آخر الأخبار

"سديه بوكير" رمزيات لا تخطئها العين

 


 

 

محمود جابر

 

 

إذا كان التاريخ يمتلئ بالأمثلة التى تثبت ان الحلول والأفكار التى تطرح فى ظروف غير ملائمة تشبه الى حد التطابق البذرة الصالحة  فى التربة غير الصالحة التى تموت داخل تلك التربة ولا تنبت لانها لم تحصل على بيئة صالحة .

 

معنى ذلك ان الظروف والحتميات المادية التى يمكن ان تنجح وان ترتقى فى اتجاه معين، سوف تفشل حتما إذا لجئت إلى الاتجاه المعاكس، بسبب عدم تناسب ظروفها فى هذا الاتجاه المعاكس الذى لا يناسبها كالبيئة غير الصالحة .

 

بهذه النظرة علينا ان نصحح مبدأ " الاقتصاد هو صانع التاريخ" الذى يحلو للبعض ان يتبعه ضاربا عرض الحائط بصلاحية البيئة لتحالفات اقتصادية مخالفه للهوية !!

 

إن العقل البشرى والهوية الحضارية هى التى تصنع التاريخ، وهى التى تصنع الاقتصاد أيضا، وهى صانعة الارتقاء بكل ما تعنى كلمة " ارتقاء" من معان؛ إن الاقتصاد دون هوية ودون انتماء ودون عقل لا يصنع تاريخا، علينا ان ندرك ان حركة الارتقاء يجب ان تكون وفقا لحتميات جغرافية وتاريخية ثم يأتى الاقتصاد، فالتاريخ لا يمكن ان يخضع بشكل آلى للظروف المعاشة وإلا لكن المصير الحتمى لذلك هو العجز والخضوع .

 

فالذين اجتمعوا فى كيبوتس " سديه بوكير"، هل يعلمون ان هذا الكيبوتس هو الذى عاش فيه ديفيد بن جوريون، صاحب التاريخ التطهيرى للشعب الفلسطينى والذى وضع خطة " دالت" فى مارس آذار 1948 لمحو الشعب الفلسطينى وصولا لإعلان الكيان الغاصب فى آيار/ مايو 1948....!!

 

إن رمزية المكان والتاريخ – آذار – لا يمكن ان يصل بنا الى مستوى من البناء الاقتصادي أو الرفاة أو الخروج من الأزمة الاقتصادية بل هو خضوع واعتراف بما جرى منذ ذلك التاريخ – آذار/ مارس – 1948 وحتى آذار مارس 2022.

 

وقد انتهت اللقاء بوضع إكليل من الزهور على قبر بن جوريون، سبقها زيارة متحفه، فضلا عن ما حوته دلالات الزيارة والعشا وشجرة الزيتون وأطباق المائدة كلها دلالات لا تؤدى الى تأسيس شراكة اقتصادية لانها بذرة تذرع فى ارض النقب غير الصالحة والتى لن ينمو منها غير شوك الحسرة وركود الندامة ...

 

إرسال تعليق

0 تعليقات