودراسات الترجمة سابقًا بجامعة ليدز بالمملكة المتحدة في تقديمه للكتاب لقد سبقه من الكُتاب الروائيين الآخرين من قرأوا محفوظ من زوايا نظر مختلفة؟ الجديد هو رؤية الفارس النابعة من جذوره القبطية المسيحية التي جعلت حساسيته لنص "أولاد حارتنا" تختلف قليلًا عن قراءات غيره. في هذا الكتاب يقرأ الفارس "الرواية المحرمة" على صفحة وعيه الديني الذي تشكل في الأساس من الكتاب المقدس والتراث القبطي؛ لذا لا غرابة من علاقات التناص المنثورة على صفحات الكتاب والتي يصنعها الفارس من خلال إبراز "الأصداء الكتابية" في نص محفوظ، وذلك من خلال تبيان دلالات أسماء الشخصيات الأساسية أو تأويل تطور الشخصيات والأحداث من خلال مقابلتها بما يراه الفارس موزياً لها في النص المقدس.

 

ويتساءل الدكتور سامح قائلا هل يمكن للقراءة الدينية أن تمثل عبئًا على النص الأدبي وتخرجه عن وظيفته لتحبسه في إطارٍ قيمي أو أخلاقي ما؟ أقول نعم – هذا لو تحولت العدسة الدينية إلى قانون معياري يقيم النص في ضوء قيم من خارج النص، لتصدر عليه حكمًا أخلاقيًا؛ ولعلنا جميعًا نتذكر ما صنعته القراءة الدينية في النص بالحظر وفي مؤلفه بمحاولة الاغتيال المعروفة. ما الاختلاف، إذًا، في حالة كتاب روبير الفارس؟ يوصف الفارس كتابه بأنه ليس سوى ’’وجهة نظر ظنية وليست تفسيرًا‘‘؛ فلا إدعاء هنا بأن الكاتب يُخضِع نص محفوظ لإطار ديني معياري يصدر بموجبه حكمًا أخلاقيًا على الرواية، كما حدث مع نص محفوظ من قبل. كذلك لو شئنا الدقة، فإن الخبرة التي يقدمها لقارئه هنا ليست "خبرة دينية" بالمعني المحدد للدين، لكنها "خبرة روحية" بالأساس، لا تهتم كثيرًا بالانحياز إلى الدين بمعناه المؤسسي- المجتمعي، لكنها تهتم بالأكثر بالتجربة الروحية الشخصية للكاتب.

 

وأكد الفارس في تصريحات خاصة انه التقي نجيب محفوظ بعد صدور الطبعة الأولي من رؤيته في فندق شبرد بناءا علي طلبه حيث استفسر عنها وقدم الفارس ملخصا لها أعجب به محفوظ

 

إرسال تعليق

0 تعليقات