نصر القفاص
يعيش العالم زمن الوفرة في إنتاج الكذب.. والمؤسف ان يكذب القادة والساسة
دون خجل أو خوف من ارتكاب هذه الجريمة.. فالحرب في أوكرانيا تؤكد ان الكذابين
احكموا سيطرتهم على اغلب أجهزة بث وترويج الأكاذيب.. تصور ان العالم عاش أخطر ساعة
من الكذب قبل يومين.. أخبار عن ضرب مفاعل نووي في أوكرانيا.. يخرج الرئيس الأوكراني
فجرا لنشر الفاجعة والتحذير منها.. يتصل به الرئيس الأمريكي.. يعلن وزير خارجية
أوكرانيا ان خطرا يتجاوز عشر مرات ماحدث في تشرنوبيل.. سيل من التصريحات لوزراء
وساسه.. مئات من خبراء آخر الزمان.. كلهم يتناولون كارثة مفاعلات
"زابروجيا" وأثرها على الدنيا.. كنت أتابع هذا الهول على الهواء..
أصابني الرعب والهم والنكد.. تمر ساعة وسط هذا الهلع.. تعلن وكالة الطاقة الدولية أن
الأمر بسيط.. تعلن روسيا ان المنطقة التي تضم ست مفاعلات تحت سيطرتها من أربع أيام..
تأكدنا ان الكذبة الكبيرة انكشفت.. لكن أمريكا وبريطانيا وفرنسا مع خدمهم يطلبون
جلسه لمجلس الأمن.. يتحدثون عن كارثه لم تقع.. يتحدث مدير الوكالة الدولية للطاقة
ليؤكد انهم يعلمون ان زابروجيا تحت سيطرة الروس من أربع أيام.. كلهم يسمعون ما
نسمع وتنقله الفضائيات ووسائل الأعلام.. لكن أمريكا والذين حولها يواصلون النحيب
ولطم الخدود والصراخ.. وتستمر الجلسة ليتكلم مندوب أوكرانيا فيقدم فقرته السخيفة..
وتمر الكذبة الكبيرة لتعقبها أكاذيب جديده، لدرجة انني أصبحت أشك أن ما يحدث في
أوكرانيا حربا.. فقد حولها الغرب الي أضخم إنتاج سينمائي في التاريخ.
الحقيقة انه هناك حرب صنع الغرب مسرحها.. وكانوا يعلمون ان ثمنها
شعبا ففي روسيا وأوكرانيا.. كانوا يعلمون ان النار ستأكلهم.. لم يخططوا لان
يحترقوا بنيران الحرب.. فإذا بالعقوبات التي أعلنوها تمسكك في أطرافهم.. اعتمدوا المصادرة
والتأميم.. صادروا حرية التعبير بفجور حين حظروا كافة وسائل الإعلام الروسية في
بلادهم ومنعوا مواطنيهم من أن يسمعوا صوت روسيا.. ادخلوا السياسة في الرياضة والثقافة
والفن.. حظروا السفر.. مارسوا البلطجة على دول لكي ينحني لهم حكامها!!
غرق العالم في الأكاذيب ومازالت عواصفه مستمرة.. وبقيت الحقيقة صامدة..
روسيا تجتاح أوكرانيا لتفرض إرادتها.. فالرئيس الروسي يؤمن بأن الحق تفرضه القوه..
والقوه ليست عسكريه فقط.. بل سياسيه واقتصادية وإعلاميه ودبلوماسيه.. لذلك انتصرت
مصر على فرنسا وإنجلترا وإسرائيل في حرب 56.. وانتصرت في حرب 73 بدعم روسي وقت
الاتحاد السوفيتي.. وانتصرت مصر على مؤامرات واشنطن بعد ثورة 30 يونيو.. وكل هذه
الانتصارات كانت بدعم روسي.. لكن صوت خدم الاستعمار فقط هو المسموح له ان يرتفع..
وذلك يجعلني لا أصدق ان إسرائيل أصبحت الطرف الفاعل إقليميا ودوليا باسم المنطقة..
تمنيت أن تكون كذبه.. لكنها الحقيقة.. لذلك أشعر بأنني افتقد زمن جمال عبدالناصر!
0 تعليقات