عبد القادر الحيمى
القصارف
2 مارس 2022
مفاوضات أحادية الجانب بين الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية
لتحرير التقراى TPLF فى أبو ظبى برعاية
أماراتية كاملة.
الحوار الوطنى الإثيوبي الذى أعلنته الحكومة الإثيوبية ، لا يزال
متعثرا وتصاحبه الكثير من التجاذبات والتحديات والاعتراضات من القوى السياسية
والتى فرضتها الرؤى السياسية المتباينة والمختلفة للاحزاب السياسية الإثيوبية و
انعكست بوضوح تلك الخلافات والاعتراضات حول " الاعلان" الدستوري لقيام
مفوضية الحوار الوطنى وانعكس بشكل أكثر حدة فى الطريقة التى تم بها تعيين 11 عضوا أعتمدهم
البرلمان الاثيوبى لإدارة الحوار الوطنى الشامل.
عدة أحزاب معارضة رفضت الدعوة للمشاركة فى الحوار الوطنى ويمكن
تلخيص أبرز تلك الاعتراضات فى الاتى:
تم استبعاد الجبهة الشعبية لتحرير التقراى TPLF / TDF و جيش تحرير الاورومو OLA /ABO والذى تطلق عليه الحكومة 'Oneg Shene وذلك بحجة أنهما منظمتان إرهابيتان وفقا
للبرلمان الاثيوبى .
ترى كل الاحزاب السياسية المعارضة للحوار انها لم تتم مشاوراتها فى
اختيار الأعضاء المنوط بهم إدارة الحوار وان من تم اختيارهم هم أعضاء فى الحزب
الحاكم" الازدهار PP" ومن دعاة الحرب
لذا يرون أن الحوار بتلك الطريقة يفتقد الشفافية والنزاهة والحياد إضافة إلى أن
الحكومة ترمى بكل ثقلها ونفوذها لتدير الحوار وفقا لاجندتها . أيضا اعترضت الاحزاب
المقاطعة للحوار وشددت على أن الحوار يجب أن يكون شاملا جميع القوى السياسية
الإثيوبية، وذلك فى إشارة إلى المفاوضات التى كانت تجري فى العاصمة الكينية "
نيروبي" بين الحكومة و TPLF برعاية الوسيط الافريقي النيجيرى " اوبوسانقو"وانتقلت
الان إلى الإمارات.
المشهد الاثيوبى فى غاية التعقيد خاصة بعد المعطيات العديدة التى أفرزتها
الحرب وتأثيرها السياسي والعسكري والانسانى ، فقد فرضت تلك الحرب واقعا جديدا فى
اثيوبيا يتتطلب فى المقام الأول ضرورة انتهاج الاطراف المتقاتلة للتوصل عبر الحوار
والتفاوض لحلول سياسية لقضايا الخلاف بدلا من حلها عن طريق الحرب.
أيضا من أبرز الخلافات الإثيوبية - الإثيوبية حول الحوار الوطنى،
هناك مجموعة فى اعلا مستويات الحزب الحاكم " الازدهار " PP" مدعومة من بعض الاحزاب الوحدوية
الامهراوية المتتطرفة وايضا تجد الدعم من ارتريا ، ترفض الحوار مع TPLF و OLA وتدعو لاستئناف الحرب عليهم.
قليل من الناس خاصة أعضاء الحكومة الإثيوبية كانوا واثقين أن الجيش
الفيدرالى سوف يدمر البنية العسكرية لقوات الجبهة الشعبية للتقراى TPLF ويعيد الإقليم لسيادة الدولة وذلك فى خلال
ثلاثة أيام فى حملة " انفاذ القانون" كما اسمتها الحكومة عندما شنت
الحرب فى الاسبوع الاول من نوفمبر 2020 على اقليم التقراى ، التوقعات لم تكن صحيحة
وتعود اسباب ذلك أن الجيش الفيدرالى لم يغزو اقليم التقراى للتهديد ، بل لإنجاز
مهمة رفض التقراى تنفيذها.
فى خلال ثلاثة أيام استعادت TDF عاصمتهم " مغلى " من الجيشين
الفيدرالى والارترى والميليشيات الحليفة وتقدمت فى عمق الامهرا حتى صارت تهدد
بإسقاط أديس أبابا ومعها OLA التى كانت تتقدم من الجنوب، قبل أن تنجح الوساطات الأمريكية
والافريقية فى وقف القتال وانسحاب التقراى لاقليمهم تمهيدا للانخراط فى الحوار
الوطنى.
آبي احمد يدرك قبل غيره ، استحالة أو عدم قدرته على شن حرب أخرى ضد
التقارو والذين لا يزالون محتفظين بقدرتهم العسكرية والأسبوع الماضى صرح دبرصيون
جبرميكائيل: لدينا قوة اقليمية مؤثرة بمقدورها تغيير موازين القوى فى القرن الافريقي.
من ما تقدم ننظر إلى المفاوضات الاحادية التى تتم بين الحكومة
الإثيوبية وTPLF فى الإمارات والتى
ترمى بكل ثقلها لانجاح التفاوض .
علاقات الإمارات جيدة مع إثيوبيا بكل المقاييس وثمة استثمارات
اماراتية فى اثيوبيا كما أن آبي احمد هو رجل الإمارات الأول فى اثيوبيا ودعمته
كثيرا ودائما ما تتبنى الإمارات مبادرات لحل نزاعات اثيوبيا مع جيرانها وآخرها
المبادرة الإماراتية فى الفشقة بأعطاء اثيوبيا زراعة جزءا منها وتضخ الإمارات 8
مليار دولار لتمويل الزراعة للاثيوبيين والسودانيين فى الفشقة ، لكن المبادرة وجدت
رفضا سودانيا رسميا وشعبيا مما فاجأ الإمارات التى اضطرت لسحب مبادرتها.
أيضا الإمارات قامت بدور كبير مؤثر وفعال فى إنجاح مبادرة ابى احمد
بتطبيع علاقات اثيوبيا مع ارتريا بعد قطيعة قاربت الثلاثين عاما.
هل تنجح رعاية الإمارات لمفاوضات التقارو مع أديس ابابا؟ ثم جمع
وضم كل أطراف النزاع الآخرى فى ظل الخلافات العرقية الحادة بين قوميات اثيوبيا
والتى من الصعب تجعلهم يتوحدوا فى دولة واحدة ذات علم واحد.
تأثير الثقافة السياسية فى اثيوبيا يتجسد فى موقف الفرد تجاه
الدولة والقوى الأهلية التى تمارس نوعا من السلطة أو تسعى إليها. لان الثقافة
السياسية تصور الإنسان لنفسه كفاعل،فى ( الحياة العامة) أو متأثر بتحولاتها. وتشمل
افعاله وردود فعله وفهمه للاشخاص والأشياء فى عالم السياسة بشكل خاص.
بالعودة للنزاع الاثيوبى فقد اختلف الشارع السودانى فى تقييمه
ونظرته فالشعوب الإثيوبية بحالة إلى وضع حدا لخلافاتهم التى ظلت مستمرة منذ قيام
الامبراطورية وحتى الآن وهم بحاجة إلى تبنى رؤية جديدة تتفق مع الحاضر والمستقبل
وليس الماضى ، والذى يمكن الرجوع اليه بشكل انتقائي يوحد القوميات .
هناك شكوك قوية لنجاح الحوار حتى بمشاركة أقوى جبهتين تنتهج
المعارضة المسلحة . الإمارات وفق اجندتها على موانىء البحر الأحمر هى الحليف
الابرز لاسياس افورقى والذى يتخندق متحالفا مع الوحدويين الامهرة المعارضين للحوار
بل حتى يرفض سحب قواته من غرب التقراى " الوالغاييت" وهو بذلك سوف يخسر
اهم حليف خليجي مثلما أنهى وخسر تحالفهه مع آبي احمد.
0 تعليقات