آخر الأخبار

الثورة السورية: الدوافع والنتائج (1)

 




 

عز الدين البغدادي

 

مرت علينا هذه الأيام ذكرى اندلاع الثورة في سوريا في منتصف آذار سنة 2011، وهنا أريد أن أبين رأيي في هذا الحدث الكبير والخطير، وأنا اعرف ان هذه المسألة قد يختلف معي بعض الإخوة فيها لكني أحاول ان انطلق من رؤية موضوعية تنظر الى واقع الأمة ونتائج الحدث.

 

عندما اندلعت الأحداث كنت شخصيا مؤيدا لحق الشعب العربي السوري في مطالبه لا سيما وان السلطة ارتكبت أخطاء كثيرة غير مبررة ومارست في أحيان كثيرة قمعا مع معارضيها.. إلا أن الأمور تغيرت بشكل كبير، حيث تدخلت دول رجعية معروفة وهي دول سهلت ممن قبل للأمريكان احتلال العراق، ودعمت مشروع التغيير ودخلت أعداد كبيرة جدا من الأشخاص من كل دول العالم الى سوريا، وظهرت مئات الحركات المسلحة والتي مارست العنف بشكل مرعب، وعمل قادتها على تكوين إمبراطوريات مالية وظهر بشكل واضح أننا أمام مشروع فوضى كبير جدا لا يبقي حجرا على حجر، لقد كان من نتائج هذه الثورة ظهور تمرد كردي مدعوم أمريكيا في شمال شرق سوريا سيطر على المناطق والآبار النفطية، وتدخل روسي اضطر إليه النظام لدعم موقفه لكنه تحول الى قوة مقلقة للأمن، فضلا عن تضخم للدور الإيراني الذي كان من أهداف الثورة إبعاده عن سوريا، لقد نجحت الثورة بتحقيق كل أهدافها بشكل معكوس وخلفت شعبا مدما محطما مشتتا، واقتصادا منهارا حتى صارت لقمة الخبز هما كبيرا وعذابا حقيقيا للمواطن السوري.

لقد نجحت الثورة في كشف أخطاء النظام، لكنها أيضا نجحت في بيان النتائج التي يمكن ان تحدث في بلد متمدن مثل سوريا فيما لو حكمته حركات الإسلام السياسي. اعلم ان النظام السوري له أخطاؤه، والحرب حرب يحدث فيها تجاوزات كثيرة واستعمال مفرط للعنف، لكن الأمور تحسب بنتائجها وخواتيمها، وربما أدرك بعض العرب أنهم ارتكبوا خطأ كبيرا باضعفاهم للعراق حيث جعلهم ذلك هدفا سهلا أمام القوى الإقليمية، ثم كرروا الخطأ مع سوريا ولهذا يبدو ان بعضم يحاول ان يعيد حساباته. ان هذا يحتم ان يعيد كثير من الاخوة في سوريا حساباتهم، فمن قديم قالت العرب "ملك غشوم خير من فتنة تدوم" والعاقل من حسب أرباحه وخسائره، أو المصالح والمفاسد وبني عليها موقفا منطقيا دون تأثر من دولة هنا أو هناك.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات