هادي جلو مرعي
في العام 1979 كانت
بعقوبة مركز محافظة ديالى تبتهج وتضيء، وتغفو على الضفة الشرقية لنهر ديالى العظيم
الذي ينتهي في نهر دجلة جنوب العاصمة بغداد، ويحصل على مياهه من جبال شرق كردستان،
ويتغذى من سدود قرب السليمانية، ومنابع من الجبال المشتركة مع إيران، وسلسلة جبال
زاكروس. وهو أحد روافد نهر دجلة، ويبلغ طوله حتى المصب 445 كم، ويشبه الوادي
العميق، وتحيط به بساتين النخيل على ضفتيه، ولاأعلم لماذا يخطر في بالي العام 1979 في فترة إنتقالية، وهادئة، وكانت حرب كردستان
للتو هدأت، وهناك نظام سياسي يطلق الألعاب
النارية لتزهر سماء المدينة الصغيرة التي لاتبعد عن بغداد كثيرا، ويخبيء
ماسيكون سببا في مشاكل مستمرة، دفعت بعقوبة ثمنها كبقية مدن البلاد.
في آذار من عام 2020 وافق محافظ ديالى مثنى
التميمي على تعيين المهندسة منى الشمري مديرا لبلدية بعقوبة في خطوة عدها البعض
مجازفة، ورهانا غير محسوب العواقب، خاصة وإن بعقوبة هي مركز لمحافظة تتصل بحدود
إيران، ومحافظات عراقية مهمة مثل واسط وكركوك والسليمانية وصلاح الدين وبغداد،
وفيها مكونات بشرية تنتمي لقوميات وأطياف دينية ومذهبية، وطرق صوفية وعرفانية،
ويكاد المذهب الواحد فيها يتشظى لمذاهب عدة، وتحتفظ بتنوع عشائري، وطباع وعادات
تصلح لتكون مادة لموسوعة معرفية كاملة، لكن المحافظ التميمي قرر أن يمضي في قراره،
ولكن السؤال الأهم ماذا فعلت المهندسة منى الشمري، وهي تنهي عامها الثالث كمدير
لبلدية بعقوبة التي عانت من آثار حصار التسعينيات، ومشاكل الإهمال والنزاع الطائفي
الذي جرح كبرياء تلك المدينة الهادئة؟
نجحت المهندسة منى الشمري في تحقيق طفرة
نوعية في تقديم خدمات مناطة بمديرية بلدية بعقوبة، بينما كان هناك تعاون وتواصل مع
مديريات ومؤسسات خدمية حيث تتداخل المهمات مع تناسق في الأداء، وإحترام متبادل
لصلاحية كل مؤسسة عاملة، وتبادل للخبرات، وتسهيلات لوجستية، ولعل من المهم أن نجد
إن بعقوبة التي كانت أحياؤها تفتقد للطرق المعبدة صارت اليوم في وضع مختلف، وبجهود
متواصلة في قطاعات النظافة والتشجير وتعبيد الطرق الرئيسية والفرعية، وتوفير
متطلبات إنجاح المواسم الدراسية، ودعم قطاعات الدولة المختلفة في مركز المحافظة،
ولعلها رسالة جيدة لمن يترددون في إناطة مهمات صعبة بالسيدات اللاتي اثبتن نجاحا
وثقة في النفس، وقدرة على الإقناع، وتقديم الخدمات، وتأكيد النجاح.
0 تعليقات