آخر الأخبار

أصنام للعبادة

 



 

 

د.أحمد دبيان

 

( لو اختفت الأصنام طوعاً أو قسراً ، لأعاد الإنسان نحتها وتوثينها وتقديسها )

 

لم تكن الأصنام والتى ملأت الكعبة قبل الإسلام إلا ثورة مضادة على الحنيفية التى هدى الله إبراهيم إليها وسجلها فى صحفه .

 

كانت الأصنام هى ترسيخ لقدرة رأس المال على خلق أنشطة اقتصادية واستنساخها من العدم، وخلق الوهم السلعة، وترويجها ولهاث الدهماء نحوها .

 

ولترسيخ طبقة البروليتاريا ، لجأ رأس المال فى الجزيرة بعد تمركز الثروة فى بُطُون بعينها الى الرّق كحل لمشكلاته الطبقية، فكانت العبيد المجلوبة من الحبشة وروميه بل واسترقاق المدينين .

 

وترسخت فى النهاية طبقة السادة وطبقة العبيد البروليتاريا، وطبقة الخدم الأرقى قليلاً من فقراء البادية والتى تقوم بمهام الرضاع والرعاية للسادة فى أماكن تمركز الثروة .

 

كان التفاخر على سبيل المثال على القدرة على تنشئة الأطفال ورضاعهم عن طريق مراضع ،

 

وكانت الأجور كلما علت دليل خطوة ومكانة السيد من هذا البطن أو ذاك .

 

جاءت الثورة المحمدية ، زلزالاً اقض صروح ذلك التمايز وهدد مصادر الثروة وأهمها الأصنام كسلعة مترسخة لها رواج .

 

كانت أصنام العجوة هى تماثيل الشيكولاته والتمائم فى عصرها .وكانت المصدر الأساسي لنفوذ قريش وثروتها .

 

كانت حرباً لا هوادة فيها شملت المعتقد وشملت تهشيم وتدمير طبقة المستضعفين التى وجدت فى دعوة المصطفى عليه السلام طوَّق نجاتها وحراكها الاجتماعي والطبقي ومنفذا لحريتها من العبودية المترسخة صنماً للمعذبين يعبدونه قسراً ، ولو كانوا من المعترضين كان الاتهام بالإدانة وبالصبأ والتجديف .

 

وكان التكفير سلاحهم العالى العاتى الحاصد للرؤوس.

 

جاء القرآن على لسان نبيه ليقولها جلية :

( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ).

 

وفى هذا زلزلة لزيف عروش الكهنة والسادة القائم نفوذهم وثروتَهم على سلعة الدين الزائف والمؤسسات المنشأة لتحصيل عوائده.

 

كانت الدعوة المحمدية اكبر خطر على هذا النفوذ المعنوى ، والمادى .

 

وحين تمددت هذه الدعوة ووجدت استجابة دعمها فى القبائل التواقة للمساواة والعدل فى النفوذ والمكانة،

 

بل وانضمت لها قبائل وجدت فى السلب والنهب وسيلتها للحراك الطبقى والمادى كقبيلة غفار وخضعت لقانون المساواة والعدل ،

لم تجد طغمة الأرستقراطية الطبقية بداً من الخضوع الظاهرى والالتحاف برداء الدعوة.

كانت إرهاصات عودة التمايز فى سقيفة بنى ساعدة ، وبعد اختيار الأنصار كونهم الرديف الأساسى للدعوة لأحد سادتهم كخليفة ، حين أتى ابو بكر وعمر ، ووضعا قاعدة اجتهادية ان الإمامة يجب ان تكون فى قريش .

 

رغم هذا كان تقشف وزهد الخليفتين ، كابحاً لعناصر الثورة المضادة فى استعادة النفوذ المادى والمعنوى الى حين.

 

كان لين الخليفة الثالث ، المنفذ لعناصر الثروة المضادة لترسيخ التمايز الطبقى واستعادة الثروة والعصبية.

 

فكانت ثورة المهمشين والمستضعفين الذين وجدوا فى الدعوة المحمدية ومبادئها فى الحق والعدل والمساواة يوتوبيا الأرض الواقعية.

 

مع الحرب الأهلية والمسماة بالفتنة الكبرى وبخلق وثن قميص عثمان وأصابع نائلة، كانت معركة الإنسان والمساواة وسواسية الأفضلية، ومعركة التمايز والعصبية والثروة والطبقية والتى قضى فيها بوابة العلم المحارب بالزهد وبالمبادئ ضد من اشترى الذمم والنفوس،وقضى ولديه سبطى الرسول،بل وقضى حفيد الزاهد الفاروق بن الخطاب ، عمر بن عبد العزيز حين أمم أموال الظلم والفساد والتمايز وأعاد توزيعها على المهمشين.

 

بتكريس فقه السلطة من قبل الكسروية الملتحفة بعباءة الإسلام وبتكريس فقه الثورة كحركة فقهية مضادة عادت طبقة الكهانة الداعمة للسلطة والمرسخة مرة أخرى للحق الالهى للخلفاء وعادت فى فقه الثورة المضاد الحالم بالتقويض والوثوب فصار توثين الرموز وإسباغ القداسة علي ما هو ليس بمقدس ، ود ويغوث وسواع ويعوق ونسرا ، العصر الحديث.

ولا زالت الأصنام اربح تجارة وأسهل عبادة ترويجية لمن يتجاهلون الأمر الالهى

 

أقرأ

وأعقل وتدبر .

 

إرسال تعليق

0 تعليقات