محمود جابر
منذ ان تأنسن الإنسان، من خلال التجمع الانسانى وبناء مجتمع تبادلى
على أساس تبادل السلع اللازمة للحياة فكانت هذا السلع أو الجهد كلهما يساوى المال
.
والمال هو أي سلعة يمكن استخدامها للتجارة وحدةً للحساب ولتخزين
القيمة. وقيمة المال تكتسب من قدرته الشرائية والتي تنخفض عادةً على مر السنوات
ويطلق على المال مسمى عصب الحياة، وذلك لأهميته البالغة في تلبية الحاجات وتحقيق
المنافع، وهو من ساهم في تطوير العلوم المالية وذلك لتعظيم حجم الأموال المملوكة
وبالتالي تعظيم المنافع.
وفى رحلة امتلاك المال والذى تحول من سلعة ما، إلى قطعة من الذهب
أو الفضة، ثم عرف الإنسان صك المعدن النفيس فى شكل عملة تقوم مقام السلعة وهو ما
عرف بالنقد..
ثم تطور النقد الذهبى والفضى إلى نقد معدنى ثم ورقى.
ومع التحول العالمي إلى الثورة الصناعية ثم الثورة المعرفية والرقمنة،
بدأت القطاعات المفصلية في الحياة اليومية في مواكبة التطورات في شكل التغيرات
التي أحدثتها التكنولوجيا الجديدة.
ماليا، كانت العملات المعدنية والورقية في السابق، تطورت إلى
البلاستيكية بنوعيها (الأوراق النقدية التي يدخل البلاستيك في صناعتها، وبطاقات
الفيزا والماستر كارد)، ثم إلى العملات الإلكترونية، تبعتها العملات الافتراضية.
ويمكن تعريف النقود، بأنها عبارة عن عقد يتعلق بحق التبادل بين
صاحب النقد وصاحب السلعة أو الخدمة، والذي يمكن التعبير عنه بأشكال مختلفة، مثل
المعادل العام، والنقود المعدنية الثمينة، والنقود الورقية، والنقود الإلكترونية،
وما إلى ذلك.
إذن، ما هي النقود الإلكترونية وماذا تختلف عن النقود الافتراضية؟
النقود الإلكترونية هي في الواقع إضفاء الطابع الإلكتروني على
العملة القانونية المصكوكة، والتى تشمل البطاقة المصرفية المشتركة، والبنك
الإلكتروني، والنقد الإلكتروني، وما إلى ذلك.
وهناك أيضا مدفوعات لأطراف ثالثة تم تطويرها في السنوات الأخيرة،
مثل Alipay وWechat Pay، إلى جانب PayPal، لكن المصدر الأصلي لهذه العملات
الإلكترونية هو النقود الورقية الصادرة عن البنك المركزي.
والسبب في إمكانية استخدام النقود الإلكترونية على نطاق واسع في
المرحلة الحالية، هو أنها تقلل من تكاليف معاملات العملة العادية إلى حد كبير،
وهذه الميزة الضخمة تجعل من الممكن أيضا للأموال الإلكترونية أن تحل محل العملة
التقليدية وتقلل مخاطر نقل الأموال المليونية أو التى تزيد عن الميلونية.
العملة المشفرة:
الفرق الأكثر أهمية بين العملة الافتراضية والعملة الإلكترونية، هو
الفرق بين المُصدر؛ العملة الافتراضية هي إضفاء الطابع الإلكتروني على العملة غير
القانونية، والتي يمكن فهمها ببساطة على أنها العملة المتداولة في العالم
الافتراضي ونتاج تطور مجتمع الإنترنت.
مكن شراء هذه العملات الافتراضية غالبا عن طريق إكمال المهام في
العالم الافتراضي، أو باستخدام عملة ورقية حقيقية، وتقتصر على التداول في بيئة
افتراضية محددة.
النقود الإلكترونية لها وظيفة التحويل والتسوية، وهي أيضا الوظيفة
الأساسية للنقود الورقية أو المعدنية. يمكن لهذا النوع من نشاط تسوية التحويل أن
يحل محل معاملة التحويل النقدي تماما ويقلل من تكلفة النقود الورقية في عملية
المعاملة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن النقود الإلكترونية لها وظيفة الإيداع؛
وفيما يتعلق باستخدام النقود الإلكترونية، فإن التحويل هو الوظيفة الأساسية، ويمكن
تحقيق وظيفة الإيداع والسحب بالكامل.
علاوة على ذلك، ستكون خطوات عملية الإيداع والسحب من خلال النقود
الإلكترونية أبسط؛ إلى جانب ذلك، فإن النقود الإلكترونية لها وظيفة التبادل، وهي
وظيفة ضرورية في المرحلة الحالية.
بينما يمكن تقسيم العملات الافتراضية عبر الإنترنت إلى فئتين:
الأولى : الفئة الأولى هي عملة اللعبة المألوفة:
في عصر ألعاب اللاعب الفردي، قام بطل اللعبة بتجميع العملة من خلال
هزيمة الأعداء وربح الأموال في صالات المقامرة، واستخدمها في شراء المعدات التي لا
يمكن استخدامها إلا على وحدة التحكم الخاصة به.
في ذلك الوقت ، لم يكن هناك "سوق" بين اللاعبين؛ ومنذ أن
أنشأت الإنترنت بوابات ومجتمعات لربط الألعاب، أصبحت العملات الافتراضية
"أسواقًا مالية" حيث يمكن للاعبين تبادل عملات اللعبة مع بعضهم البعض.
النوع الثاني: هو العملات الافتراضية على الإنترنت، أي تلك العملات التي تبلغ
قيمتها السوقية اليوم قرابة 2.3 تريليون دولار أمريكي، مثل بيتكوين ودوجكوين،
وإثيريومو أكثر من 9000 عملة أخرى.
النقود الإلكترونية والأموال الافتراضية غير ملموسة، وأهم فرق
بينهما هو المصدر؛ تسمى النقود الإلكترونية والأموال الافتراضية بشكل جماعي النقود
الرقمية...
وأصبح لها بنوك ومنصات تداول وأصبحت تقوم مقام النقد القانونى ولكن
بشكل محدود جدا..
الأصول الافتراضية:
الألعاب الالكترونية التى تسمح للاعب الفرد أن يشترى مهام وجيوش وأسلحة
ومهمات ( سلع ) أصبحت فى الآونة الأخيرة أكثر توسعا ... فى الآونة الأخيرة تصاعدت
مؤخرا ظاهرة شراء العقارات الافتراضية داخل منصات الميتافيرس؛ وهي عبارة عن قطعة
أرض أو مبنى افتراضي يتم شراؤه عبر خاصية Non-fungible token (NFT) "الرمز غير القابل للاستبدال"
لمحاكاة تجربة افتراضية معينة، مثل ممارسة إحدى الألعاب أو التسوق من أحد المتاجر
الافتراضية.
وقد لاقت هذه العقارات إقبالاً كبيراً من المطورين، فأعلن عدد من
الشركات العالمية عن شرائها قطع أرض افتراضية بمبالغ تصل إلى ملايين الدولارات،
وذلك عبر منصات ميتافيرس تعمل عبر "البلوك تشين"، وقالت عنها شركة إدارة
الأصول الرقمية Grayscale إنها توفر فرصة الحصول
على إيرادات سنوية تبلغ تريليون دولار. وهنا تُثار تساؤلات من قبيل ما هي العقارات
الافتراضية؟ وكيف تعمل؟ وما هي استخداماتها؟
صناعة العقارات الافتراضية:
مع إعلان شركة فيس بوك عن تحولها إلى شركة ميتافيرس، اتجهت أنظار
العالم إلى صناعة العقارات الافتراضية Virtual Real estate؛ وهي عبارة عن مساحة ثلاثية الأبعاد عبر
الإنترنت، يستطيع فيها المستخدمون ممارسة حياة افتراضية كاملة عبر أجهزة الواقع
الافتراضي والواقع المُعزز. فببساطة يستطيع المستخدم أن يرتدي نظارة الواقع
الافتراضية والقفازات الذكية، لكي يمارس تجربة افتراضية كاملة؛ مثل ممارسة لعبة
مفضلة أو حضور اجتماع عمل أو التسوق داخل أحد المتاجر الافتراضية.
وهذه التجربة غير المسبوقة، والتي لم تكتمل حتى الآن، تقوم على عدة
عناصر رئيسية؛ منها أجهزة الواقع الافتراضي والواقع المُعزز التي يعتمد عليها
المستخدم في القيام بتجربته عبر الميتافيرس، ووجود اتصال مستقر وقوي عبر شبكة
الإنترنت، فضلاً عن البرمجيات والجرافكس والنظم التي تسمح للمستخدم بمحاكاة الموقف
الذي يتعرض له، سواء كان اجتماع عمل أو شراء منتج أو خلافه.
لكن يتبقى أهم عنصر حتى تكتمل منظومة الميتافيرس، وهو وجود مساحة
افتراضية عبر الإنترنت تمثل الأرض الافتراضية، ويتم فيها بناء هذه النظم
والبرمجيات والعناصر التي سوف يستخدمها الأفراد لمحاكاة تجاربهم داخل الميتافيرس.
فالأمر ببساطة أشبه تماماً بحجز مساحة عبر خدمات الحوسبة السحابية.
وقد يكون هذا المكان عبر "سيرفرات" أو خوادم تابعة
للشركة نفسها، مثلما تسعى شركة فيس بوك لتحقيقه، فتقوم ببناء عالم الميتافيرس
الخاص بها عبر "سيرفراتها"، ويستطيع الأفراد التفاعل والتواصل والمحاكاة
داخل الميتافيرس الخاص بهذه الشركة عبر "سيرفراتها".
وقد يكون أيضاً عبر شركات أخرى وسيطة تقدم خدمات شراء أو استئجار
مساحة افتراضية عبر خوادمها لبناء الميتافيرس الخاص لعملائها. فقد تكون منصة تسمح
بشراء قطع أراضي وفقاً لأغراض متنوعة، وقد تكون لعبة تسمح للمستخدمين بشراء قطعة
أرض للممارسة اللعبة عليها، وقد تكون منصة تعليمية تسمح للمستخدمين بشراء قطعة أرض
لتنظيم ورش عمل ومحاضرات بداخلها.
وهذا الأمر تماماً مثل الفرق بين المطور العقاري الذي يقوم بشراء
قطعة أرض لبناء مول تجاري عليها مثلاً، وبين المستثمر الذي يقوم بشراء محل داخل
هذا المول. فهناك من يقوم ببناء الميتافيرس الخاص به بصورة كاملة مثل فيس بوك،
وهناك من يقوم ببناء وبيع بعض وحداته للزبائن والمستثمرين.
شراء أرض افتراضية:
هناك عدة منصات تقدم خدمات شراء افتراضية عبر منصاتها، مثل منصة Decentraland التي تسمح للزبائن
بالدخول على موقعها واختيار قطعة أرض افتراضية مقسمة إلى قطع محددة المساحة (16*16
متراً)، والدفع عبر عملة "الإيثيريوم" المُشيفرة التي تستند إلى خاصيةNon-fungible token (NFT) ؛ وهي بمنزلة عقد غير
قابل للاستبدال مسجل عبر نظام "البلوك تشين" يضمن ملكية صاحب هذه الأرض.
وبمجرد أن يقوم المستخدم بالدفع للمنصة عبر عملة "الإيثيريوم"، تصبح
الأرض ملكاً له ومسجلة عبر "البلوك تشين" بخاصية NFT، ثم يبدأ في استغلالها بالطريقة التي يرغبها.
وتسمح تلك المنصة، أي Decentraland، للمستخدم بأن يشاهد موقع القطعة التي سوف يختارها، ويعرف المواقع
المحيطة بها، والمستثمرين الآخرين الذين قاموا بالشراء بجوار قطعته الافتراضية،
والخدمات المقدمة القريبة منها، والمناطق التي تشهد إقبالاً كبيراً من الزائرين
لوجود أحد الألعاب الرائجة مثلاً قريبة منها؛ وهو ما يرفع من قيمة القطعة التي سوف
يشتريها لموقعها المتميز، تماماً مثل شراء قطعة أرض في الواقع.
وبالتالي عادة ما تتوقف قيمة الأرض الافتراضية التي سيتم شراؤها
على مساحتها وقربها من مناطق تشهد كثافة مرورية عالية، فضلاً عن مدى شهرة المنصة
أو اللعبة التي سيتم شراء قطعة الأرض بداخلها. فمثلاً، أعلنت شركة ميتافيرس جروب
عن شراء قطعة أرض على منصةDecentraland بقيمة 2.43 مليون دولار. كما قامت شركة Republic Realm، وهي شركة استثمار عقارية رقمية، بشراء قطعة
أرض أيضاً عبر المنصة نفسها مقابل مليون دولار تقريباً؛ حيث تشمل الصفقة شراء قطعة
أرض تتكون من 259 قطعة أو حوالي 65 متراً مربعاً من الأرض الرقمية، وهذا السعر
يعتبر أعلى قليلاً من متوسط سعر المنازل في مانهاتن.
استخدامات عديدة:
ثمة استخدامات عديدة ومتنوعة للميتافيرس، فيمكن مثلاً تأسيس شركة
عبر الإنترنت ليس لها مكان فعلي في الواقع، إذ يمكن بناء مقار افتراضي لها داخل
الميتافيرس، محدد بالعنوان والمكان والموقع، بحيث تستطيع من خلاله استقبال
العملاء. كما يمكن بناء أماكن لإجراء اجتماعات العمل، وبدلاً من أن تتم عبر تطبيق
"زوم" مثلاً، تتم عبر الميتافيرس داخل أحد القاعات المجهزة التي تم
بناؤها افتراضياً. والأمر نفسه ينطبق على المؤسسات والشركات التي تقدم خدمات
تعليمية ودورات تدريبية عبر الإنترنت، حيث تستطيع بناء كيان لها داخل الميتافيرس.
كل ما في الأمر أن الشركة، على سبيل المثال، تقوم بشراء قطعة أرض
افتراضية عبر إحدى المنصات، ويتولى فريق التصميم والتطوير الخاص بها بناء مقرها
فوق هذه الأرض؛ فيتم تصميم المبنى والمكاتب الداخلية ومناطق خدمة العملاء وكافة
التفاصيل الواقعية لكن داخل مبنى افتراضي. ثم يقوم الموظفون أو العملاء بالدخول
إلى هذا المبنى عبر أجهزة الواقع الافتراضي والواقع المُعزز، فيتم ارتداء النظارة
الافتراضية والتجول داخل هذا المبنى ومقابلة أحد الموظفين المختصين، على سبيل
المثال.
لكن الاستخدامات الأكثر رواجاً في العقارات الافتراضية هي بناء
مساحات لممارسة ألعاب الفيديو مثل لعبةAxie Infinity
والتي يستطيع المستخدمون شراء قطعة أرض بداخلها والبناء عليها
لممارسة اللعبة، أو لعبة sand box والتي يستطيع المستخدمون أيضاً شراء قطعة أرض للبناء وممارسة
تجاربهم الافتراضية عليها.
كذلك يمكن شراء قطعة أرض لعمل مكان للتجمع وإقامة الحفلات بداخله،
أو عيادة طبية لممارسة الطب عن بُعد واستقبال المرضى "أونلاين"، أو بناء
محل لشراء الملابس، أو حتى شراء قطعة أرض افتراضية لبناء منزل واستقبال الضيوف
بداخله. فكل ما هو مطلوب فقط ارتداء النظارة الافتراضية والتجول بحرية تامة.
لكن يبقى السؤال مطروحا ما علاقة بما يدور فى العالم وهل هذا مدخل
لانهيار الحكومات والدول وانتهاء عصر قدرة الدولة على ضبط التعامل من خلال النقد
هذا ما يحتاج الى حلقة أخرى ..
0 تعليقات