آخر الأخبار

سياسة "شوال الرز"!!

 


 

نصر القفاص

 

يخطئ من يصدر أحكاما على شعب بحجم مصر, لمجرد انشغال.. أو تفاعل قطاع منه مع حادث هنا أو سلوك هناك.. فالذين يرددون "شعب مالوش كتالوج" يتمتعون بسطحية تفجر الضحكات.. لأن المجتمع المصرى صاغ "كتالوجه" من عشرات السنوات.. ويفهم هذا "الكتالوج" أصحاب العقول من المشغولين بتاريخ مصر, ودراسة "علم الاجتماع" إضافة إلى جوانب أخرى.. والثابت أن صمت الشعب المصرى, يخفى دائما فعلا مذهلا ومدويا.. يدلنا على ذلك صمت سبق عزل "خورشيد باشا" وتنصيب "محمد على".. ثم صمت سبق ظهور "أحمد عرابى" والذين معه.. وارتفع الصوت حتى تمت خيانته ببيع الوطن للاستعمار البريطانى.. مرورا بصمت تفجرت بعده "ثورة 1919" والصمت الذى سبق "ثورة 23 يوليو" وبعده صمت مزقته مظاهرات 18 و19 يناير 1977.. ثم صمت ما قبل 6 اكتوبر 1981, وعنوانه "خريف الغضب" كما وصفه "محمد حسنين هيكل".. وليس صمت ما قبل "25 يناير 2011" ببعيد.. وكلها حالات صمت إنتهت إلى براكين وزلازل!!

 

معلوم بالضرورة عن المصريين قدرتهم على التحدى للذات قبل تحدى الظروف.. ولأننى لست أنوى تقديم استعراض تاريخى, أو اجتهاد فكرى لفهم واقع شديد الغموض!! فقد رأيت التمهل فى الإشارة إلى عبقرية المصريين فى التعبير عما تحمله صدورهم, بأسلوب نابع من حضارتهم ويكشف إبداعهم.. وسبب تمهلى أن الأمر له علاقة بمن أطلق المصريون عليه "شوال الرز".. وهو وصف يحمل اسم نعلمه.. وفرضنا على عالمنا العربى معرفته دون ذكر اسمهه!! ويرجع الوصف إلى غضب شعبى, من تدخل "الموصوف" فى شئون الرياضة المصرية.. سيما وأنه لم يدرك خطورة الإمساك "بأسلاك مكشوفة" تحمل تيار وطنى مصرى إسمه "الأهلى" و"الزمالك" بعيدا عن السياسة!!

 

شاء من يلعب ورقة "شوال الرز" نقله ليلعب دورا فى ميادين الفن والثقافة.. وباعتبار أن هذا اللاعب يعتقد – عن جهل – أن الثقافة والفن هما فى البداية والنهاية يمكن اختصارهما فى كلمة "ترفيه" فقد اختار إنفاق "رز" بلا سقف لحرق ما تبقى من رماد محترق.. لمن تم فرضهم على الشعب المصرى باعتبارهم نخبة.. أو رموز للفن والثقافة.. بينما نخبة مصر الحقيقية التى تتشكل, صامتة قابعة فى البيوت فى الانتظار.. ويجب ألا ننكر أنه حقق نجاحا جزئيا, لأن بقايا هذا الرماد المحترق الذين تكسبوا من "الرز وشواله" كانوا بلا جماهير حقيقية أو فن حقيقى.. أما الذين خدعهم "شوال الرز" فى مجال الرياضة.. فقد كانت هناك ملايين تراقبهم وتحاسبهم وتقف بينهم وبين الانحراف!! لذلك انتصرت جماهير كرة القدم على "شوال الرز".. كما سبقها جمهور عريض فى مواقع التواصل الاجتماعى.. وقف كحائط صد دفاعا عن الفنان الكبير "محمد صبحى".. فيما انتصر "شوال الرز" فى ملاعب "الترفيه"!!

 

هناك فى "أبو ظبى".. كانت جماهير كرة القدم, تساند فريق النادى "الأهلى" خلال بطوله كأس العالم للأندية.. وفرضت المنافسة مواجهة بين فريق اعتبره الجمهور يرتبط "بشوال الرز" وفريق "الأهلى" الذى أبدع وحقق فوزا ساحقا.. هنا كشف الجمهور عن إبداع شعب بأكمله – الكتالوج – وهتفت قبل أن تنتهى المباراة: "ما تسمعونا حسكم.. إيه اللى حصل عندكم"!! فهذا الشعب الذى يتنفس حضارة ورضع ثقافة وفن, أراد أن يقول لصاحبنا ومستخدميه: "إخرسوا"!!

 

وبعد نهاية المباراة هتفوا بالأدب والإبداع نفسه: "الكبسة باظت" فى إشارة إلى المكون الرئيسى للأكلة الشهيرة "الرز".. ليتأكد أن المصريين لهم "كتالوج" لا يفهمه الجهلة والأغبياء!!

 

أجتهد لكى أوضح ببساطة أن مصر وشعبها, أكبر من أن تحكم عليها من خلال موقف عابر أو حالة استثنائية.. لأن شعبا بنى "الأهرام" لم يفعل ذلك صدفة.. بل فعل ذلك إيمانا واعتقادا وإبداعا.. ودفع ثمن البناء عرقا ودما عن رضى.. دون التفات للسفهاء وما يطرحونه من كلام فارغ.. فالحقيقة أن سياسة "شوال الرز" تتحول إلى "نكتة" عند المصريين.. وقد تكون فرصة يبدع أعداؤهم – إسرائيل – فى استثمارها, ومنهم تعلم حاكم دولة وصفها "جمال حمدان" بأنها طاووس يمشى برجل دجاجة!! ويحلم بإعادة الخلافة المزعومة.. وكذلك الذين يستخدمونه فى اللعب على "رقعة الشطرنج".. وتبقى الحقيقة تؤكد على أن كل الذين يمارسون "سياسة شوال الرز" سيجدون شعبا بأكمله يهتف فى وجوههم: "ما تسمعونا حسكم.. إيه اللى حصل عندكم".. وعندما تنتهى المباراة سيحتفلون بهتاف: "الكبسة باظت"!! وسامحونى إن كنت قد كتبت بجدية, واختصرت كثيرا.. فقد أخذت من جمهور الأهلى الاختصار.. وفشلت فى أن أكون خفيف الظل مثلهم!!

 

 

 

إرسال تعليق

0 تعليقات